موازنة 2024 تدعم الإنتاج والأولوية للزراعة … إعفاء الأدوية السرطانية من الرسوم الجمركية وإقرار ضوابط المقايضة بين الجهات العامة والدول الأخرى … 2000 مليار ليرة لـ«محروقات» لضمان توفر المشتقات النفطية
| هناء غانم
وافق مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية التي عقدت أمس برئاسة المهندس حسين عرنوس على مقررات المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي بتحديد الاعتمادات الأولية لمشروع الموازنة العامة للدولة للعام 2024 بمبلغ 35500 مليار ليرة سورية موزعة على 26500 مليار للإنفاق الجاري و9000 مليار للإنفاق الاستثماري.
وأكد رئيس المجلس أهمية التركيز على المشروعات التي تحقق البعد التنموي والجدوى الاقتصادية المباشرة وتسهم بتأسيس بنية اقتصادية قوية ومنتجة بالاعتماد على أولوية تنمية القطاعين الزراعي والصناعي والتوسع بالتصنيع الزراعي، واستثمار كل المساحات القابلة للزراعة وإعداد رؤية متكاملة لزراعة أشجار النخيل في المناطق الملائمة والتوسع بزراعة الفستق الحلبي، إضافة إلى ترميم قطيع الثروة الحيوانية واستيراد المزيد من البكاكير، والتوسع بمشروعات تربية الأسماك واستصلاح الأراضي وزراعة الأشجار المثمرة بمختلف أصنافها.
وشدد المهندس عرنوس على ترتيب أولويات إعادة تأهيل المنشآت الصناعية المتضررة بسبب الإرهاب والبدء بخطة مدروسة تركز على إعادة المنشآت الأكثر أهمية ووضعها في الإنتاج وفق برامج زمنية محددة، ولفت إلى أهمية إدارة مؤسسات الدولة والمال العام بكل كفاءة وبأفضل الطرق وإعطاء الأولوية للتنمية الاقتصادية المجتمعية في جميع المشروعات، مع ضرورة تطوير واقع الجمعيات الأهلية وآليات عملها لتكون رديفاً أساسياً لمؤسسات الدولة في تقديم الدعم للشرائح الأشد حاجة وتعزيز العمل الأهلي والمجتمعي.
وناقش مجلس الوزراء خلال جلسته مشروع الصك التشريعي المتعلق بإعفاء الأدوية السرطانية من الرسوم الجمركية وجميع الضرائب والرسوم الأخرى التي تترتب على استيرادها، نظراً لكون معالجة الأمراض السرطانية من أولويات عمل الحكومة ضمن قطاع الخدمات الصحية وبهدف تأمين الأدوية بشكل مستدام وصرفها مجاناً للمرضى عن طريق المشافي التابعة لوزارتي الصحة والتعليم العالي والبحث العلمي.
كما درس المجلس مشروع الصك التشريعي المتضمن فرض عقوبات جزائية على الأفعال المخلة بسير العملية الامتحانية لنيل شهادتي التعليم الأساسي والثانوي بفروعها كافة، وذلك ضمن سعي وزارة التربية لإيجاد بيئة امتحانية آمنة ومضبوطة وإجراء الامتحانات العامة بمخرجات تتسم بالدقة والمصداقية وبما يعزز الحفاظ على مستوى ومكانة الشهادات العامة في سورية.
واعتمد المجلس دليل تعريف المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، والذي يأتي في إطار متابعة تطوير بيئة أعمال هذه المشروعات وتوحيد المفاهيم والمعايير والحدود بين الجهات المعنية بقطاع المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وبناء قاعدة بيانات متكاملة عن هذه المشروعات.
وناقش المجلس مشروع الصك التشريعي الخاص بالهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الذي يهدف إلى تحديث البنية التشريعية والتنظيمية للهيئة وإعطائها مرونة أكبر في ممارسة عملها واتباع أساليب إدارية فعالة وتأمين احتياجاتها بما يضمن تعزيز الميزة التنافسية وصولاً إلى منتج إعلامي منافس ومتطور.
وأقر مجلس الوزراء أسس وضوابط عملية المقايضة في العقود التي تجريها الجهات العامة والتي تتضمن أولويات المواد والمنتجات المحلية التي يمكن إدراجها في عمليات المقايضة مع الدول الشقيقة والصديقة لتكون محلاً للتبادل التجاري.
ووافق المجلس على منح المؤسسة العامة لتكرير النفط وتوزيع المشتقات النفطية سلفة مالية بقيمة ألفي مليار ليرة سورية تخصص لمصلحة شركة محروقات لزوم تأمين التمويل اللازم لها لضمان عدم حدوث اختناقات في عمليات توريد المشتقات النفطية.
من جهته، قال عضو لجنة الموازنة في مجلس الشعب محمد زهير تيناوي لـ«الوطن» إن المؤسسات والشركات تجتمع من النصف الثاني من كل عام لإعداد موازناتها التقديرية ومناقشتها في مجلس التخطيط الاقتصادي، مؤكداً أن أرقام الموازنة لهذا العام طموحة جداً وأكثر من المتوقع لافتاً إلى أن الموازنة للعام الماضي كانت 16500 مليار ليرة سورية أي بزيادة أكثر من 100 بالمئة، مضيفاً إن المأمول أن تكون الموازنات طموحة دائماً لكن بالمقابل يجب أن يكون لدينا واردت تغطي هذا الرقم الكبير.
وأضاف: إن تخطيط الحكومة لهذا الموازنة يحتاج إلى مطارح لتأمين واردات لتغطية هذا الرقم وتخفيف العجز المتراكم، وما يخشى هو أن تكون الواردات من جيب المواطن بشكل أو بآخر سواء بزيادة الأعباء الضريبية التي أرهقت المواطن، لأن أي ضريبية تفرضها الدوائر المالية على المكلفين من فعاليات صناعية وتجارية وخدمية كلها تنعكس على السلع وترفع الأسعار.
وأشار إلى أن الأرقام تدعو للتفاؤل ونأمل أن يكون لدى الحكومة خطط لتأمين واردت حقيقية وفعلية قد لا نعرفها وتكون مفاجئة لنا جمعياً في مطلع العام القادم.
وحول كتلة الدعم المخصصة ضمن الموازنة العامة للدولة قال لقد خصصت الحكومة 6210 مليارات ليرة، وهذا الرقم للدعم الاجتماعي أي لبعض المواد الغذائية والمشتقات النفطية والكهرباء لافتاً إلى أنه مهما كان الرقم فهو لا يفي بالغرض لأننا لا نزال بحاجة إلى الإعانات الاجتماعية، موضحاً أنه من خلال كتلة الدعم العام الماضي والحالي نلاحظ أن الشرائح التي تستفيد من الدعم تتقلص واقتصر الدعم على الشرائح الأكثر فقراً وأصحاب الدخل المحدود والذي من المفترض أن يستمر الدعم لهم بأي شكل من الأشكال لهذه الشريحة حتى لا تعاني أكثر مما تعاني، واقترح أن يكون الدعم ثابتاً ودائماً لبعض المواد الغذائية وعلى رأسها مادة الخبز والمشتقات النفطية التي تنعكس بشكل مباشر على كلف المواد المنتجة في المعامل والمصانع، مؤكداً أنه إذا لم يكن هناك دعم للإنتاج فلن يكون هناك واردات للموازنة، ومن المفترض اليوم أن يكون التخطيط أسلم للنهوض بعجلة الإنتاج التي يجب أن تدور في كل المعامل وبالقطاعين العام والخاص لأن الأهم الإنتاج ثم الإنتاج وإلا فلن يتعافى الاقتصاد.
وبين تيناوي أن قسماً كبيراً من الموازنة ذهب للإنفاق الجاري بمقدار 26500 مليار ليرة و9000 مليار للإنفاق الاستثماري، علماً أنه الأهم لأن المشروعات الاستثمارية هي التي تحقق العائدات والإيرادات التي تدعم الخزينة وتخفف العجز الموجود بالموازنة، مشيراً إلى أن هذه المشروعات شبه متوقفة لعدة أسباب منها الحصار الاقتصادي وعدم توافر المواد الأساسية وارتفاع الأسعار، إضافة إلى الإجراءات البيروقراطية الموجودة بالوزارات والمؤسسات التي تؤثر بشكل سلبي في تنفيذ المشروعات الاستثمارية.
وأكد تيناوي أنه لابد من وضع خطة قاسية لمعالجة منافذ الهدر والفساد في كل المؤسسات والوزارات لأن الحد من الهدر ومكافحة الفساد أصبحا ضرورة ولو انعكست مبالغ الهدر والفساد على الموازنة لاستطعنا تحقيق وفر وليس عجزاً.