ثقافة وفن

بين البيئة والطبيعة… كيف نعلم الأطفال ونطورهم … تكوين شخصية الطفل والحصول على المتعة والبهجة

| مصعب أيوب

تؤدي الطبيعة دوراً جوهرياً في تنشئة الأطفال وتوجيه اهتماماتهم وسلوكياتهم وتنمية مهاراتهم وربما تختلف باختلاف عواملها بين اللين والقسوة والتقشف والرخاء والقوة والضعف وبالتأكيد للعائلة الدور الأهم والأكبر في ذلك، والكثير من المؤثرين والكتاب والفنانين والأسماء الكبيرة اليوم كانت قد أمضت حياة طفولة متفاوتة ومختلفة تجسدت في صور الطبيعة ومعانيها ومعاييرها، وهو ما يؤكده كتاب «الطبيعة والأطفال الصغار» من إصدارات الهيئة العامة السورية للكتاب في المشروع الوطني للترجمة الذي ألفه روث ويلسون وترجمه تامار كورديان، وهو يسلط الضوء على أهمية تربية الأطفال ذهنياً وفكرياً وتحفيز قدراتهم الكامنة والبوح بالمكنونات التي تجول في نفوسهم، فيقدم مقاربات ثقافية حساسة للعب الأطفال في الطبيعة في مرحلة الطفولة المبكرة ويضيء على دور البالغين في تعليم الأطفال داخل بيئة طبيعية لدمجهم بالتعليم العام، إضافة إلى الصحة والأمان، ونستعرض فيه ما يلي:

ميول فطرية

يؤكد الكتاب على أن اللعب سلوك فطري لدى الطفل وهو ما يمكننا ملاحظتهم منذ ولاتهم الأولى وهو نشاط سلوكي يقوم بدور رئيسي في تكوين شخصية الطفل، ولا سيما الطريقة التي ينتهجها الطفل للحصول على المتعة والبهجة وهو حاجة ملحة للتعبير عن الفرح، فهو يلعب من أجل إشباع ميول فطرية لديه واللعب بالنسبة له أكثر من مجرد ملء وقت فراغ وهو السبيل الوحيد للتعبير عما في داخله ولا سيما أنه ينمي حواسه وعقله ويسهم في رفع قدراته الحركية والجسدية ويوسع مدركاته، وبالتالي شيئاً فشيئاً سيقوم الطفل باختبار قدراته الجسدية تباعاً من خلال محاولة الوصول لأشياء بعيدة بعض الشيء أو محاولة التسلق إلى أعلى ارتفاع ممكن أو لأي مدى يستطيع رمي شيء ما.

ألعاب إبداعية

إدراكياً، يساعد اللعب على تطوير قدرة الطفل الإبداعية والمنطقية ويجعله أكثر استجابة للمتغيرات والصراعات والمشاكل التي تواجهه ويحفزه في تشغيل الدماغ من اجل إيجاد الحلول لها، وهو ما يدركه كثير من البالغين من خلال ألعاب الشطرنج والنيرد والبولينج، ولكن لا يرى الكاتب أن يستبدل الطفل هذه الألعاب بألعابه الإبداعية فهو يعده من الألعاب الغنية والمفيدة للأطفال، إلا أنها مزعجة بالنسبة للبالغين حيث يعتقدون أن اللعب الإبداعي مضيعة للوقت.

كما يتمحور الكتاب حول اللعب الإبداعي ضمن البيئة الخارجية في الهواء الطلق، بحيث يمكن للأطفال أن يستلهموا أفكاراً إبداعية وخلاقة في الطبيعة والفضاءات الخارجية وإن ترافقت تلك الإبداعات بشيء من الفوضى ولكن الفوضى بالطبع ستزيد الطفل مرحاً ولا يمكننا أن ننكر أن البيئة الخارجية كانت مكان اللعب الوحيد سابقاً للأطفال وحتى للبالغين، حتى إن هناك الكثير من الأشياء التي يمكنهم أن يفعلوها خارجاً يصعب القيام بها في المنزل، وهو ما يجذب اهتمام الطفل بشكل واسع ويشجعه على اللعب التعاوني وتحمل المسؤولية والوقوف في وجه المشاكل التي تواجهه.

الأطفال يقومون ببناء ثقافتهم الخاصة وحس المسؤولية والتمييز بين الصواب والخطأ من الداخل إلى الخارج، فإن الخوف والتوجيهات الصارمة لم يكن لهما تأثير فعال في تكوين التزامات متينة تجاه حماية البيئة، ويؤكد الكتاب على أن الاحتكاك المباشر مع الحياة البرية وتفاصيلها وعشوائيتها يمكنه أن يقوي مشاعر احترام الذات عند الطفل كما يقوي شخصيته ويعزز قدراته التعليمية مثل القدرة على القراءة، وتقترح مؤلفة هذا الكتاب إمكانية خلق بيئة طبيعية وغابة وحدائق اصطناعية في الهواء الطلق من أجل ذلك، وبالطبع هو ما على الآباء فعله ولا بد أن يكونوا قريبين من أبنائهم لكي لا يقعوا في موضع لا يحمد عقباه أو يؤذوا أنفسهم بطريقة خاطئة.

خلاصة

فقد تناولت روث ويسلون المواضيع التي تتعلق بكل ما يخص بيئات الأطفال وحياتهم اليومية في سنوات مبكرة وكذلك البستنة مع الأطفال واختيار النباتات الآمنة والمتنوعة من أجل السلامة والتعليم الفعال، إضافة إلى جعل النشاطات القائمة في الهواء الطلق وساحات اللعب ملائمة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة والمعوقين، كما ركزت على دور الأهل في إدراك البيئة الخارجية وتقديرها وكيفية التعامل مع المخاوف ومشاكل السلامة العامة، علاوة على أنها عرضت التجارب الإيجابية مع البيئة الطبيعية بطريقة فعالة لتعزيز نمو الطفل وتعليمه وتطويره لمواقف وقيم وسلوكيات مسؤولة بيئياً، وقد أوصت بتعليم الأطفال وتطويرهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن