من انتخابه حتى إقالته.. دروبه «متعثرة» وسط انقسام بين الجمهوريين … «النواب» الأميركي يعزل رئيسه مكارثي في سابقة بتاريخ الولايات المتحدة
| وكالات
فيما بدا أن أزمة كيفن مكارثي في مجلس النواب الأميركي ليست وليدة الساعة بل تعود إلى بدايات العام الجاري، وافق المجلس الذي يسيطر عليه الجمهوريون على اقتراح بإقالة رئيسه مكارثي في خطوة غير مسبوقة وسط الاقتتال الداخلي بين الجمهوريين، بعد أن اعتمد الأخير على أصوات الديمقراطيين لتمرير مشروع قانون تمويل مؤقت لتجنب إغلاق الحكومة الفيدرالية.
ومساء أول من أمس الثلاثاء مرّر المجلس، بأغلبية جمهورية ضئيلة، الاقتراح بأغلبية 216 صوتاً مقابل 210 أصوات، مع انضمام ثمانية جمهوريين إلى الديمقراطيين لإقالة مكارثي من منصبه، وجاء التصويت بعد أقل من يوم واحد من إعلان النائب الجمهوري المتشدد مات غيتس قراراً بإقالة مكارثي من خلال عملية تعرف باسم «اقتراح لإخلاء المنصب»، وذلك وفق ما ذكر الموقع الإلكتروني لقناة «سي سي تي في» الصينية.
وحذر غيتس وغيره من الجمهوريين المتشددين لأسابيع من أنهم سيتحركون للإطاحة بمكارثي من منصبه كزعيم للمجلس إذا اعتمد الأخير على الديمقراطيين لتمرير مشروع قانون التمويل.
وقال زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب، حكيم جيفريز، في بيان أول من أمس: إنه في ظل الأغلبية الجمهورية، تمت إعادة هيكلة المجلس لتمكين المتطرفين اليمينيين، والخضوع لمطالبهم القاسية وفرض إيديولوجية حزبية صارمة.
وأضاف جيفريز: إنه نظرا لعدم رغبتهم في الابتعاد عن تطرف «ماغا» أي «لنجعل أميركا عظيمة من جديد» بطريقة حقيقية وشاملة، ستصوّت القيادة الديمقراطية في مجلس النواب بنعم على الاقتراح الجمهوري المعلق بإخلاء منصب الرئيس، في إشارة إلى شعار «اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى» الذي أشاعه دونالد ترامب خلال حملته الرئاسية في عام 2016.
وفي اللحظة الأخيرة لتجنب الإغلاق الحكومي، أصدر مكارثي مشروع قانون تمويل مؤقت صباح السبت الماضي، والذي من شأنه أن يبقي تمويل الوكالات الفيدرالية عند المستويات الحالية حتى منتصف تشرين الثاني المقبل، ويتضمن تمويلاً بقيمة 16 مليار دولار أميركي للإغاثة من الكوارث.
ووافق كل من مجلس الشيوخ ومجلس النواب على مشروع القانون يوم السبت، ووقّع عليه الرئيس جو بايدن ليلة السبت، قبل دقائق قليلة من انتهاء تمويل الحكومة الفيدرالية لهذه السنة المالية.
وجاء اقتراح مكارثي مفاجأة، بعد أن حاول تقديم مشروع قانون تمويل يتضمن تخفيضات كبيرة في الإنفاق وأحكاماً تتعلق بأمن الحدود، وذلك في محاولة لكسب تأييد المحافظين الجمهوريين بأغلبية ضئيلة في مجلس النواب.
ورحّب الديمقراطيون والبيت الأبيض بقرار مكارثي بطرح مشروع قانون التمويل المؤقت «النظيف»، لكنه أزعج بعض الجمهوريين، ولاسيما المتشددين في الحزب بمجلس النواب، الذين كانوا يريدون تمرير مشروع قانون دون دعم من الديمقراطيين وهددوا بإقصائه من أعلى منصب قيادي في مجلس النواب.
ويحتاج مجلس النواب الآن إلى انتخاب رئيس جديد، ولكن ليس هناك توافق ساعة إعداد هذا الخبر حول من قد يكون قادراً على ملء المنصب الشاغر.
بدورها، سلطت قناة «سكاي نيوز عربية» الضوء على الأزمات التي اعترضت مسيرة مكارثي منذ بداية العام الجاري، عندما كان وصوله لرئاسة المجلس صعبا ومتعثرا واستغرق 15 جولة من التصويت وهو أمر لم يحصل في التاريخ السياسي الأميركي منذ 160 عاماً.
وتمكن مكارثي من الوصول إلى رئاسة المجلس بصعوبة بالغة، بعدما تسببت مجموعة من اليمينيين في الحزب الجمهوري في إفشال محاولات انتخابه، ما وضع الحكومة الأميركية في موقف صعب لم تشهده الولايات المتحدة منذ حقبة ما قبل الحرب الأهلية، وفق «سكاي نيوز».
ورفضت المجموعة المكونة من 20 نائباً جمهورياً متشدداً منح مكارثي الأصوات الـ218 اللازمة لفوزه بالمنصب، وإثر مفاوضات شاقة، خضعت المجموعة المؤيدة للرئيس السابق دونالد ترامب في النهاية وأصبح مكارثي رئيساً.
وصوت مجلس النواب، لعزل مكارثي في سابقة بتاريخ الولايات المتحدة تجسّد مدى الانقسامات التي يعاني منها الحزب الجمهوري.
وأثار القانون الذي تبناه الكونغرس بمجلسيه «النواب» و«الشيوخ» لتجنب الإغلاق الحكومي جدلاً واسعاً بشأن مستقبل الدعم الأميركي لأوكرانيا، بعدما أدى إلى استبعاد المزيد من التمويل العسكري من اتفاق الكونغرس بشأن الميزانية في اللحظة الأخيرة، ويتعين على المشرعين حالياً النظر في مشروع قانون منفصل يتعلق بـ24 مليار دولار من المساعدات العسكرية والإنسانية لأوكرانيا، والتي أراد الرئيس جو بايدن إدراجها في الميزانية الأخيرة، على حين قد يجرى تصويت عليها أوائل الأسبوع المقبل.
ولطالما أعرب مسؤولون أميركيون من بينهم بايدن عن ثقتهم في أن الكونغرس سيواصل تزويد أوكرانيا بـ«مليارات الدولارات» من المساعدات لضمان دعمهم في مواجهة روسيا، حتى مع تصاعد التوترات في واشنطن بين الجمهوريين والديمقراطيين.