قرار عراقي بأن تكون أجور العمالة بالدينار وليس بالدولار والسوريون منهم … د. كنعان لـ«الوطن»: سيؤدي لخفض الحوالات الخارجية بحدود 40 بالمئة وعلى الحكومة السورية أن تتدخل
| نوار هيفا
أكد مسؤول كبير في البنك المركزي العراقي أن البلاد ستحظر السحب النقدي والمعاملات بالدولار الأميركي بدءاً من الأول من كانون الثاني 2024، وذلك بهدف وقف الاستخدام غير المشروع لنحو 50 بالمئة من مبلغ نقدي يبلغ 10 مليارات دولار يستورده العراق سنوياً من مجلس الاحتياطي الفدرالي (المركزي الأميركي)، ذاكرين أن هذه الخطوة تأتي في إطار حملة أوسع لوقف اعتماد الاقتصاد على الدولار، بعدما بدأ السكان يفضلون العملة الأميركية على الدينار والعمل على خفض التضخم الحاصل.
وفي إطار هذا القرار ومع احتساب نسبة العمالة السورية الموجودة في العراق، «الوطن» تواصلت مع عدد من العاملين في بغداد وأربيل: نور فندي عامل صيانة تكييف وتبريد في أربيل أوضح في تصريح خاص لـ«الوطن» أن شرط العقد المبرم مع الجهة المستقبلة له كانت أن يتقاضى أجره بالدينار العراقي بما يعادل الدولار الأميركي وفق تسعيرة البنك المركزي العراقي، لافتاً إلى أنه حصل أول شهري عمل قبل صدور القرار على أجره بالدولار الأميركي، وعليه وبعد صدور القرار تمت معادلة أجره بما يوازي الدينار العراقي.
وأشار فندي إلى أن الكارثة حصلت عندما فوجئ أن احتساب أجره تتم وفق تسعيرة البنك المركزي العراقي، والتي بلغ أعلى سعر لها 1320 ديناراً عراقياً لكل دولار أميركي، على حين تختلف أسعار السوق بما يتجاوز السعر الرسمي بحدود 40 دولاراً، وهو معدل خسارته شهرياً، إضافة لكونه يصعب عليه التحويل لذويه في سورية بالدينار العراقي، فيضطر لشراء الدولار من السوق السوداء لأن قرار منع التعامل يحجب عنه شراء العملة الصعبة من البنك المركزي العراقي، بالتالي تقليل نسبة الحوالات المرسلة شهرياً.
وقد أوضحت ديمة إبراهيم عاملة بمركز تجميل ببغداد، في تصريح لـ«الوطن» أن القرار جاء بعد وجودها في بغداد بعامين، حيث كان أجرها بالعملة الأجنبية، لكن منذ قرابة أربعة أشهر تم تعديل قيم الأجور والرواتب لتتحول أجورهم بالدينار العراقي بما يعادل الدولار الأميركي أسوة بالريال السعودي والدرهم الإماراتي، لافتةً إلى أنه منذ صدور القرار عزفت عن إرسال الحوالات لذويها في سورية، للفرق الكبير الحاصل بالتحويل، مضيفةً إنه في حال استمر تطبيق القرار ستلتزم بعقدها الذي ينتهي في الشهر الأول من العام القادم وتغادر العراق بعدها لأن العمل أصبح غير مجدٍ كثمن لغربتهم هناك.
الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور في النقد والمصارف علي كنعان أكد أن القطاع الخاص يتعامل بالدينار العراقي بما يعادل الدولار الأميركي بالنسبة للعاملين الأجانب من غير العراقيين، لافتاً إلى أن هذا القرار سيقلل نسب العمالة الأجنبية في العراق وسيؤثر سلباً في العاملين وخاصة السوريين في العراق لصعوبة التحويل وفرق التصريف.
وأوضح د. كنعان في تصريح خاص لـ«الوطن» أن الحوالات الخارجية يجب أن تكون بالعملات الأجنبية، وعليه سيضطر العامل هناك لشراء عملات أجنبية وإعادة تحويلها للداخل السوري بالتالي خسارة أكثر من 40 بالمئة من مرتبه، ما سينعكس سلباً أيضاً على الحوالات الخارجية ويؤدي إلى تراجعها، إضافة للتلاعب الذي سيحدث بين صاحب العمل والعامل والبنك، وعلى سبيل المثال بدلاً من أن يتقاضى العامل السوري 1000 دينار عراقي، يجب أن يحدد أجره بـ1700 دينار عراقي، لتكون الـ700 دينار هي فرق التحويل للعملة الصعبة، وهذا من النادر حدوثه لأنه سيسبب خسارة أيضاً لصاحب العمل.
وعن تأثير القرار بالنسبة للحوالات الخارجية من العراق لسورية أكد د. كنعان أنه في حال تم تطبيق القرار سينخفض حجم الحوالات بحدود 40 بالمئة، كما سيشهد العراق حالة نزوح للعمالة السورية والبحث عن فرص أربح في أماكن أخرى، مؤكداً أن هذه الخطوة وهذا القرار جوهرهما نقدي لكن لهما بعد سياسي وهو تخفيض عدد العمالة الأجنبية في العراق، ولا علاقة لهما بمحاربة التضخم أبداً، كما أن هذا القرار إجراء ظالم بالنسبة للسوريين ومخالف للكل الاتفاقيات الدولية الموقعة بين البلدين على احترام العمالة السورية.
وكشف د. كنعان أن قيمة صادرات العراق النفطية اليوم بلغت 150 مليار دولار، على حين بلغت نسبة أجور العمالة السورية فيها 700 مليون دولار، وبالمقارنة بين المبلغين ليست هذه الخطوة نافعة نقدياً لمحاربة التضخم، عبر احتساب أجور العمالة بالدينار العراقي بل عليهم اتخاذ خطوات نقدية أكثر جدوى.
ودعا د. كنعان الخارجية السورية إلى أن تتقدم بطلب للتراجع عن هذا القرار، لأنه يخالف الاتفاقيات الموقعة بين البلدين بالنسبة لدفع الضرائب وتحويل الأرباح وحماية الاستثمارات، وحماية العمالة وتحقيق استقرار العمالة السورية لديهم.
جدير بالذكر أن الولايات المتحدة كانت قد منعت، في تموز الماضي، 14 مصرفاً عراقياً من إجراء معاملات بالدولار، في إطار حملة أوسع نطاقاً ضد الاستخدام غير القانوني للدولار.