ثقافة وفن

الشهادة في أسمى معانيها من أجل الأوطان … قصيدة نحن.. يمليها ويبدعها دم الشهيد.. وجلّ العود والوتر

الخالدون- سليمان العيسى

ناداهمُ البرقُ فاجتازوهُ وانهمروا
عند الشهيد تلاقى الله والبشرُ
ناداهمُ الموتُ فاختاروهُ أغنيةً
خضراء ما مسّها عودٌ ولا وترُ
تقدّس المطرُ المجدولُ صاعقةً
وزنبقاً يا شموخ الأرض يا مطرُ
لا تفلتي قبضة التاريخ من غدنا
أطفالك السمر يا صحراء قد كبروا
ريشٌ على صهوات الريح فجرها
بالمعجزات وريش راح ينتظرُ
تشرينُ يا موعد الفرسان يا قدراً
يجثو على قدمي ميلاده القدرُ
أطلقتها من جحيم اليأس قافلةً
من العطاش بقنديل الضحى كفروا
بكرمة الضوء كادت كل بارقةٍ
على حزيران يا تشرين تنتحرُ
أطلقتها فسماواتي على بردى
سكرى تعانق فيها الحب والخطرُ
تعانق النسر والتاريخ ملحمةً
وكبـّر العشبُ والينبوعُ والحجرُ
تعانق الفارس المقدود من ألمٍ
والتل فالعاشقان التل والشررُ
من أين؟ قالوا: كرومُ الصيف قد عمقت
من أين.. كل نبيذ المجد يعتصر؟
الخالدون على أهدابنا نبتوا
عرائشُ الزّهوِ في أحداقنا سهروا
تنام أطفالنا تصحو على قصصٍ
وينسجون الرؤى منها إذا كبروا
ويسألون فنعطيهم ونسحرهم
آباؤهم فوق ما نعطي وما سُحروا
صار الصغيرُ يمدّ اليوم قامتهُ
أبوه بالغيمة الحمراء يعتمرُ
لم ننطفئ.. أيها الساقون من دمنا
أفعى تأله فيها البغي والأشر
لم ننطفئ.. وكأسلاف لكم.. خبر
أنتم على رملنا.. إن ننتفض.. خبرُ
يا شام مدي بساط الحب واحدة
كأس العروبة وليخضوضر السمر
اسقي العطاش حديث المجد رائعة
من الملاحم يفنى دونها السهر
شبابنا في متون الريح أشرعة
وفي التلال.. دم بالنصر يأتزر
مدي بساط الهوى، ما زال في دمنا
من ياسمينك كنز للهوى عطرُ
قصيدة نحن.. يمليها ويبدعها
دم الشهيد.. وجلّ العود والوتر
لأننا.. وجذور الشمس في يدنا
نقاتل الحلك الباغي.. سننتصرُ.

الشهيد- عبد الرحيم محمود

سَأَحمِلُ روحي عَلى راحَتي
وَأَلقي بِها في مَهاوي الرَّدى
فَإِمّا حَياةٌ تَسُرُّ الصَديقَ
وَإِمّا مَماتٌ يَغيظُ العِدى
وَنَفسُ الشَريفِ لَها غايَتانِ
وُرودُ المَنايا وَنَيلُ المُنى
وَما العَيشُ لا عِشتُ إِن لَم أَكُن
مخَوفَ الجِنابِ حَرامَ الحِمى
إِذا قُلتُ أَصغى لي العالَمونَ
وَدَوّى مَقالي بَينَ الوَرى
لَعَمرُكَ إِنّي أَرى مَصرَعي
وَلكِن أَغذُّ إِلَيهِ الخُطى
أَرى مصرعي دونَ حَقّي السَليب
وَدونَ بِلادي هُوَ المُبتَغى
يَلِذُّ لِأُذني سَماعُ الصَليل
يَهيِّجُ نَفسي مَسيلُ الدِّما
وَجِسمٌ تَجَدَّلَ في الصحصحان
تُناوشُهُ جارِحاتُ الفَلا
فَمِنهُ نَصيبٌ لِأُسدِ السَماءِ
وَمِنهُ نَصيبٌ لِأُسدِ الشَرى
كَسا دَمُهُ الأَرضَ بِالأُرجُوانِ
وَأَثقَلَ بِالعِطرِ ريحَ الصَبا
وَعَفَّرَ مِنهُ بَهِيَّ الجَبينِ
وَلكِن عُفاراً يَزيدُ البَها
وَبانَ عَلى شَفَتَيهِ اِبتِسام
مَعانيهِ هُزءٌ بِهذي الدُنا
وَناَم لِيَحلمَ حُلمَ الخُلودِ
وَيَهنَأَ فيهِ بِأَحلى الرُوءى
لَعُمرُكَ هذا مَماتُ الرِجالِ
وَمَن رامَ مَوتاً شَريفاً فَذا
فَكَيفَ اِصطِباري لِكَيدِ الحُقودِ
وَكَيفَ اِحتِمالي لسرم الأَذى
أَخَوفاً وَعِندي تَهونُ الحَياةُ
وَذُلّاً وَإِنّي لَرَبُّ الإِبا
بِقَلبي سَأَرمي وُجوهَ العُداة
فقلبي حَديدٌ وَناري لَظى
وَأَحمي حِياضي بِحَدِّ الحُسامِ
فَيَعلَمُ قَومي أَنّي الفَتى

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن