لا يختلف اثنان على أن عملية اختيار محترفي الدوري هي شبه انتقاء البطيخ، حيث لا يمكن معرفتها «حمراً أو قرعاً» إلا بعد الشراء، وتجربة الموسم الماضي خير دليل حيث لم يستمر سوى محترف وحيد رفقة فريقه والحديث عن محمد أنس مهاجم الوحدة، فمنهم من غادر في فترة الذهاب ومنهم القليل من أكمل الإياب من دون أن يجدد إقامته في نزل الدوري السوري.
وبالحديث عن نادي تشرين الذي ابتعد عن ضم محترفين أجانب في الموسم الماضي بعد استغنائه مبكراً عن البرازيلي أوليفيرا، فقد غير من سياسته هذا العام واستقدم لاعبين إفريقيين لتعويض الرحيل الجماعي للاعبي العام المنصرم، واعتمد في ذلك على الكاميروني كلود إيكييه والمالاوي كودا مياوا، واتجهت أنظار المتابعين لهما بطبيعة الحال خلال الفترة التحضيرية للموسم لمحاولة تقييم الصفقات وتوقع نجاحها من عدمه.
مبدئياً تكمن النقطة الإيجابية بخصوص التعاقدات مع لاعبين أجانب لكون عقودهم أقل من اللاعبين السوريين الدوليين منهم أو المميزين، وإمكانية التفاهم المادي على أساس رواتب شهرية وليس مقدمات عقود ضخمة، وهو العامل الأهم في اتجاه إدارة النادي اللاذقي نحو هذا الخيار رغم خطورته، فأوضاع حامل لقب الكأس الإدارية والمادية بداية الموسم لم تكن في أفضل أحوالها وخاصة عند بدء المفاوضات.
في حين تبرز عوامل سلبية كثيرة منها قلة المعرفة بمستوى اللاعبين الحقيقي قبل التوقيع والاعتماد على مقاطع الفيديو ومعلومات اللاعب على موقع ترانسفير ماركت، إضافة لعامل انسجام اللاعبين مع أجواء المدينة والفريق واختلافه بين لاعب وآخر، من دون نسيان عامل اللغة وسط غياب للمترجمين المحترفين داخل أروقة الأندية السورية.
وبعد مرور جولتين من عمر الدوري يمكن القول إن النظرة الفنية المكونة عن كلود وكودا خلال الفترة التحضيرية هي نظرة خاطئة، وهي ليست وجهة نظر الجمهور فقط بل المعنيون أيضاً، حيث لم يقنع الكاميروني مسؤولي الفريق وكان قاب قوسين من الانضمام لفريق الجيش بعد الاستغناء عنه رسمياً من البحارة، إلا أن الفراغ الحاصل في وسط ميدان الفريق عجل بعودته لملعب الباسل، بل قدم أداء جيداً نسبياً أمام الجيش في دمشق والطليعة في اللاذقية ونال ثناء مشجعي الفريق الأصفر، على عكس كودا الذي لم يظهر بالشكل المطلوب في اللقاء الافتتاحي وأهدر فرصاً محققة في مواجهة الطليعة الأخيرة، الأمر الذي أقلق المتابعين وأعاد للأذهان مشكلة المهاجم المستعصية رغم تقديمه عرضاً جيداً خلال دورة تشرين الكروية الودية والتي تعتبر الفترة التحضيرية الموسمية للفريق الأصفر حيث تحصل على لقب هداف البطولة بأربعة أهداف أهمها في الديربي أمام الغريم التقليدي حطين.
ويبدو أن كودا لم يتأقلم بعد مع أجواء الفريق الساحلي، والأمر يعود لشخصية اللاعب بداية، حيث لا يخلو سجله من المشاكل الانضباطية إضافة لملاحظات حول منشوراته الساخرة عقب إعلان المدرب باتريك مابيدي قائمة منتخب مالاوي المشاركة في تصفيات أمم إفريقيا والتي لم تحتو على المهاجم الأسمر، حيث يبحث كودا عن العودة لصفوف المنتخب الذي سبق أن مثله في سبع وعشرين مناسبة سجل خلالها خمسة أهداف.
خلاصة القول إنه لا غرابة في تخوفات المتابعين من أداء المحترفين أو في شكوكهم حول استمرارية وثبات مستواهم، إلا أنه لا خيار لتشرين وكادره الفني سوى اللعب على إمكانات اللاعبين ومحاولة توظيفهم في خدمة الفريق الساعي للمنافسة على بطولة الدوري لهذا الموسم.