من دفتر الوطن

نعية النخبة!!

| عبد الفتاح العوض

نستطيع أن نعلق نعية النخبة، فقد كنا نقول إنها نائمة وظننا أنها في سبات، وفي بعض الأحيان اعتبرنا أن غيابها مبرر لأن وجودها غير فاعل.. لكن الذي حدث وخاصة في نوعية الاصطفاف الأعمى يدعونا لنعلق نعيتها مع كثير من الأسف.
كيف يمكن أن يتحول «مثقفون» كبار أو هكذا كنا نسميهم إلى مجرد موظفي سياسة من الدرجة العاشرة.
الفارق بين المثقف والسياسي أن المثقف محكوم بقيم نبيلة، على حين السياسي مرسوم بخطوط المصلحة والمنفعة.
الآن مثقفون معارضون أصبحوا مجرد أجراء صغار في سفارات دول «صغيرة»!! إن لم تكن بمساحتها، فبدورها نخبة المعارضة تلك القادمة من خلفية ثقافية، وحتى تلك التي جاءت من كراسي السلطة، ووصلت إليها من باب الثقافة، يتحدثون بلغة مقرفة لا تليق بعنصر حقير من أولئك الذين قرأ عنهم «المثقف» في روايات عبد الرحمن منيف.
مثقفون موالون أيضاً خلعوا كل أثواب الفكر ولبسوا حزام اللغة التحريضية المنفعلة جداً.
ما الذي يجعلنا نعود إلى الحديث عن النخبة المثقفة؟
ببساطة في المراحل الأولى لهذه الأزمة كان ثمة اعتقاد بأن هذه الفئة المجتمعية يمكن أن تقوم بدور من يقدم الحلول ويمنع الذهاب بعيداً في الأمر.
بشكل أو بآخر.. ولأسباب كثيرة لم تفعل أو أنها لم تحاول، أو دعنا نصل إلى أنها لم تستطع.
أثناء حمأة الأزمة لا أحد ينتظر منها شيئاً، فأصوات «المدافع» لا تسمح بأي صوت آخر.
لكن.. والآن قد بدأ الحديث عن حوار أو مفاوضات، فإنه من المهم أن تعود النخبة من سباتها، وأن تتحدث بصوت معتدل ومسموع ومقبول.
أما مثقفو المعارضة فعليهم أن يعودوا إلى «ثقافتهم» وأن تكون مرجعيتهم وطنيتهم، وليس حساباتهم المصرفية أو أشياء أخرى لا علاقة لها بالفكر والضمير والثقافة.
اللغة الوقحة والمتطرفة والساقطة والمفتعلة ليست الأدوات المناسبة للمثقف السوري.
لا أظن أننا نمتلك ما يؤهلنا للتفاؤل بأن المثقفين من كل الأطراف يسيرون نحو لغة تجمع ولا تفرق.
عليهم أن يتأكدوا أن الغايات النبيلة لا تتم بوسائل حقيرة، وأن وضع اليد مع التطرف الديني ليس إلا النوم مع الأفاعي.
لا أستطيع أن أفرق بين الداعشي الذي قتل أمه والمثقف الذي يقتل وطنه!!
لكن أسوأ ما لدينا عن براهين موت المثقف أن الكثير والكثير جداً مما هم في خانة الثقافة والعمل الإعلامي والإبداعي والفكري تحولوا إلى عتاة الطائفية.
لغة طائفية نتنة تخرج من أفواههم.
تجد أحدهم وبكل وقاحة.. يقول رأيه ويختم بأنه إذا «بدك تعتبرني طائفي هيك.. أنا يا سيدي طائفي»!!..
هل من حل؟!
لدينا حاجة ماسة لتشكيل جماعات من المجتمع المدني لتكافح الطائفية.. مثلما تكافح الإرهاب.. والعنصرية..
أتساءل: كيف نملك جمعيات لمكافحة الإيدز وليس لدينا جمعيات لمكافحة الطائفية؟!!

أقوال
• من الخطر أن تكون على حق عندما تكون الحكومة على خطأ. فولتير
• السياسة اقتياد قلوب العامة بالإنصاف لها. عبد الملك بن مروان

تمديد الفساد
ما يحدث الآن من تمديد لبعض المديرين العامين ليس إلا تمديداً للفساد، فمهما كانت عبقرية المدير، فلدينا من يستطيع أن يكون بديلاً منه لكن الذي يحدث أن من يتم التمديد له يمتلك واسطة ثقيلة، وعادة الوساطات الثقيلة مثل الآليات الثقيلة تحتاج إلى وقود لتتحرك. توقفوا عن التمديد توفيراً للوقود!!!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن