من المؤكد أن جميع دول المنطقة العربية والإسلامية حكاماً وشعوباً لا يمكن أن تقبل البتة بالسكوت على ظاهرة الشذوذ الجنسي والاجتماعي في بلدانها وترفض بكافة الأشكال إدخاله إلى مجتمعاتها أو الانخراط في برامج العالم الأميركي والغربي الاجتماعي التي تقر بالشذوذ والتحول الجنسي وتشجع على انتشاره وعلى محاولات فرضه عليها. فجميع دول المنطقة باستثناء إسرائيل ترفضه وتعده من أكبر الكبائر من ناحية دينية واجتماعية ووطنية وإنسانية ومن أفدح الأخطار على مستقبل شعوبها وعلى البشرية والقيم العظيمة التي حافظت عليها وتمسكت بها منذ الخليقة
وبالمقابل يجد الجميع أن إسرائيل هي الكيان الوحيد الذي أقرت مؤسساته القضائية السيادية والاجتماعية إعطاء الشرعية القانونية للشاذين من الذكور ومن الإناث منذ عام 1979 وتحولت بفضل شرعنة هذه البنية التحتية البشرية الشاذة إلى قاعدة لنشر هذه الظاهرة التي يندد بها ويناهض وجودها المجتمع العربي ومعتقداته الدينية الإسلامية والمسيحية في داخل الأراضي المحتلة منذ عام 1948 وفي الضفة الغربية والقدس وفي دول المنطقة. وتشير المصادر العبرية الصحفية إلى أن جمعية الشاذين الإسرائيلية كانت قد تأسست عام 1979 ومنحها في عام 2010 رئيس دولة الكيان شمعون بيريس «وسام إسرائيل» الذي يمنح عادة لكل جمعية أو شخصية إسرائيلية تقدم خدمة كبيرة لإسرائيل ومجتمعها. وذكرت صحيفة «هآريتس» الإسرائيلية في 11 كانون الثاني عام 2012 أن زيادة أعداد الشاذين جعل تل أبيب تتحول علناً إلى أكبر مدينة للشاذين في الشرق الأوسط.
وفي 18 أيار 2018 نظمت جمعية الشاذين الإسرائيليين في الكيان أكبر مسيرة في ساحة الملوك في تل أبيب حشدت فيها أكثر من ثمانين ألفا من الأعضاء المسجلين في مجتمع الشواذ الإسرائيلي تحت شعار «الفخورون بالشذوذ»، وفي عام 2021 أنشأت مركزا للأبحاث « lgbtq-research. org. il» بهدف الدفاع عن الشاذين وتشجيعهم على الإعلان عن شذوذهم وحماية حقوقهم داخل الكيان وفي المنطقة، واتخذت قيادة جيش الاحتلال قرارا بضم أي من الأفراد الشاذين من الخارج أومن الإسرائيليين إلى صفوفه. ويذكر أن رئيس الكنيست البرلمان وهو من قادة حزب الليكود، احتفل في عام 2023 في منبر الكنيست بهذا المنصب بحضور شريكه الشاذ كزوج وبصحبتهما طفلان شرع القانون تبنيهما كطفلين لهما.
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» في الثاني من شهر تموز 2022 أن الجمعية بدأت تتحرك في ساحة الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة منذ عام 1948 لتسجيل كل من يرغب في جمعية الشاذين والانتساب إلى مؤسساتها من الذكور والإناث وهو ما يعد إعلان حرب على قيم وثقافة ومعتقدات الفلسطينيين الدينية والوطنية والاجتماعية. وكان القضاء الإسرائيلي قد أقر قوانين لحماية الشاذين الإسرائيليين وعاداتهم وحقوقهم في الداخل وفي الدفاع عنهم في الخارج حين يتنقلون في دول العالم.
وتؤكد وسائل الإعلام الإسرائيلية أن جمعية الشاذين الإسرائيلية ومركز أبحاثها تحولت إلى مؤسسة تضع في برنامجها مهمة حماية الشاذين في المنطقة وتشجيعهم على الكشف عن أنفسهم علناً بهدف تشكيل منظمة إقليمية – إسرائيلية لهم، وخاصة أن التشريعات والقوانين في الدول العربية والإسلامية في الشرق الأوسط تحظر كل أشكال الشذوذ وتمنع وجوده العلني أو غير العلني في مجتمعاتها، وبهذا الشكل يريد الكيان تحويل نفسه إلى قاعدة إقليمية لنشر الشذوذ تدعمها مالياً وسياسياً الولايات المتحدة ودول الغرب وتعمل على استهداف كل المعارضين والمتصدين لهذه الظاهرة في المنطقة.
الغرب تبنى سياسة استخدام الضغوط الاقتصادية والسياسية على الدول التي تعلن عن رفضها لهذا الشذوذ! وتهدد واشنطن بمعاقبة الدول والمؤسسات التي تناهض الشذوذ وتعارض شرعنته في مجتمعاتها إلى حد دفع اليهود في إسرائيل إلى معاملة المناهضين للشذوذ بنفس معاملة المتهمين بـ«معاداة السامية» التي تعد كل انتقاد للكيان وما يفعله في فلسطين المحتلة معاداة للسامية. وعلى الرغم من رفض الشريعة الدينية اليهودية للشذوذ إلا أن الصهيونية وكيانها لم يكن يهمهما من الدين سوى استخدام اليهود الأوروبيين لاغتصاب فلسطين وخدمة الاستعمار والإمبريالية اللتين ابتكرتا مع الصهيونية مجتمعات الشذوذ في العالم وجعلتا من الكيان قاعدة لتدمير الحضارة العربية والإسلامية والمسيحية في المنطقة.
وقد لا يمر زمن طويل على المنطقة إلا ونرى علناً مزيداً من المحاولات الإسرائيلية المحمومة لتدمير قيمنا العربية الإسلامية والمسيحية الحضارية الأخلاقية التي توحدنا ولذلك أصبح السؤال الذي يتطلب الإجابة هو هل سنصمت أمام هذا التحدي الذي يعرض كل قيمنا ووجودنا لأفدح الأخطار في السنوات أو الأشهر المقبلة؟