انخفاض أسعار المواد الغذائية في العالم.. ماذا عن سورية؟ … كوسا لـ«الوطن»: المنتجات في سورية محكومة بالتكاليف المضافة داخلياً إضافة إلى مرابح الحلقات الوسيطة
| جلنار العلي
يقول خبراء الاقتصاد دائماً: إن الاقتصاد السوري مرتبط بالاقتصادات العالمية ويتأثر بالأزمات، لذا فمن الطبيعي أن يرتفع سعر أي مادة محلياً نتيجة ارتفاعها عالمياً، وهذا الأمر تعتبره الجهات الحكومية مبرراً تقدمه للمواطنين عند صدور قرار ارتفاع سعر أي مادة كالمشتقات النفطية على سبيل المثال، ولكن الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات أن الأسعار لا تتأثر إيجاباً بانخفاض الأسعار العالمية، فليكن المثال هنا عن أسعار المواد الغذائية، إذ أكدت منظمة الأغذية والزراعة العالمية «الفاو» في تقريرها الأخير الذي نشرته في شهر أيلول الماضي، أن متوسط مؤشر أسعار الأغذية انخفض بمقدار 2.1 بالمئة في شهر آب عن مستواه في شهر تموز، وقد أظهر هذا التراجع انخفاضاً في أسعار مؤشرات منتجات الألبان والزيوت النباتية واللحوم والحبوب.
وبالإسقاط على الواقع السوري، لم تشهد هذه المواد المذكورة في تقرير المنظمة أي انخفاض يذكر بل على العكس تماماً، واصلت ارتفاعها بشكل كبير، فما السبب؟ وما العوامل التي تتأثر بها الأسعار محلياً والتي تمنع انعكاس أي تحسن عالمي عليها؟
الخبير الاقتصادي محمد كوسا اعتبر في تصريح خاص لـ«الوطن» أن الأمر لا يرتبط بشكل وثيق بالأسعار العالمية التي من الممكن أن تنخفض نتيجة لانخفاض التكاليف أو زيادة الإنتاج عالمياً وما إلى ذلك، ولكن بالنسبة لأسعار الأغذية محلياً فإن الأمر يختلف، فمثلاً تكاليف إنتاج المواد الزراعية محكومــة بعدة أمور منها: أسعار السماد والمياه التي تحد من المساحات المزروعة نتيجة لقلتها، إضافة إلى ارتفاع أجور النقل لكونها تخضـع إلى أسعار الطاقــة التي تعد مرتفعة أيضاً، والتي تدخل بشـكل أساسي في العمليــة الزراعيــة للري والتدفئة والرش وغير ذلك، ناهيك عن الحلقات الوسيطة التي لا تقبل بهامش ربح مقبول، فمثلاً عندما يطرح المنتِج مادة ما بسعر 2000 ليرة على سبيل المثال، فإن هذه الحلقات تضيف الكثير من التكاليف على هذا السعر منها النقل والتخزين والتبريد، معتبراً أن كل هذه العوامل تعطي مؤشراً واضحاً لإمكانية ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية.
وتابع: «لذا فإن المنتجات في سورية محكومة بالتكاليف المضافة داخلياً حتى وإن كانت مصنّعة محلياً على اعتبار أنها تحتاج إلى مواد أولية تكون مستوردة من الخارج والتي تتأثر بمعدلات التضخم العالمية، إضافة إلى الحصار الاقتصادي المفروض على سورية ما يتطلب تكاليف عالية لإيصالها إلى الداخل».
وفي سياق متصل، أشار كوسا إلى أن أسعار المواد الغذائية ترتفع بسبب قلة الإنتاج نتيجة أزمة المياه الحاصلة مؤخراً، فمادة الثوم على سبيل المثال أحجم الكثير من الأشخاص عن زراعتها نتيجة ارتفاع أسعارها محلياً وعدم إقبال الناس على شرائها، ما أدى إلى قلة العرض، إضافة إلى أن الخطط الزراعية الموجودة لا توضع بدقة وبإدارة محكمة، وفيها ثغرات تتسبب باختراق الخطط وزيادة التكاليف، مؤكداً أن الأسعار تحتاج إلى إيجاد سياسة لإدارة المنتجات الزراعية وضبط تمويني لها.