افتتاح معرض «الإسلام في روسيا» بدمشق … وزيرة الثقافة: هذا المعرض يبين لنا كيفية تلاقي وتلاقح الحضارات وفنونها وأنماطها العمرانية
| مايا سلامي- تصوير مصطفى سالم
برعاية من وزارة الثقافة وبالتعاون مع المركز الثقافي الروسي افتتحت صالة ألف نون بدمشق معرض «الإسلام في روسيا» للمصور الروسي الشهير إيلدار يامبيكوف.
وشكل المعرض الذي ضم ما يزيد على 40 صورة ضوئية نافذة حضارية بين الشعوب تطل منها على أبرز وأعرق المساجد الإسلامية في روسيا التي أوضحت جغرافية وتاريخ انتشار المسلمين هناك، وأظهرت تلاقحهم الثقافي مع الحضارات الأخرى الذي تجلى في العمارة والبناء، فتنوعت أشكال تلك المساجد بين النمط العثماني والعربي والصوفي وصولاً إلى الفن المعماري العصري والحديث. كما اختلفت في تصاميمها وأشكالها عن الهندسة التقليدية للجوامع، فأبدع مشيّدوها بالألوان والأشكال المبهرة والساحرة التي جعلت منها لوحة فنية وروحانية حقيقية.
تلاقي الحضارات
وفي تصريح صحفي أكدت وزيرة الثقافة د. لبانة مشوّح أن الفن دائماً ما يحمل رسالة قد تكون جمالية أو وطنية أو إنسانية بامتياز.
وأوضحت أن هذا المعرض للمصور الروسي الشهير المغرم بتصوير المساجد في كل أنحاء العالم ولاسيما في جمهورية روسيا الاتحادية، يبين لنا كيفية تلاقي وتلاقح الحضارات وفنونها وأنماطها العمرانية وتأثرها ببعضها بعضاً، عندما تجتمع كلها في نمط معماري واحد تجتمع فيه الغرابة والجمال والإبداع والروحانية.
وفيما يتعلق برسالة هذا المعرض، بينت: «رسالة اليوم هي أن الإنسان في روسيا أو في أي مكان من العالم مؤمن ومحب للفنون ومبجل ومحترم للحضارات الأخرى، يستقي منها ما يراه مناسباً ليغني ثقافته ويحافظ في الوقت نفسه على هويته وأصالته».
إيصال فكرة
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أوضح مدير المركز الثقافي الروسي بدمشق نيكولاي سوخوف أن هذا المعرض يضم صوراً من عمل الفنان الروسي يامبيكوف الذي زار خلال حياته كل المدن الروسية التي تضم مساجد وجماعات إسلامية، وكذلك معظم البلدان الإسلامية، كما أقام العديد من المعارض لصور التقطها في بلدان مختلفة كفرنسا وماليزيا وآخرها كان في السعودية واليوم في سورية.
وقال: «أحببنا من خلال هذا المعرض أن نقدم للجماهير السورية فكرة عن وجود المسلمين في روسيا الذين يشكلون 10 بالمئة من السكان، لكنهم مكون مهم جداً، لأننا من خلالهم نرتبط بالدول الإسلامية الأخرى وخاصة البلدان العربية، كما أردنا إيصال فكرة عن أبرز وأهم المساجد الموجودة في روسيا وتاريخ الإسلام هناك».
وأضاف: «وأردنا أيضاً أن نوضح التطور المعماري للمساجد والتأثيرات المختلفة التي انعكست عليها حسب المراحل والقرون التاريخية والقرب من البلدان المجاورة، ففي داغستان نلحظ التأثر المعماري العربي البسيط ثم التأثير العثماني والصوفي وغيرها الكثير وصولاً إلى الأنماط المعمارية الحديثة مثل مسجد «قول شريف» في كازان الرائع جداً والمختلف بشكله عن بقية المساجد».
رحلة طويلة
وقال المصور الروسي إيلدار يامبيكوف: «بدأت فكرتي بتصوير جميع المساجد الموجودة في روسيا منذ 15 سنة وزرت العديد من المناطق مثل سيبيريا وكازاخستان وتترستان وغيرها الكثير، وهذه الرحلة كانت طويلة جداً لأن عين المصور تختلف عن عين الإنسان الطبيعي، كما تطلبت مني جهداً كبيراً في مواضيع معالجة الصور واختيار أفضلها، وقد بدأت بهذه المهنة بعد إنهائي لخدمة الجيش، وفي البداية كانت بمنزلة الهواية فقط ثم توسع اهتمامي فيها واحترفتها».
وعن زيارته لسورية وأماكنها المقدسة، بين: «أتيت إلى سورية لوجود عدة أماكن إسلامية حضارية، وزرت الكثير من المقامات والمساجد والأماكن المقدسة، ودهشت بما رأيته وشعرت بلمسة روحانية بسبب تعدد الديانات والأئمة في هذه البلد، كما صليت في بعض جوامعها».
فضاء روحاني
وأوضح مدير صالة ألف نون الفنان التشكيلي بديع جحجاح أن ألف نون بني كفضاء روحاني، والمفردة الدينية بالنسبة له هي مفردة لها علاقة بالإنسان والرقي والثقافة والأخلاقيات، لذلك تشاركنا مع المركز الثقافي الروسي، وأقمنا هذا المعرض لفنان يمتلك عيناً خبيرة وجميلة جداً وكان ذلك بمنزلة بوابة يتعرف من خلالها الناس على العمارة الإسلامية الموجودة في الأراضي الروسية.
وأكد أن هذا المعرض تجربة مختلفة توضح مقدرة الناس على التعرف على ثقافة الآخر والتمازج معه وتشعر بأن كل ما أخرج على هذه الأرض إن كان جامعاً أو كنيسة أو حتى كنيساً أو أي بناء معماري آخر هو طاقة نبيلة توحد في داخلها النوع الإنساني والفن.
وبين أن المفردة الإسلامية في أي مكان من الجغرافية تأخذ جزءاً من الطابع المعماري المرتبط بثقافة وحضارة المكان، وهذا نوع من التمازج والاندماج والمرونة في عملية إيجاد تركيبات لونية وعناصر معمارية مختلفة، وكل هذه الأشياء بالمحصلة هي جرعة فنية في زمن صعب ومؤلم وحزين.