اقتصاد

معلومة: «نادي روما» لا يهتم بالفوتبول!

| د. سعـد بسـاطـة

منذ مطلع الألفـية الثالثة تنتاب كوكبنا كوارث لم تكن بالحسبان؛ حروب أهلية؛ جفاف؛ فيضانات؛ زلازل؛ أعـاصير؛ جوائح (آخرها الكورونا وأخواتها)! مترافقة في الوقت ذاته بتحليلات وتصريحات حول مؤامرة كونية مزعـومة لإنقاص عـدد البشر بشكل قسري.

وهي نتائج أو أسباب لتوقف أو تقهقر الاقتصاد؛ المزمع عـنه أنه يهدف لرفاه الشعـوب!

كل هذا يستدعي للذهن نبوءة مالتوس الموصوفة بالتشاؤمية في بدايات القرن التاسع عـشر؛ الذي دعـا في نهايتها للحد من النسل – بأي شكل-؛ كي يكفي عـالمنا بموارده «المحدودة» حاجات البشر «غـير المحدودة»!

تزامن هذا مع تناول وسائل الإعلام موضوعـات الطاقة البديلة؛ وتقحم اسم «نادي روما» عـرضاً بين الأسطر؛ هنا سألني صديق ((هل هو ناد منافس بكرة القدم لإنتر ميلان))؟ عـندها بدأت أخط هذا المقال.

نادي روما هو مركز أبحاث يهتم بمختلف القضايا السياسية والدولية. أسس في 1968 وبدأ اهتمامه بالشأن العام في 1972 بتقريره «حدود النمو The Limits to Growth». وتبعاً لنظريته، فإن الإنسان هو: بالعـادة «عـدو البشرية»، لذا فالديمقراطية ليست مناسبة للفترة التالية. وبذا، فنتاج البشر: الزيادة السكانية، الاحترار العالمي، أزمة المياه، والمجاعات الناتجة عـن الإنسان هي أهم أخطار محدقة بالبشرية.

أسس نادي روما في 1968 الاقتصادي الايطالي أورليو رتشي، وألكسندر كنك، العالم الاسكتلندي. وشمل بالبداية مجموعة دولية صغيرة من الأشخاص في مختلف المجالات الأكاديمية، المجتمع المدني، والدبلوماسي، وقبل كل شيء: الصناعي، وكان لقاؤهم في فيلا بروما، إيطاليا، ومن هنا جاء الاسم. الآن: نادي روما يضم «علماء واقتصاديين ورجال أعمال، وكبار مسؤولي دول عديدة ورؤساء دول سابقين من القارات الخمس، يجمعهم اعتقاد ثابت بأن مستقبل البشرية لن يبقى ثابتاً للأبد وأن كل فرد يجب أن يساهم بإمكاناته للمساهمة في تحسين مجتمعاتنا.»

من العـام 2008 والنادي يشغـل مقره الرئيسي في ونترثور/سويسرا. وضمن الأعضاء الناشطين فيه شخصيات مرموقة من كل أنحاء المعـمورة.

ويمثـّل اللقاء السنوي الذي عـقد في نورفوك، فرجينيا، في جامعة أولد دومنيون الفكر السياسي الجديد؛ وقد تبنى نموذج حدود النُّمو، الذي يشير إلى أن الاتجاهات المتفاقمة لنمو السكان وتدنِّي إنتاج الغذاء وتلوث البيئة ونضوب الموارد يمكن أن تجعل معدلات النُّمو الحالية تصل إلى نهايتها خلال مئة السنة المقبلة. وهذا يسمى نموذج نادي روما؛ لأن الدراسة بدأها النادي وأشرف عليها معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا MIT.

تشير تلك الدراسة إلى أن معدل نمو السكان يكون بشكل أُسِّي قياساً بالمعروض من الغذاء الذي يتناقص بمرور الزمن، كما أن الإنتاج الصناعي سوف ينخفض أيضاً نتيجة نضوب الموارد المعدنية في باطن الأرض وكذلك الوقود الأحفوري أيضاً، ثم ستنتشر المجاعة بنهاية مئة السنة المقبلة. غـنيّ عـن القول إن تلك النظرية قد تعرضت للعديد من الانتقادات؛ حيث إنها افترضت محدودية التقدم التكنولوجي رغم أن هذا المتغير ينمو على نحو متزايد، كما أن النُّمو السكاني الذي افترضته الدراسة ينمو بصورة سريعة يمكن الحد منه، وأن النموذج يتجاهل أهمية العـلم باعتباره حافزاً للاقتصاد لاستخدام الموارد النادرة والبحث عن بدائل متاحة!

نطرح في الختام رأي أحد أهم العـلماء البريطانيين (والمتأثر بمالتوس) ألا وهو تشارلز داروين (الذي تضاربت الآراء بشأن تقييم نظريته بالنشوء والارتقاء) فقد نتطـلع لحل المأزق بجملة واحدة «البقاء للأكثر ملاءمة»؛ فهل كان يلمـّح إلى اقتراب كارثـة وشيكة؛ تحد من التزايد البشري؟ وبالتالي تعـيد للعـالم توازنه البيئي بحيث لا يبقى إلا من يستحق البقاء!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن