ثقافة وفن

شاعر فلسطين إبراهيم طوقان الذي رسم النكبة قبل وقوعها … وطني أنت لي… وَطَني أَنتَ لي وَالخَصم راغِمُ

الشهيد

عبس الخطبُ فابتسمْ
وطغى الهولُ فاقتحمْ
رابطَ الجأشِ والنُّهى
ثابتَ القلبِ والقدم
لم يُبالِ الأذى ولم
يَثْنِه طارئُ الألم
نفسُه طوْعُ همّةٍ
وجمتْ دونها الهِمم
تلتقي في مزاجها
بالأعاصير والحُمم
تجمعُ الهائجَ الخِضَمْ
إلى الراسخ الأشم
وَهْي من عنصر الفداءِ،
ومن جوهر الكرم
ومن الحقِّ جذوةٌ
لفحُها حرَّرَ الأُمم
سارَ في منهج العُلا
يطرُقُ الخُلْدَ منزلا
لا يبالي، مُكبَّلا
ناله أمْ مُجَدَّلا
فَهْو رهنٌ بما عزم

***
ربّما غاله الرَّدى
وَهْو بالسجن مُرتهَن
لم يُشيَّعْ بدمعةٍ
من حبيبٍ ولا سَكَن
رُبّما أُدرِجَ التُّرابَ
سليباً من الكفن
لستَ تدري: بطاحُها
غيّبتْهُ أَمِ القُنن
لا تقلْ أين جسمُهُ
واسمُه في فم الزمن
إنه كوكبُ الهدى
لاح في غيهب المحن
أَرسلَ النورَ في العيونِ،
فما تعرفُ الوسن
ورمى النارَ في القلوبِ،
فما تعرفُ الضَّغَن
أيُّ وجهٍ تَهلّلا
يَرِدُ الموتَ مُقْبِلا
صعَّد الرُّوحَ مُرسِلا
لحنَه يُنْشِدُ الملا
أنا للّه والوطنْ

***
الفدائي

لا تَسلْ عن سلامتِهْ
روحه فوق راحتِهْ
بدَّلَتْهُ همومُهُ
كفناً من وسادِتهْ
يَرقبُ الساعةَ التي
بعدَها هولُ ساعتِهْ
شاغلٌ فكرَ مَنْ يراهُ
بإطراقِ هامتِهْ
بيْنَ جنبيْهِ خافقٌ
يتلظَّى بغايتهْ
من رأى فَحْمةَ الدُّجى
أُضْرِمَتْ من شرارتِهْ
حَمَّلَتْهُ جهنَّمٌ
طَرفَاً من رسالتِه
هو بالباب واقفُ
والرًّدى منه خائفُ
فاهدئي يا عواصفُ
خجلاً من جراءتِهْ

***
صامتٌ لوْ تكلَّما
لَفَظَ النَّارَ والدِّما
قُلْ لمن عاب صمتَهُ
خُلِقَ الحزمُ أبكما
وأخو الحزم لم تزل
يدُهُ تسْبِقُ الفما
لا تلوموه قد رأى
منْهجَ الحقِّ مُظلما
وبلاداً أحبَّها
ركنُها قد تهدًّما
وخصوماً ببغْيِهمْ
ضجَّت الأَرضُ والسما
مرَّ حينٌ فكاد يق
تُلهُ اليأْسُ إنَّما

***
هو بالباب واقفُ
والرَّدى منه خائفُ
فاهدئي يا عواصفُ
خجلاً مِن جراءتِهْ

***
السماسرة..!

أمَّا سماسرةُ البلاد فعصبة
عارٌ على أهل البلاد بقاؤها
إبليسُ أعلن صاغراً إفلاَسه
لمَّا تحقَّق عنده إغراؤها
يتنعَّمون مُكرَّمين كأنَّما
لنعيمهم عمَّ البلاد شقاؤها
همْ أهلُ نجدتها وإن أنكرتَهم
وهمو وأنفك راغم زعماؤها
وحماتُها وبهم يتم خرابُها
وعلى يديهمْ بَيْعُها وشراؤها
ومن العجائب إنْ كشفتَ قدورهم
أنَّ الجرائد بعضَهنًّ غطاؤها
كيف الخلاص إذا النفوس تزاحمت
أطماعُها وتدافعتْ أهواؤها

***
وطني أنت لي

وَطَني أَنتَ لي وَالخَصم راغِمُ
وَطَني أَنتَ كُل المُنى
وَطَني إِنَّني إِن تَسلم سالمُ
وَبِكَ العزّ لي وَالهَنا
يا شَبابنا اِنهَضوا
آن أَن نَنهَضا
وَلنعلِّ الوَطن… فَلنِعمَ الوَطن
وَاِنهَضوا وَاِرفَعوا عالياً
مَجدكُم خالِداً ساميا
وطني مجده في الكون أوحد
وطني صافح الكوكبا
وطني حسنه في الكون مفرد
جنة سهله والربى
يا شَبابنا اِنهَضوا
آن أَن نَنهَضا
وَلنعلِّ الوَطن… فَلنِعمَ الوَطن
وانهضوا وارفعوا عالياً
مجدكم خالداً ساميا
وَطَني حَيث لي مُحبٌّ يَنطُقُ
بِلساني وَما أَشعرُ
وَطَني حَيث لي فُؤادٌ يَخفقُ
وَبِهِ رايَتي تُنشَرُ
يا شَبابنا اِنهَضوا
آن أَن نَنهَضا
وَلنعلِّ الوَطن… فَلنِعمَ الوَطن
وَاِنهَضوا وَاِرفَعوا عالياً
مَجدكُم خالِداً ساميا

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن