وضعت المجموعة الأولى لتوليد الكهرباء في محطة حلب الحرارية في الخدمة يوم الخميس الماضي وهي بطاقة 200 ميغا واط، وتعادل هذه الكمية من الكهرباء 10 بالمئة من مجموع ما يجري توليده من كهرباء في سورية والبالغ 2000 ميغا واط، علماً أن تقديرات وزير الكهرباء أننا نحتاج إلى 6000 ميغا واط من الكهرباء لتلبية كامل احتياجاتنا.
لوحظ تحسن حال الكهرباء المنزلية في دمشق، قبل وضع هذه المجموعة في الخدمة، ولربما كان السبب إنجاز أعمال الصيانة في محطة بانياس في نهاية أيلول الماضي، حسب وعد سابق بتوفير 400 ميغا من ثلاث مجموعات في حلب وبانياس. أي إن الزيادة عندما تتم ويعلن عنها (ولاسيما أننا اجتزنا 8 أيام منذ نهاية أيلول)، ستكسب الشبكة العامة 400 ميغا أي 20 بالمئة من مجموع الطاقة الكهربائية المولدة الآن.
النسبة جيدة وتشكل خطوة إلى الأمام وتعبر عن نجاح السعي الحثيث إلى امتلاك وضع كهربائي أفضل، جرى التأكيد عليه مراراً بصفته المنقذ من الأسى مع الظلمة، إضافة إلى الطاقة التي ستدير عجلة الإنتاج في مئات ألوف الورش وعشرات مصانع القطاع العام الكبرى ومئات المصانع الخاصة وآلاف الآبار المكرسة لإرواء المزروعات.
الدور الإنتاجي للكهرباء فائق الأهمية، ويصوغ حلاً كبيراً لصعابنا الاقتصادية وللأزمة المعيشية الراهنة، المتمثلة بالغلاء الفاحش، بسبب التضخم المالي وانخفاض قيمة العملة السورية بالمقارنة مع العملات التي نستورد بها أغلب احتياجاتنا أي (الدولار واليورو)، والفارق الكبير بين متوسط الرواتب والأجور والأسعار في الأسواق.
إن سماعنا أن مجمع الأسمدة في حمص متوقف عن إنتاج ثلاثة أصناف من الأسمدة الأساسية للزراعة بسبب عدم توار الكهرباء والغاز، إنما يحرق القلب فعلا، إذ ثمة تشدد في منع وصول الأسمدة إلينا لعلة الحصار، على حين أن الأسمدة خبز الزراعة الراهنة ولاسيما التكثيفية. فمنذ وقت قريب أوضحت وزارة الصناعة أن هذا المجمع يحتاج إلى مليون م٣ غاز يومياً على الأقل وإلى 17-20 ميغا واط كهرباء.
وأعتقد أن كميات الكهرباء الجديدة الإضافية ستسمح (بالشفقة) على هذا المصنع الحكومي الداخل في شراكة مع إحدى الشركات الروسية، وتغذيته باحتياجاته من الكهرباء والغاز، إذ يمكن تشغيل المجموعات الكهربائية المشار إليها آنفاً، على الفيول، ما يوفر مليون م٣ من الغاز من أصل ثمانية ملايين متر مكعب من الغاز المتاح لسورية وكان يذهب برمته لتوليد الكهرباء للمنازل وهي المستهلك الأكبر (48 بالمئة) من مجمل إنتاجنا من الكهرباء، على حين أن الصناعة تستهلك (22 بالمئة).
وهذا مجرد مثال علماً أن طن الأسمدة ب800 دولار ونحتاج إلى 500 ألف طن سماد في السنة، ومجمع حمص إذا توافرت له شروط الإنتاج يمكنه أن يؤمن الجزء الأكبر من هذه الاحتياجات.
وهذا مجرد مثال وهناك عشرات الأمثلة الأكثر أهمية منها مثلاً مثال معمل الحديد والصلب في حماة، وأرباحه بمئات مليارات الليرات السورية المباشرة وغير المباشرة، فيما لو توافرت له كهرباء أفضل، فهو يحصل حالياً على جزء يسير جداً من احتياجاته 15 بالمئة فقط، يربح 30 مليار ل. س ولو اشتغل بكامل طاقته لربـح 180 مليار ل. س (أرقـام عــام 2020.!!!).
ثم إن التقنين الكهربائي الحاد على المنازل والورش والمصانع والمزارع خسارة فادحة عامة وخاصة.
ثمة مشاريع تبنى الآن لإنتاج طاقة نظيفة من الشمس ستساعد أيضاً في إثراء الشبكة الكهربائية، ولعل ذلك كله يصوغ بارقة أمل عن وضع كهربائي أفضل لابد أن يؤثر بشكل إيجابي في واقعنا الاقتصادي لجهة زيادة الصادرات وتقليص المستوردات، وفي ذلك وفر للقطع الأجنبي وإغناء له ما يقلص التضخم المالي، ويخفض أسعار السلع المتنوعة.
إنها خطوة نحو انفراج في أزمة الغلاء تؤكد أن الكهرباء باتت هواء وحياة.