اقتصاد

حرب الإبادة.. والتبعات الاقتصادية!

| هني الحمدان

حرب الإبادة التي يقودها الكيان الصهيوني على فلسطين تركت وستترك آثاراً اقتصادية خطرة ومقلقة على المشهد الإقليمي، حيث ستعاني اقتصادات دول المنطقة من تداعيات هذه الحرب التي دمرت البشر والحجر، فبدأ الغرب الداعم المباشر والمنظمات الداعمة لبعض شعوب المنطقة بالتهديد بوقف كل عوامل الدعم وهذا سيترك أثراً على اقتصادات بعض الدول التي يعتمد استقرار اقتصادها على العوامل الخارجية وارتباطاته مع منظومات الاستيراد والتصدير وما شابه ذلك، فالخشية توقف كل عوامل الدعم من جانب المنظمات الدولية المانحة تحت ضغط اللوبي الصهيوني-الأميركي، وترك المنطقة بؤرة نزاع وساحة حرب ومناوشات مستمرة، الأمر الذي سيعقد المشهد الاقتصادي لها ولشعوبها، فتتأثر أوضاع النمو والإنتاج ويقل الاستثمار أو يكاد يتلاشى وتتراجع السياحة وكل عوامل أي نمو ليس لبلد، بل لبلدان المنطقة برمتها، وقد يستغل مجالاً للمزيد من عوامل الحصار والتضييق وفتح أبواب الجوع بهدف تركيع شعوب بلدان هذه المنطقة.

في حالة الحرب، التقلبات السريعة في التكتلات والتحالفات تؤثر في أشكال الدعم وجوانبه وتظهر الجوانب السياسية إلى العلن على أشكال تضييق وحرمان وحصار، وفي حال استمرار الحرب مشتعلة أو متوترة سيترك ذلك آثاراً على دول المنطقة برمتها، نتيجة لتأثرات التجارة الخارجية وإمدادات المنتجات والسلع وتأثر الزراعة وكل عوامل الإنتاج الصناعي وزيادة الطلب، وتتفاوت حدة التداعيات من بلد إلى آخر، وسورية يعاني اقتصادها منذ سنوات من جملة تحديات وصعاب وحصار اقتصادي جائر، صحيح أنه يعتمد في قنوات بقائه على حركة تصدير لو كانت بحدودها الدنيا إلا أنها ساندة، وهنا ربما تتأثر حركة التجارة الخارجية وتتعطل العمليات التجارية والإيرادات، كما تتأثر المطارات السورية كل أسبوع من جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي للمطارات وما يلحق بذلك من خسائر مادية وبشرية وفوات منافع اقتصادية، بمعنى أنه في حال استمرار تداعيات هذه الحرب، فإن الآثار الاقتصادية ربما يتوسع ثقلها بحال أخذ المشهد بالامتداد، وكل ذلك يؤدي إلى تراجع بكل مقومات الدعم وربما تأثرات حادة بالعملية التجارية والإنتاجية، وتتقلص حركة الاستثمارات وهي أحد الإفرازات السلبية على كل دول المنطقة، لأن التوتر وعدم الاستقرار سيؤديان إلى المزيد من تراجع الثقة وابتعاد شركات محلية أو عربية أو أجنبية عن الخوض بأي عملية استثمارية، كما أن عدم الاستقرار يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج، ويؤثر في القطاعات الصناعية والخدمية ويزيد من الفاتورة وتالياً المزيد من التضخم والغلاء.

إن بقاء حالة عدم الاستقرار واشتعال الحرب في حال توسعت رقعتها وزادت مفرزاتها، كلها ستؤدي إلى تراجعات في الأنشطة الاقتصادية، وبالتالي لن تكون هناك قابلية في زيادة فاعليتها وأنشطتها والتراجع هذا سيخلق حالة غير مشجعة في الوسط المالي والمصرفي من اضطرابات وتذبذبات تعصف بفواتير السلع وأعباء المعيشة للبشر.

على الحكومات حسن التدبير الإيجابي وأن تضع ضمن أولويات حساباتها أخذ كل التداعيات والحيطة في حال الاستمرارية وما قد يترتب من حسابات لم تكن ملحوظة، ورسم سيناريوهات للتخفيف قد يكون ناجعاً، فالتحديات والضغوط الراهنة ثقيلة على الاقتصاد قبل حرب الإبادة على غزة في حال بقائها لأوقات أطول وما قد ستؤول إليه الأحداث مع قادم الأيام!

تبني خطط طوارئ وتوسيع دعم الاستثمارات المحلية خطوة إيجابية، وتنفيذ سياسات اقتصادية حكيمة تراعي أي حالات طوارئ أو احتمالات لسيناريوهات مقبلة، فالغموض يلف المنطقة كلها مع تصاعد الدعم الغربي لأعمال الإبادة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن