رياضة

أسباب غياب النجوم عن عرش السلة السورية في آخر عشر سنوات بعيون وآراء مدربينا الوطنيين

| مهند الحسني

تمر السلة السورية في الفترة الحالية بحالة من عدم الاستقرار الفني، فهي مازالت تفتقد لكثير من مقومات التألق والإبداع، فالأندية بات جل اهتمامها منصباً على فرق الرجال، وتقدم لها كل ما لذ وطاب من ميزانية النادي على حساب باقي الفرق التي لم تعد تجد من ينادي باسمها ولا يقدم لها يد العون الأمر الذي ساهم في تفاقم واقع الأندية أكثر مما أدى إلى عدم قدرتها على خلق جيل سلوي واعد للمستقبل وعدم ظهور لاعبين متميزين من طراز السوبر ستار.

«الوطن» حيال هذا الوضع استطلعت آراء بعض مدربينا الوطنيين عبر التحقيق التالي:

هيثم جميل (مقارنة صعبة)

أعتقد من المجحف أن نقول إنه لا يوجد نجوم في ملاعبنا سواء على المستوى المحلي أم الدولي، في البداية علينا أن نوضح من اللاعب النجم، أو ما المعايير التي يجب الاعتماد عليها لنطلق لقب النجم على لاعبينا، منذ أمد بعيد وملاعبنا ويوماً بعد يوم وجيل بعد جيل وهي تعطينا لاعبين نجوماً مميزين لا يمكن حصرهم وبجميع المراكز، حقيقة الأمر أن الفترة الزمنية الصعبة التي مرت بها بلادنا الحبيبة أثرت وبشكل كبير في المستوى الفني للاعبين، فإن مشاركتنا الخارجية على مستوى الأندية والمنتخبات قد انخفض كثيراً، عدا ذلك ضعف المسابقات عموماً على مستوى الفئات العمرية فقد أثر أيضاً في مستوى اللاعبين الصاعدين ما يؤخر من زمن ظهورهم على مستوى فني مميز، والخطأ الأكبر الذي يقع فيه الكثير من الفنيين هو المقارنة بين لاعب من الستينيات أو الثمانينيات بلاعبي هذا الزمن، لأن لكل زمان خصوصيته ومعطياته الخاصة، علينا احترام ما يقدمه هذا الجيل وهؤلاء اللاعبون، ومنهم من هم نجوم مميزون، كما علينا دعم وبأسلوب مهني فني حضاري للاعبين الصاعدين الجدد.

المشكلة الحقيقية هو أن هناك أفراداً كانوا يوماً لاعبين نجوماً مميزين وما زالوا يعيشون هذه النجومية، ولخوفهم من أن تذهب عنهم الأضواء فإنهم يروجون بطريقة أو أخرى أن هذا الوقت لا يوجد فيه لاعبون نجوم مميزون، وبهذه الأفكار فإنهم يخالفون المثل القائل (لكل زمان دولة ورجال).

وليم حداد (نظام المسابقات)

سبب قلة وجود نجوم جديدة في أنديتنا يعود لأننا دائماً نبدأ من الأسفل إلى الأعلى، وعندما يكون العمل صحيحاً بالقواعد سنلاقي النتيجة في فرق الكبيرة جيدة.

عدد اللاعبين الصغار الممارسين للعبة قليل جداً، ولا يتناسب مع عدد السكان، فكلما كبرت الكمية في الأسفل فستحصد على النوعية في الأعلى.

نظام المسابقات المتبع في الفئات العمرية غير مجد ولا يعطي للاعب الخبرة الكافية المطلوبة ليكون لاعباً جاهزاً للعب في دوري الرجال.

وعدد الأندية للعبة قليل، بحيث يصعد اللاعب للرجال أغلب الأوقات ولا يوجد مكان له لأن الجميع مطالب بالفوز والخبرة وإعطاء الفرصة تبدأ عند الأندية الصغيرة ومن ثم ينتقل اللاعب إلى الأندية المنافسة طبعاً عندما يكون لاعباً موهوباً.

المعسكرات الفردية للاعبين غير موجودة أو معسكرات خارجية لإرسال اللاعبين وتطوير مهاراتهم.

رامي الخطيب (مشكلة كبيرة)

الحديث بهذا الموضوع المهم هو محاولة لعلاج مشكلة كبيرة بالسلة السورية، هذه المشكلة الكبيرة لها العديد من الأسباب، والكل يجب أن يتعاون ليتمكن من تغيير هذا الواقع الذي تعيشه سلتنا، بداية هناك عدم الاستثمار بمدربي القواعد هذا الشيء حقيقي، ومن أسبابها هو سياسة الأندية التي ترغب في الفوز من خلال دفع الأموال واستقدام مدربين ولاعبين أجانب للفرق الأولى، وهذا يسبب ضغطاً على إدارات الأندية وعلى المدربين من أجل أن يحققوا الفوز، اليوم نحن بحاجة لعمل كبير حتى نستطيع أن نخلق مواهب، وهذا يحتاج إلى تحمل كبير للمسؤولية، اليوم المدرب إذا لم يعمل على نفسه ويطور مستواه أكيد لن ينجح وسيكون نجاحه محدوداً، وأنا أشجع الجيل الجديد من المدربين في أن يطوروا أنفسهم ويكونوا مدربين للمهارات، يجب أن يكون هناك توازن لأنه ليس من المنطق أن يصبح الجميع مدرباً للفريق الأول، ومهمة مدرب الفئات والمهارات لا تقل عن أهمية مدرب الفريق الأول، هناك جزء كبير من المسؤولية على اللاعبين الذين إذا لم يحاولوا رفع مستواهم ولو بشكل فردي لا يمكن أن يتطوروا.

التمرين الجماعي مع الفريق غير كاف لتطوير اللاعبين، لابد أن يعرف اللاعب ما نقاط ضعفه، ويعمل عليها، وبالوقت نفسه يقوي نقاط القوة لديه، رحلة تطور اللاعب لا تتوقف بتوقف عند وصوله لمرحلة الاعتزال، وبكل يوم يجب أن يسعى لتطوير مستواه ولابد حينها أن يكون من اللاعبين المتميزين.

عبود شكور (مسؤولية مشتركة)

أسباب يتحملها اللاعبون وأسباب يتحملها اتحاد السلة، لأن كرة السلة لعبة مهارات، والمهارات تتطلب هنا توافر الموهبة والتمرين المتواصل لصقل هذه الموهبة، للأسف سورية افتقرت في السنوات الماضية وتحديداً سنوات الحرب للمواهب الجيدة، بالإضافة إلى أن اللاعبين برأيي لم ينالوا الجرعات التدريبية الكافية للوصول إلى مرحلة النجومية سواء كان ذلك تقاعساً منهم أم بسبب قلة المنشآت الرياضية.

جورج شكر (غياب التوجيه)

هناك العديد من الأسباب التي لم تسمح لسلتنا برؤية نجوم جديدة تحلق في سمائها، بداية الأسباب الظروف القاهرة التي تمر بها البلاد عامة ومراكز صناعة المواهب المعروفة تقليدياً حلب ودمشق وبدرجة ثانية حمص وحماة واللاذقية، حيث إنها أثرت بشكل كبير في كم اللاعبين وصعوبة إقامة مباريات مع تقطع الطرق والأهم هنا هجرة عدد كبير من المدربين واللاعبين وهو ما أضعف القاعدة التي ارتكزت عليها سلتنا لسنوات ماضية.

مع عودة الأمان لأغلب المدن وعودة النشاط الرياضي واقترابه من نقطة ما قبل الأزمة…. غاب عن اتحاد السلة حتى الآن توجيه الأندية للاهتمام بقواعدها وهي التي أغرتها أضواء النقل التلفزيوني والجماهيري وأغلب إدارتها بعيدة عن أجواء الرياضة وصناعتها، ستظل الأندية بعيدة عن الاهتمام بقواعدها طالما ترك لها المشاركة من عدمها في منافسات اللجان الفنية وخاصة في المحافظات التي لا تمتلك إلا عدداً محدوداً من الأندية كحمص واللاذقية..

أتمنى أن يسلط دوري تحت 21 مع دوري النخبة الأضواء على المواهب القليلة في هذه الفرق وأن يقام في السنوات المقبلة دوري كامل لفئات تحت 18 وتحت 16 للرجال والسيدات ومن لا يشارك به لا يسمح له بالمشاركة بدوري النخبة للرجال والدرجة الأولى للسيدات، لأنه السبيل الوحيد بإعادة إفراز مواهب جديدة من اللاعبين وحتى المدربين.

المدرب أمين خوري (الانتماء تغيير)

بالفعل السلة السورية تفتقد للاعبين السوبر ستار أمثال بيير مرجانة وجاك باشاياني وأنور عبد الحي ومحمد أبو سعدة وآخر نجوم سلتنا ميشيل معدنلي، ولهذا الضعف أسبابه أهمها قلة محبة اللاعب للعبة، أذكر قبل سنوات أي قبل دخول نظام الاحتراف كان حب اللاعب للعبة أكبر، وكنا نرى بعض اللاعبين يتمرنون في أوقات غير أوقات تمرين فرقهم حباً بتطوير مستواهم والوصول لمستوى عال، وهذا من شأنه أن يساهم في رفع مستوى هؤلاء اللاعبين، على عكس ذلك تماماً في أيامنا هذه نرى أن بعض اللاعبين لا يلتزمون حتى في تمارين أنديتهم، إضافة إلى عدم وجود مدربين وطنيين مؤهلين لقيادة فرق القواعد بشكل جيد، وهذه مسؤولية الأندية والاتحاد معاً الذي لا يؤكد في كل مناسبة أن بابه مفتوح أمام الجميع من يرغب في تقديم أي شيء جديد لتطوير اللعبة، وأنا كمدرب تقدمت لاتحاد السلة منذ فترة بخطة عمل علمية ستساهم في رفع مستوى اللعبة لو نفذت بشكل صحيح لكن الخطة لم تلق أي اهتمام ووضعت في غياهب النسيان، فأين اتحاد السلة من شعاراته، إضافة لعدم وجود صالات تدريبية لجميع الأندية التي من شأنها أن تساهم في تأمين حصص تدريبية لفرق القواعد بشكل كبير ما يؤدي إلى رفع مستواها، وبالتالي لابد حينها من ظهور لاعبين متميزين من طراز النجوم.

يبريم خوخاخيان (التمرين المكثف)

هناك عدة أسباب لغياب اللاعبين النجوم بسلتنا الوطنية، بداية هناك نوعان من اللاعبين، لاعب يرغب في تطوير مستواه وهو بالأصل يمتلك كل مقومات التألق والموهبة، أما النوع الثاني فهو اللاعب الذي يتطور بالتمرين وهذه الفئة الأكثر وهم بحاجة إلى تمارين مكثفة وصالات وكرات ومدربين مختصين بتطوير المهارات الأساسية، وللأسف هذا الشيء حالياً غير موجود لدينا، واللاعب الموهوب وهذه فئة قليلة للأسف.

ولابد من اكتشاف هذه المواهب وهي بحاجة إلى تمارين ومدربين متخصصين، لكن يجب ألا ننسى الوضع الصعب الذي يمر به بلدنا الحبيب حالياً وهذا من شأنه أن ينعكس سلباً على تطوير مفاصل اللعبة بشكل عام.

المدرب عدي خباز (ظلم لمدربي القواعد)

أهم سبب لغياب اللاعبين النجوم في أنديتنا هو وجود تخبط في مسابقات الفئات العمرية وخاصة في السنوات الثلاث الماضية، فكل موسم عمر جديد ومسابقة جديدة، وهناك بعض الفئات اقتصرت مبارياتها على تجمع بالمحافظات، فالفريق الذي يلعب الدور النهائي يكون في رصيده من اللعب خمس أو ست مباريات فقط، وهذا لن يحقق الفائدة الفنية ولا يساهم في رفع مستوى هذه الفرق لأن المباريات القوية والكثيرة هي التي ترفع من المستوى وتساهم في ظهور لاعبين متميزين، إضافة لمدربي الفئات العمرية فهم مظلومون من الناحية المادية بشكل عام، إضافة لعدم وجود صالات تدريبية لدى جميع الأندية لأن لعبة الباسكت تحتاج إلى ممارسة مستمرة وتمرين متواصل، واللاعب في هذه المرحلة الصغيرة يحتاج إلى أن يلعب خمسين إلى ستين مباراة بالموسم، وهذا الرقم لم ولن يتحقق في ظل مسابقاتنا الحالية لأسباب عديدة أهمها عدم توافر الإمكانات المادية للأندية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن