اقتصاد

«نوبل» مؤشر لتنافسية بلد ما: ماذا عـن حظوظ العـرب؟!

| د. سعـد بساطة

دعـونا نستعـرض جوائز نوبل لا بشكلها النمطي؛ بل كمؤشر لمستوى البحث العـلمي؛ وبالتالي لتطوّر الصناعـة بشكل خاص والاقتصاد عموماً فيه.. فالبحث العـلمي هو القاطرة التي تدفع تطوير الصناعـة والاقتصاد؛ وتقيـّم وضع التعـليم؛ والتقدم في بلد ما.

بداية فالعـالم كلـّه منشغـل؛ باللائحة المختصرة للمرشحين؛ وكما قال صحفي يوماً ما؛ فمن يحوز جائزة نوبل؛ تصبح الحياة لديه لا كما كانت! التي يبتّ فيها 12 تشرين الأول من كل عـام؛ والسبب وراء هذا التاريخ؟ عـيد مولد ألفريد نوبل نفسه.

لننظر الآن لحصة العـرب؛ فالذي حازها الآن لأبحاثه في الكيمياء بمجال النانو للأبحاث الطبية هو رقم عـشرة من العـرب عـلى مدار 122 عـاماً؛ (كلهم في الآداب والسلام) عـدا (المصري زويل في فيزياء الفمتو ثانية؛ واثنان من أصول لبنانية؛ وآخرهم التونسي المنجي باوندي).

الجوائز تتفرع إلى 5 مضامير هي (السلام؛ الآداب؛ الفيزياء؛ الكيمياء؛ والطب) أضيفت لها جائزة الاقتصاد عـام 1969.

سبب طريف وراء الجائزة؛ فقد قرأ نوبل 1888 نعـيه – المنشور خطأً – بصحيفة فرنسية؛ وقد لقـّبته «تاجر الموت»؛ فآلى عـلى نفسه تكفيرا عـن اختراع الديناميت؛ أن يتبرع بثروته لجائزة عـالمية سنوية لمصلحة تقدم العـالم.

من العـجيب عـدم ورود جائزة للرياضيات؛ والسبب طريف للغـاية نوبل اختار عدم تخصيص جائزة للرياضيات لأن عـشيقته هجرته بسبب علاقة غرامية بعالم رياضيات مشهور (المصادر تذكر أنه العالم جوستا ميتاج لفلر) لذلك خشي نوبل أن تذهب له الجائزة ذات مرة. أما التبرير الآخر: لكون ملك السويد والنرويج – في حينها- كان يمنح سنوياً جائزة تدعـى «جائزة أبيل» للمتفوق في هذا المضمار؛ فارتأى الفريد نوبل عـدم منافسة الملك احتراماً لمقامه!

كانت عائلة ماري كوري محظوظة، فهي الأكثر نيلاً لجوائز نوبل، فماري كوري ذاتها نالت مرتين، وكذلك زوجها بيير كوري، كما نالت ابنتها إيرين جوليو كوري جائزة نوبل في الكيمياء عام 1935 مع زوجها، وكذلك نالت ابنتها الثانية التي كانت مديرة لليونيسيف جائزة نوبل للسلام عام 1965.

ولكن بشكل عـام؛ فحظ القوارير: بنات حواء من الجائزة محدود (48 سيدة فقط)!

يقارب عـدد الفائزيـن ضمن تاريخ الجائزة (900 شخص) منهم 353 أميركياً؛ فهل هذا يعـطي فكرة مـن الدولة في العـالم الأكثر احتضانا للبحوث والتطوير (Research & Development)؟

من أصغـر الحائزين نوبل؟ إنها الباكستانية: ملالا يوسفزي سنة 1997 وكان عـمرها آنذاك 17 عاماً؛ والأكبر جون جود اينوف لتطويره بطارية الليثيوم؛ وكان عـمره 97 ربيعـاً!

هنالك محذوران نتيجة للجائزة: الأول أنها قد تعـطي فائزها جرعـة من الغـرور؛ فيتوقف عـن العـطاء لأنه وصل لأعـلى الدرجات.

والثانية: على الرغم من التطوّر الكبير للعلوم على مرّ العقود الماضية، فلا تزال بعض الصور النمطية عنها شائعة.

فحتى اليوم، ما زلنا نتخيّل أن الكيميائيين يقفون بين قوارير يتصاعد منها الدخان، وأن الفيزيائيين يكتبون معادلات معقّدة على لوح، رغم أن العلوم تشعبت كثيراً، ولم تعد تنحصر في فئات محددة وواضحة.

تستعاد هذه المعضلة في موسم جائزة نوبل التي تمنح لعلماء في مجالات الكيمياء، والفيزياء، والطب، في حين أن الاختصاصات العلمية باتت أكثر تقاطعاً وتشعباً.

إن تلك التنميطات عـفا عليها الزمن، ففي ورقة بحثية بعنوان «فرصة نوبل لتقاطعية المسارات» نُشرت عام 2018 بمجلة «نيتشر فيزيكس» العلمية. تقول إن جائزة نوبل لم تواكب بما فيه الكفاية تقاطع المسارات العلمية وإنها لا تزال متأخرة عن التطور الذي شهدته العلوم. والسبب يعود إلى أن «العلماء من مختلف التخصصات يعملون اليوم معاً بشكل متزايد على مشاكل معقدة كانت مستعصية في السابق».

نصف الآن حفل تقديم الجوائز؛ يدخل المكرمون القاعـة؛ فيهب ملك وملكة السويد واقفين؛ إجلالاً لإنجاز هؤلاء الفطاحل.

من تاريخنا؛ انتهى معـاوية الضرير (أستاذ أبناء هارون الرشيد) من طعامه فقام أمير المؤمنين ليصب الماء على يديه ليغسلها، وقال له أتدري من يصب الماء على يديك، قال: لا، فقال هارون الرشيد: أنا، فقال معاوية: إنما كرَّمت العلم يا أمير المؤمنين. وكان المأمون يجزي مترجمي العـلوم من الإغـريقية؛ بوزن مخطوطتهم من الذهب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن