باريس منعت تنظيم مظاهرات احتجاجية ضد العدوان الإسرائيلي على غزة … سياسيون يساريون فرنسيون يدينون جرائم الاحتلال ويتضامنون مع فلسطين
| وكالات
أعلنت الشرطة الفرنسية أمس الأربعاء أنها حظرت تنظيم مظاهرتي احتجاج ضد العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، في حين أدانت نخبة من السياسيين اليساريين في حزب «فرنسا غير الخاضعة» وباحثون ومفكرون إسرائيل وتاريخها الحافل بالعنف والجرائم.
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن متحدث باسم الشرطة قوله في بيان: إن هاتين المظاهرتين كان من المقرر تنظيمهما في العاصمة باريس اليوم الخميس، وتم منعهما نظراً لمخاطر الإخلال بالنظام العام وفق زعمه.
وهددت أول من أمس رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن بأن بلادها لن تتسامح مع أي عمل أو أي تصريح معاد لإسرائيل على أراضيها، متعهدة بأقصى درجات الحزم تجاه ذلك، ويأتي هذا الموقف الفرنسي مع المواقف الغربية عموماً لإظهار المزيد من الدعم لكيان الاحتلال الإسرائيلي في الاستمرار بعدوانه على الفلسطينيين في قطاع غزة.
ولم تتأخر الحكومة الفرنسية، وبتوجيه من الرئيس إيمانويل ماكرون، وتنفيذاً لرغبات اللوبي الصهيوني القوي في فرنسا، عن إعلان الدعم الكامل والمساندة والتضامن مع إسرائيل، بينما انهالت بالإدانات والتجريم على الفلسطينيين.
لكنها لم تتمكن من كتم صوت الحق والحقيقة الذي تولته نخبة من السياسيين اليساريين في حزب «فرنسا غير الخاضعة» والباحثين والمفكرين ونشطاء ورجال قانون، نخبة قدمت رؤيتها للصراع الدائر حالياً لتضع الأصبع على الجرح وبشجاعة لافتة، مُدينة إسرائيل وتاريخها الطويل من العنف والجرائم.
وحسب موقع «الميادين»، قالت ماتيلد بانو رئيسة مجموعة «اليسار الراديكالي» بالجمعية الوطنية(البرلمان): أوقفوا إطلاق النار، هذه الرسالة وصلت من الأمم المتحدة والبابا ولولا دا سيلفا، لأن الأسوأ سيأتي عندما أمر وزير الأمن الإسرائيلي بمحاصرة غزة ليحرم مليوني شخص من الماء والغذاء والكهرباء، خارقاً القانون الدولي، وفي مواجهة ذلك، لا يمكن لفرنسا أن تصمت، لم تكن الشجاعة مهمة كما هي الآن، وبيان الرئيس وبيان الحكومة لم يذكرا كلمة سلام، فهل ستجد فرنسا لغة السلام؟
وبدوره قال بول شانيولو، رئيس معهد البحوث والدراسات حول البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط في فرنسا: إن هدف الحكومة الحالية مع الفاشيين في الحكومة هو سحق الفلسطينيين، والرهيب هو أنهم يطلبون الذهاب إلى النهاية من دون هدف سياسي، ونتنياهو يريد تدمير أوسلو، إذاً من المهم أن مبادرة حماس هي قلب توازن القوى والوضع الجيوسياسي.
من جهته، قال بروفسور قانون دولي فرنسي فرنسوا دوبيسون: إن يجب التذكير بأن عدم المساواة الذي ارتكبته إسرائيل بالحصار الشامل على غزة يخرق القانون الدولي، والاحتلال عموماً للأرض الفلسطينية يترافق مع استيطان متوسع وقمع للشعب، ويجب أخذ كل هذه الوقائع لفهم ما يجري، وأن حماس أرادت تحطيم الخطوط وقلب الأوضاع في مواجهة المجتمع الدولي الذي يواصل التعاون مع إسرائيل والحكومة الإسرائيلية المتطرفة، والتي يشارك فيها الفاشيون.
من جهته، قال القيادي في «فرنسا غير الخاضعة» النائب مانويل بومبار: إن تصريحات وزير الأمن الإسرائيلي غير مقبولة، أن الحصار المفروض على منطقة يعيش فيها أكثر من مليوني شخص من دون أي إمكانية للفرار هو جريمة حرب على الحكومة الفرنسية أن تخرج عن صمتها، وعليه أن يتخذ موقفاً فورياً من أجل السلام.
بدورها، قالت الباحثة الفرنسية آنياس لوفالوا: يجب عدم فصل العملية التي قامت بها «حماس» عن التاريخ منذ 1948، هناك نفي لوجود الفلسطينيين وهناك عنف ممارس ضدهم منذ سنوات وسنوات عبر المستوطنين وعبر قضم أرضهم(الفلسطينيين)، بسبب الاستيطان والطرق الالتفافية، وكل هذا العنف الممارس ضد الفلسطينيين يفضي إلى أن عملية حماس لم تنطلق من الفراغ، بل من تسلسل العنف الذي يمارسه المستوطنون ضد القرى والمزارع الفلسطينية ويقتلون الفلسطينيين، وهذه هي الحقيقة التي يجب أن تؤدي إلى الجلوس إلى طاولة بحثاً عن وسيلة لوقف العنف والمأساة.
وفي السياق، قال أستاذ علم النفس الكاتب والمخرج الفرنسي جيرار ميلر في حديث خلال ندوة على القناة الفرنسية 5: لقد كنت دائماً مناصراً لفلسطين، وأشير إلى العذاب الفلسطيني وأسلوب تعامل المستوطنين معهم في الضفة، وأسمعهم يتحدثون عن العرب في إحدى القنوات الإسرائيلية ولا أصدق ما أسمع، تماماً كما تحدث النازيون عن اليهود، يتحدثون عنهم كحشرات خالصة يجب القضاء عليها.
في حين تساءل برتران بادي مختص بالشؤون الدولية وبروفسور علوم سياسية في باريس: ماذا يفعل الغرب والذين أدانوا الهجوم على المدنيين للمساهمة في حل سلمي للمأساة الفلسطينية المستمرة منذ ثلاثة أرباع القرن، فأغلبية الفلسطينيين لم يعرفوا في حياتهم السلام، ماذا قدم الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة لهذه القضية، مع أننا رأينا 250 ضحية فلسطينية منذ بداية العام، ولم يكونوا كلهم إرهابيين ولكن أطفال ونساء، ولم نستطع أن نقف على قدم المساواة بين إنسان وإنسان ورجل وآخر، وأنّ ألم وعذاب عائلة فلسطينية مماثل لألم وعذاب عائلة إسرائيلية، لدينا شعور بغياب المساواة والفلسطيني في كل مكان يرى بأننا نقترب من إلغائه، ولاسيما منذ تأليف حكومة نتنياهو، وهذا ما يفجر عنفاً مخيفاً.