ثقافة وفن

أخلصوا لنصرة فلسطين وللدفاع عن حقوق أهلها … أبرزهم أم كلثوم وفيروز وصباح فخري… غنوا لفلسطين وللقضية

| مصعب أيوب

القضية الفلسطينية هي قضية مصير واعتبار والغناء لها ودعمها أمر واجب ولا بد أن يكون حماسياً، فلا يمكن أن نضع فاصلاً بين الفن والمتغيرات السياسية وما يجري على الأرض ولأن الأغنية واللحن يعطيان دفعاً ودعماً معنوياً وضمنياً ويعبران عن التأييد الشديد، فكان لا بد من الاهتمام بكلماتها وبألحانها، وقد غنى الكثير من أهل الفن والثقافة والغناء العرب ليحجزوا لأنفسهم مكاناة مرموقة في هذا الشأن منذ بداية الصراع العربي الصهيوني، وقد برز الكثير من تلك الأغاني التي لا يزال إلى اليوم ترددها الأجيال المتعاقبة إما لعظم شأنها والمعاني التي احتوتها أو لعظم من غناها أو لحنها.

أم كلثوم وفيروز وفلسطين

لا بد أن معظمنا يعرف أغنية «أصبح عندي الآن بندقية» لأم كلثوم، وهي قصيدة للشاعر السوري نزار قباني ولحنها محمد عبد الوهاب وتحيي فيها أم كلثوم الكفاح الفلسطيني ضد الاحتلال، وجاءت ألحانها تعبيرية خالصة، ومن يسمعها يمكنه أن يفسرها على الوضع الفلسطيني في أي وقت وهي لا تنحصر في فترة إصدارها، فحال الشعب الفلسطيني لم يتبدل كثيراً من حينها إلى اليوم.

ولعل أبرز الأغاني التي تغنت بفلسطين وكانت الأنسب في هذا النوع هي التي غنتها فيروز وتذاع مجدداً في كل مناسبة وطنية عربية وفلسطينية ومن أبرزها: راجعون، القدس العتيقة، أجراس العودة، زهرة المدائن، خذوني إلى بيسان، جسر العودة، يا ربوع بلادي، يافا، سنرجع يوماً إلى حيّنا، وحدن بيبقوا متل زهر البيلسان، أما أغنية «القدس العتيقة»، فقد غنّتها فيروز بعد زيارتها مدينة القدس، برفقة عاصي ومنصور الرحباني عام 1964، وبعد نكسة 1967 وهزيمة العرب في الجولان وسيناء واحتلال «إسرائيل» للضفة الغربية ومدينة القدس، غنّت فيروز من كلمات وألحان الأخوين رحباني قصيدة «زهرة المدائن».

أغنيات جماعية

كما غنى عدد من ألمع المغنين العرب أوبريت «يا قدس» التي كتب كلماتها الشاعر الفلسطيني رامي اليوسف ليجمع الفنانين العمالقة، صباح فخري وميادة الحناوي وسعدون جابر ولطفي بوشناق وتجدر الإشارة هنا إلى أنها المرة الأولى التي يغني بها الراحل صباح فخري ضمن مجموعة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عظمة مكانة القدس عنده وأهمية القضية الفلسطينية في وجدانه.

ويقول مطلع أوبريت «يا قدس»:
أزورُ القدسَ في حُلمي وأَمشي في أزِقتها
أَرى غزلانها تمشي على حناءِ تُربتِها
ونوراً في مُحياها وناراً في أَصابِعها
أَرى قُدسي تُعانُقني كأمٍّ تحمِلُ ابنتها

وهو يروي حكاية كفاح مدينة القدس في وجه الاحتلال الصهيوني، وتعاون فيه اليوسف مع الموسيقار العراقي نصير شمة لتلحينه بالصورة المثلى التي تليق بتاريخ وعراقة تلك المدينة الجميلة وبما ينسجم مع طبيعتها وبيئتها المقدسة.

إيمان بالنصر

كما غنى الفنان العربي وليد توفيق في عام ٢٠٠١ أغنية «صوت الحجر» التي تروي أحداث الانتفاضة وهي من تلحينه أيضاً ومن كلمات محمد جارودي وتعد من ألمع الأغاني الوطنية وبقيت حاضرة في الأذهان، ولاسيما بعد أن غناها توفيق وطلبها الجمهور مراراً وتكراراً في حفلات عدة.

كما أطلق توفيق في العام ٢٠١٧ ألبوماً غنائياً باسم فلسطين يعبر فيه عن دعمه الدائم للقضية وللحق العربي وضرورة استعادة الحقوق المغتصبة وهو ما يؤكد التزامه الدائم بدعم القضايا الوطنية والعربية معتبراً أن الفن رسالة ولا بد أن تصل إلى كل أصقاع الأرض، ومن أغاني الألبوم فكوا الحصار وشمس الأحرار والناصرة ويا أرضي وآه زينب.

كما صدرت أغنية على باب القدس أيضاً في فترة الانتفاضة لتتمحور حول حادثة الانتفاضة وأداها الفنان المصري هاني شاكر وهي من كلمات منصور الشادي وألحان حسن أبو السعود.

وقدم أيضاً الفنان المصري محمد فؤاد العديد من الأعمال المؤيدة للحق الفلسطيني، ولعل أهمها «الأقصى نادى»، وهي من كلمات محيي حوار، وألحان مدحت العدل.

الفنان العراقي كاظم الساهر أدى أغنية «ياقدس» التي جاء فيها:

يا قدس يا مدينة السماء
أراك في ثوب من الدماء
يحيطك الظلام يا حبيبتي
وكنت فينا منبع الضياء
ويغرس الباطل فيك نابه
ويستجير الحق بالفداء
أنا هنا يقولها مكبر ومقرء السلام للعذراء
أنا هنا ومسجدي لي شاهد وكنيستي إزائي

غابت شمس الحق

وإذا تحدثنا عن أغاني المقاومة فلا بد لنا أن نستذكر المغنية اللبنانية جوليا بطرس التي لمعت في أغنية «غابت شمس الحق»، من ألحان شقيقها زياد بطرس.

وغنت جوليا للمقاومة اللبنانية والفلسطينية بكلماتها القويّة، فقد اختارَت خطاً فنيّاً فريداً مختلفاً عن أقرانها من أبناء جيلها، وكانت تنتهج الأسلوب الثوري في أغنياتها.

وقد أعادت إحياء أغنية «وين الملايين» حديثاً بعد أن غنتها في التسعينيات إلى جانب الفنانة السورية أمل عرفة والفلسطينية سوسن الحمامي، وهي من تأليف الليبي علي الكيلاني ولحنها أيضاً الليبي عبدالله محمد منصور، وهي أغنية وطنية تحكي معاناة الفلسطينيين مع العدو الإسرائيلي لتكون تلك الأغنية بمنزلة الانطلاقة الأولى لبطرس في مناصرتها للقضية الفلسطينية وتأييدها لحق العودة.

فقد جاء جل أغانيها إبان مرحلة كانت توصف بالعنف في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما أحدث لتلك الأغاني ضجة كبيرة وتأثيراً بالغاً في صفوف المقاومين.

وبعد حرب تموز ٢٠٠٦ أنشأت بطرس مشروع أحبائي الذي نظمته بوساطة العديد من الحفلات في بلدان عربية عدة جعلت ريعها لضحايا الحرب وعوائلهم.

ومن أغانيها قاوم فيداك الإعصار، ونحن الثورة والغضب، وأغنية الحق سلاحي، وأطلق نيرانك، وين الملايين.

الحلم العربي

من جيل المعاصرين أدى أوبريت «القدس إلنا» عدد من الشباب الفلسطينيين وهم طوني قطان ونداء شرارة وصابرين كمال ومحمد عساف الذي لمع في كثير من الأغاني الحماسية والوطنية والتي تدعم المقاومة الفلسطينية وديانا كرزون والسوري حازم الشريف، والأوبريت من كلمات الشاعر الفلسطيني رامي اليوسف وألحان صلاح الشرنوبي.

وللمغنية التونسية لطيفة أغنية «يا عدوي» ومما جاء فيها: أوقفوا هذا الدمار… امسحوا دمع الصغار… لن يطول الصمت قطعاً… إن تحت الثلج نار.

كما غنت الفنانة السورية سوزان نجم الدين أغنية «سلام غزة الأبطال» وهي من كلمات الشاعرة دولة العباس وألحان خالد حيدر.

كذلك قدم المطرب المصري هاني شاكر أغنية «على باب القدس» عقب استشهاد الطفل الفلسطيني «محمد الدرة» في عام 2000 وهي من ألحان الموسيقار حسن أبو السعود.

ولا يمكننا أن ننسى هنا أغنية الحلم العربي التي أداها عدد كبير من الفنانين العرب، فهي واحدة من أكثر الأغاني التي حفرت في وجدان كل عربي، ولاسيما أنها دعت إلى إقامة الوحدة العربية.

وهي صدرت عقب اقتحام وزير الدفاع الإسرائيلي حينذاك آرييل شارون ساحة المسجد الأقصى وهذا كان أحد الأسباب المباشرة لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

وقد شارك في أداء الأغنية فنانون من كل الوطن العربي.

فرقة العاشقين

الفنان اللبناني حسين منذر ترك إرثاً عظيماً جسد بطولات ومراحل نضال الشعب الفلسطيني فهو مطرب الثورة الفلسطينية وقائد فرقة العاشقين التي اشتهرت بأغانيها الوطنية والحماسية فوضع بصمته الصوتية بما يزيد على ٣٠٠ أغنية وطنية ولا تزال تلك الأغاني تحظى بجماهيرية عالية، وآخر أغاني «العاشقين»، حملت اسم «رصاص العز».

كما التزم الموسيقار الراحل ابن مدينة القدس حسين نازك بقضايا وطنه وبنصرته وبنضاله ضد الاحتلال وكانت أعماله في معظمها تتمحور حول الثورة الفلسطينية، إضافة إلى أنه لحن مشروع مجموعة العاشقين التي حملت شعاراً «لفلسطين نغني» وكان دورها تأريخ مراحل النضال الشعبي الفلسطيني من خلال الأغاني السياسية والحماسية والوطنية، فقدمت أغاني عن مجزرة مخيم جنين

ومن أغانيها أغنية «مافي ثمرة » وهي من ألحانه وأداء حسين منذر والكورال، وأغنية حيفا ومرحى وشو صار وفي العام ١٩٨١ أغنية بأم عيني للمسلسل الذي حمل الاسم نفسه وكُلِّف نازك بوضع موسيقا المسلسل، واستعان بكلمات شعراء المقاومة لتكثيف وقع المسلسل وتأثيره.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن