قضايا وآراء

بين اقتدار المقاومة وتخبّط الكيان

| هديل محي الدين علي

بعد عشرة أيام من بدء عملية «طوفان الأقصى»، يبدو المشهد أكثر تعقيداً مع تسارع كبير للأحداث وتغير لحظي لمجريات الميدان، إلا أن الثابت الوحيد والواضح هو الاقتدار المنضبط والمنسَّق لفصائل المقاومة الفلسطينية في مواجهة الكيان الصهيوني الذي يعيش حالة من التخبط والانقسام على كل المستويات أبرزها السياسية والعسكرية التكتيكية.

عشرة أيام والمقاومة الفلسطينية تثبت في كل يوم أنها على قدر المسؤولية التي حمّلها إياها ذلك الشعب الصامد بالتحرير واستعادة الحقوق المغتصبة، فكانت بارعة في إدارة المعركة ميدانياً وسياسياً وإعلامياً.

إن توقيت استخدام المفاجآت ونوعيتها ومناسبتها للحدث، عمل على تحقيق تفوق زماني ومكاني للمقاومة على العدو الصهيوني الذي يقاتل في مستوطناته، متأخراً بامتلاك زمام المبادرة الصاعقة التي لم يستطع تجاوزها حتى الآن، خاصة في ظل إشغال ممنهج على كل الجبهات ينفذه محور المقاومة في جبهتي الشمال وجبهة الضفة لتثبيت حالة الانتصار التي حققها المقاومون في غزة وكسب مزيد من الوقت أمام الكيان الغاصب السريع الألم والذي يفقد مع كل يوم يمر، بعد السابع من تشرين الأول، مزيداً من العتاد والعديد.

إن استخدام المقاومة للسلاح النوعي والجديد بشكل ممنهج ومناسب وامتلاكها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لإدارة المعركة تكتيكياً وتنسيق موجات هجومها، فاجأت العدو الذي صرف مليارات الدولارات لتحصين نفسه من دون فائدة.

وعلى المستوى السياسي استطاعت المقاومة الفلسطينية أن تحظى بتأييد مطلق من الشعوب العربية والحرة في العالم، رغم كل الدعم الذي تتلقاه إسرائيل من أوروبا وأميركا لتكون المسيرات والتظاهرات ووقفات التأييد والمساندة الضاغطة على الحكومات الغربية أكبر دليل على ذلك، ناهيك عن تحرك سياسي سريع يقوم به دبلوماسيو محور المقاومة لإيقاف جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب العربي الفلسطيني في غزة ودعم المقاومة.

على المستوى الإعلامي ورغم كل الإمكانيات التقنية التي يمتلكها الغرب وتحكمه بوسائل الإعلام العالمية، تمكنت المقاومة من خلال إدارتها للحرب النفسية واستثمارها لصدمة الكيان من أن تحقق أهدافها في:

• تعزيز حالة الانهيار المعنوي لجيش العدو.

• تعميق الفجوة السياسية في الداخل الإسرائيلي.

• إظهار وتوثيق وحشية وهمجية العدو الصهيوني للرأي العام العالمي، وتكذيب رواياته الهوليوودية حول سلوك جيشه.

• تعزيز مفهوم أخلاقيات المقاومة الوطنية في فلسطين ضد الاحتلال الصهيوني، من خلال رصد سلوكيات عناصر المقاومة الأبطال مع النساء والأطفال وبشهادة الأعداء.

هزيمة جيش الاحتلال والعار الذي لحق به لن تمحيهما آلته العسكرية العدوانية ضد المدنيين في غزة، وهو أمر أقر به أحد قدامى المحاربين في ما يسمى «القوات الخاصة الإسرائيلية لمكافحة الإرهاب»، ألكسندر براس، للصحفية مارينا بيرفوزكينا، في «موسكوفسكي كومسوموليتس» حيث قال: «ما حدث كارثة على المستوى الوطني. وهذا عار لم يعرفه الجيش الإسرائيلي من قبل. انهارت الجبهة الجنوبية بأكملها، بين عشية وضحاها. كل ما كان من المفترض أن يمنع الفلسطينيين من الدخول لم ينجح. لا نظام المراقبة ولا نظام الإنذار ولا الحواجز التي أُنفقت عليها المليارات، وجدت المنطقة العسكرية الجنوبية بأكملها تقريباً نفسها بلا جنود».

وأخيراً على الكيان الصهيوني أن يعي أنه خسر المعركة وأن يذهب مهرولاً لطلب التفاوض لتبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية قبل فوات الأوان وتورطه في اجتياح بري لن يعود إليه إلا وبالاً، وحين ذلك سيعرف حجمه الحقيقي أمام رجال المقاومة أصحاب الأرض.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن