وتخرجوا برتبة شهداء
برتبة الشرف العظيم وهم الشرفاء، تخرجوا برتبة الدماء الطاهرة التي نزفت منهم..
تخرجوا برتبة عيون الوطن التي تبكي عليهم ولا تمل فلسفة البكاء، برتبة الروايات الخالدة التي ستبقى متوهجة الذكر لقد تخرجوا وحملوا في نعوش الكرامة والكبرياء، حملوا في وقت لم يعد مثل كل الأوقات، حملوا في مواعيد مزركشة الحزن والأحزان..
تخرجوا وكأنهم قصائد النار التي لا تود أن تنطفئ، وكأنهم لغة من لغات الحياة ستبقى خالدة.. تخرجوا وكأنهم أسياد الزمان والمكان.
تخرجوا وقد جفت الأقلام حزناً عليهم، جفت ككل البيارات التي تبكي وتنادي على فقدان برتقال حضورهم البطولي، تبكي على وعد الأيام التي لم تحظ بفرحة الاحتفاء بهم، تبكي على سمو المواعيد القمرية التي رحلت معهم، فقدان عطر وردهم تبكي آهات مجدهم الوجدي الأمثل..
وتخرجوا برتبة شهداء.. برتبة المجد الأغر الذي يرثي أبطاله، يرثي صدوق وعدهم وهم الذين عاهدوا الله وكانوا خير من أوفى بوعدهم الصادق الصدوق، كانوا علامات نيرة الاسم والمسمى، وصوت الحق أن قيل هم أسياد الزمن البطولي، هم كفلسفات المجد التي لا ينتهي نورها المتقد، كانوا مواويل الحزن الهائم في كل مكان.
كانوا شهداء الغدر، شهداء المجد الرفيع والقسم المقدّس، كانوا نهارات الضّوء البطولي..
وذاك الخبر الفاجع الذي ترفقه أنوار المجد التليد وعظيم اسم الشهادة وقد نالوا من فخامة اسمه الأسمى والأنبل.. كانوا رياحين العشق القدسي وأوصياء النهج البطولي.. أوصياء الفخر وفجره المضيء..
كانوا محبرة النصر ومداد الشيء العظيم الذي لا ينتهي تخرجوا عظماء، لا يليق بهم إلا كل شيء عظيم.
تخرجوا في مبتدأ الفرح وخبر الأحزان.. وفي نهارات ما تزال تبكي غياب شعاع وفقدان نورهم..
تخرجوا برتبة المجد الذي خُلق لهم وخلقوا من أجله
وبرتبة العنفوان الذي يضيء جباههم السمراء
تخرجوا شهداء الحق، تخرجوا في مأتم كبير يخيم ليله الدامس، تخرجوا برتبة الوعد الصادق وهم أسياد الوعد الصادق الصدوق..
تخرجوا عظماء
وكانوا دمعة كل بيت ينتظر قدومهم
كانوا جنازات الوعد الحزين
وقد تخرجوا برتبة النجوم والأقمار التي تعتلي مدارات السماء، تخرجوا بلا أمنيات ناطقة ترتجى، تخرجوا وصعدوا إلى فلك الارتقاء العظيم.