«طوفان الأقصى» أغرقت اقتصاد كيان الاحتلال.. والعالم يتجهز لما بعد … إعلام العدو: إسرائيل تتحول من ذخر إستراتيجي إلى عبء على واشنطن
| وكالات
أكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أمس أن الاحتلال الإسرائيلي بدا في عيون الأميركيين وكأنّه بحاجة إلى إنقاذ، وليس فقط الدعم، وذلك مع احتمال نشوب حرب مع حزب اللـه وإيران بعد معركة «طوفان الأقصى، في حين لم تكتفِ الصدمة التي تلقتها إسرائيل في الـ 7 من الشهر الجاري بضرب الكيان الإسرائيلي عسكرياً وسياسياً، وإنّما أثّرت بشكلٍ مباشر على اقتصادها الذي حاولت بناءه على مدار السنوات الماضية.
واعتبرت الصحيفة أن الاحتلال سيفقد «شرعيته الاستراتيجية» لدى واشنطن، ويتحول من «ذخر استراتيجي إلى عبء»، وحسب «يديعوت أحرونوت»، ممنوع على إسرائيل أن تُنهيَ هذه الحرب، من دون أن توضح للولايات المتحدة أنها كانت ولا تزال شريكة.
وفي وقت سابق، أكد رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، الدعم الأميركي للاحتلال، وذلك خلال اتصال مع رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وفيما يستمر الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة منذ 22 يوماً، متسبباً بعزل القطاع المحاصَر عن العالم، عبر قطع لشبكات الاتصال والإنترنت، قالت النائبة الأميركية عن الحزب الديمقراطي في الكتلة الليبرالية، كوري بوش: إن إسرائيل لا تريد أن يرى العالم ما تقوم به.
ومع بداية معركة «طوفان الأقصى»، دعت بوش إلى «قطع التمويل عن إسرائيل»، مشيرةً إلى ضرورة إنهاء دعم الحكومة الأميركية للاحتلال العسكري الإسرائيلي والفصل العنصري.
وقبل ذلك تحدّثت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن «التآكل» الذي يصيب وحدة الحزب الديمقراطي الأميركي، المستمرة منذ سنوات خلف الرئيس الأميركي جو بايدن، بسبب دعمه الثابت لإسرائيل في حربها المتصاعدة مع الفلسطينيين.
ولفتت الصحيفة إلى أن الاحتجاجات والرسائل المفتوحة و«ثورات» الموظفين والإضرابات، للديمقراطيين الليبراليين، طالبت بايدن بالتخلي عن السياسة الأميركية المستمرة منذ عقود، والدعوة إلى وقف إطلاق النار.
وبالتزامن مع إعلان جيش الاحتلال «توسيع عملياته البرية»، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن 5 مسؤولين أميركيين، مطّلعين على المناقشات، قولهم: إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تحثّ إسرائيل على إعادة التفكير في خططها شنّ هجوم بري كبير على قطاع غزة.
ووفقاً لهم فإن مسؤولي الإدارة أصبحوا قلقين للغاية بشأن التداعيات المحتملة لهجوم بري كامل، ويشككون بصورة متزايدة في أنه سيحقق هدف الكيان المعلن، والمتمثل بالقضاء على حركة «حماس».
وأبدت واشنطن دعمها الثابت للاحتلال الإسرائيلي في عدوانه المتواصل على قطاع غزة، منذ الـ7 من تشرين الأول الجاري، تحت ذريعة «الدفاع عن النفس»، حيث ادّعى بايدن أن الجرائم الإسرائيلية «لا تعني تجاوزاً للقوانين الإنسانية والدولية»!.
وتمثّل هذا الدعم بزيارات مسؤولين أميركيين إلى الأراضي المحتلة، على رأسهم بايدن، وتقديم الدعم المالي والعسكري للاحتلال، إضافة إلى الاتساق مع السردية الإسرائيلية في نقل الأحداث، وصولاً إلى تشكيك بايدن بأعداد الشهداء الفلسطينيين الصادرة عن وزارة الصحة في غزة، الأمر الذي قوبل بإدانات واسعة.
على خَطٍّ موازٍ، تصاعدت المخاوف الجيوسياسية والاقتصادية الناتجة عن عملية «طوفان الأقصى»، وبعيداً عن الجبهة العسكرية، تتأثر الجبهة الاقتصادية وبدأت التداعيات تظهر على الكيان الإسرائيلي والمنطقة.
ومنذ بداية «طوفان الأقصى» وفاتورة خسائر الاحتلال الاقتصادية تتصاعد يوماً بعد آخر، ووسط التردد الملحوظ من قبل جيش الاحتلال في العملية البرية على قطاع غزّة، تزداد المخاطر الجيوسياسية والأمنية الناتجة عن الحرب.
فتردّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية داخل إسرائيل تستمر، وهذا التردّي نتج عنه نقص في السلع الغذائية داخل الأسواق بشكلٍ جلي، مع استمرار هروب المستثمرين والسياح وحتى العمال الأجانب، وتهاوي عملة «الشيكل» والبورصة وأسواق المال.
وبهذا الصدد، قدر وزير مالية الاحتلال الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، التكلفة المباشرة للحرب بنحو مليار شيكل (246 مليون دولار) يومياً لإسرائيل، أي ما يعادل 5 مليارات و412 مليون دولار، منذ بداية عدوانها.
ومن المؤكّد أن هذا الرقم ليس نهائياً، فسموتريتش قال في تصريح لإذاعة جيش الاحتلال: إنه ليس لديه حتى الآن تقييم للتكاليف «غير المباشرة» على الاقتصاد، الذي دخل «حالة شلل جزئي، بفعل التعبئة الجماعية لجنود الاحتياط والإطلاقات الصاروخية الفلسطينية واسعة النطاق»، وخلص إلى أن الميزانية المقرّرة في الكيان لـ 2023-2024 «لم تعد صالحة» بسبب الحرب وستخضع لتعديلات.
وحسب المحلل الاقتصادي الإسرائيلي، جوزيف زعيرا، فإن «الاقتصاد مقبل على ركود لا محالة، مع تراجع الإنتاجية المتوقّع وتكلفة الحرب الكبيرة على اقتصاد البلاد».
وفي غضون ذلك، تستمر العملة الإسرائيلية «الشيكل»، في فقدان قوّتها أمام الدولار الأميركي، مسجّلةً انخفاضاً إلى أدنى مستوى لها منذ العام 2012، إذ وصل سعر صرف الشيكل أمام الدولار إلى 4.06 أمس، وهو أحد أهم المقاييس التي تعكس المخاطر الاقتصادية في الكيان، حسب ما أشار إليه تقرير نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت».
وأُصيب الشيكل بهذا التدهور السريع رغم أن البنك المركزي في الكيان يعمل في السوق المفتوحة بشكلٍ فوري، وفي سوق المقايضة بشكلٍ مكثف، وحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية قد ضخّ 45 مليار دولار لمنع «الشيكل» من الانهيار.
ووسط ظروف الحرب الشرسة على قطاع غزة، تتوقع تقارير أن تضطر البنوك الإسرائيلية إلى زيادة مخصصاتها لتغطية الديون المتعثرة والمشكوك في تحصيلها والخسائر في سوق المال، بسبب هروب المستثمرين الأجانب وسحب الودائع والإقبال على شراء الدولار وتخزينه.
في غضون ذلك، مُنيت البنوك الإسرائيلية بخسائر كبيرة، إذ انخفض مؤشر البنوك في بورصة «تل أبيب» بنسبة 20 بالمئة منذ الـ 7 من الشهر الجاري، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «غلوبس» الاقتصادية الإسرائيلية.
وتعتقد مصادر السوق أنه كلما طال أمد الحرب على غزة، كلما زاد عدد المستثمرين الذين يبيعون أسهمهم في البنوك الإسرائيلية، ووسط هذا التخبّط، أتى قرار شركتي «موديز» و«فيتش» للتصنيف الائتماني بوضع الكيان المؤقت تحت المراقبة الماليّة تمهيداً لخفض تصنيفه كالصاعقة، وانضمت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» إليهما وخفّضت توقّع التصنيف الائتماني لإسرائيل إلى سلبي. وهذا التخفيض قد يؤدي إلى جعل الاقتراض أكثر تكلفةً بالنسبة لكيان الاحتلال.
من جانب آخر فإن الواردات التي يستقبلها الاحتلال الإسرائيلي عبر الموانئ على سواحل فلسطين المحتلة باتت مهددة، حيث إن الموانئ لم تكن بمنأى عما يحصل، ففي الـ 9 من الشهر الجاري، أغلق ميناء عسقلان ومنشأة النفط التابعة له في كيان الاحتلال بشكلٍ كامل، فيما تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية في الـ 22 من الشهر الجاري عن فراغ مرفأ حيفا من السفن الأجنبية، بالتزامن مع إخلاء المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة.
وتتوالى الخسائر في القطاعات الرئيسية لدى الاحتلال، حيث شهدت صناعة التكنولوجيا التي تفتخر بها إسرائيل خسائر فادحة.
كما وصلت السياحة في كيان الاحتلال إلى طريقٍ مسدود وتجاوزت خسائر هذا القطاع الــ 6 مليارات دولار، حيث تتجنب السفن السياحية شواطئ فلسطين المحتلة ويلغي الناس زياراتهم، في حين أوقفت شركات الطيران الكبرى رحلاتها من وإلى «إسرائيل»، وعلّقت نحو 42 شركة طيران أميركية وكندية وأوروبية رحلاتها إلى الكيان، بما في ذلك رحلات الشحن.
أمّا القطاع الزراعي في الكيان الإسرائيلي فتزايدت أيضاً الضغوط عليه وخاصةً أنّ أكثر من 75 بالمئة من الخضروات المستهلكة لدى كيان الاحتلال تأتي من محيط غزّة، حسب «رئيس اتحاد المزارعين» لدى الاحتلال عميت يفراح.