نتائج منتخبات السلة هي حصيلة أخطاء الأندية وطريقة التحضير معاً.. وفكرة المدرب الأجنبي بهذه الطريقة أثبتت فشلها
| مهند الحسني
أيام قليلة تفصلنا عن انطلاقة الدوري الجديد بحلته الجديدة ولا شيء جديداً من حيث تحضيرات الأندية ولا على صعيد اللاعبين المتميزين وبقيت أنديتنا تدور في حلقة مغلقة من دون أن تجد ضالتها في إيجاد مخرج لأزمتها، هذا الحال الصعب لا يمكن أن يبشر بالخير ولا يعطي أي مؤشر على تطوير المستوى ولا قيد أنملة، فالأندية باتت مستهلكة وغير منتجة وبات جلّ همها البحث عن نتائج مسبقة الصنع والمهم أن يسجل هذا الإنجاز في سجلها حتى لو كان ذلك على حساب بنيان النادي وباقي ألعابه، كل ذلك لا يمكن أن يفرز منتخباً قوياً يدخل على خط المنافسة عربياً على أقل تقدير، ولابد هنا أن نعترف بأن البون بات شاسعاً بيننا وبين المنتخبات العربية التي نجحت في إحداث نقلة نوعية بمنتخباتها ولنا في المنتخب البحريني الشقيق دليل واضح على أن بوصلتنا وخطواتنا غير صحيحتين وتسيران بطريقة عشوائية لا يمكن أن تكون نتائجهما جيدة.
حلقة متكاملة
ما تحصده منتخبات السلة هو حصيلة منطقية لما يجري من عمل فوضوي في أنديتنا التي لم تنجح منذ سنوات طويلة في تخريج لاعبين نجوم، وهذا من شأنه أن ينعكس سلباً على واقع المنتخب الوطني بلاعبيه المحليين الذين وجدوا أنفسهم أمام صعوبات فنية كبيرة في تنفيذ أفكار المدربين الأجانب الذين قادوا المنتخب في السنوات الأخيرة.
ما ذكرناه في السطور الماضية تقع مسؤوليته على عاتق الأندية فقط، لكن اتحاد كرة السلة لن يكون بمنأى عن تحمل مسؤولية الفشل وسنأتي على ذكرها في سطورنا القادمة.
تحضيرات متواضعة
لم تخرج تحضيرات منتخباتنا الوطنية عن إطارها الكلاسيكي رغم وجود الدعم الكبير في شقيه المادي والمعنوي ورغم ذلك بقيت منتخباتنا تسير بخطا غير واضحة لا تدعو للتفاؤل، فخرجنا من التصفيات الآسيوية التي استضفناها قبل أشهر قليلة بصالة الفيحاء بدمشق بخفي حنين، وتاه منتخبنا أداء ونتيجة أمام منتخبات كان جل حلمها الخسارة أمام منتخبنا بفارق أقل من عشر نقاط، وهذا الواقع يضعنا أمام حقيقة مفادها أن تحضيرات منتخبنا تعد حلقة كاملة تتقاسمها الأندية وطريقة التحضير معاً.
ولم تأت نتائجنا الأخيرة من عبث وإنما أتت نتيجة سلسلة من الأخطاء كنا نمني الأنفس في تجاوزها من مشاركة لأخرى، ولقد صبرنا طويلاً وصمتنا على مضض خشية على تحضيرات المنتخب، ورغم المؤشرات الكثيرة والمظاهر الواضحة للخلل في بوصلة الإعداد فقد تجاوزنا عن تجاهل اتحاد كرة السلة لكل هذه الإشارات ورفضه لتصحيح مسار المنتخب في جميع مشاركاته، واستمراره بالتعنت في رفض أي تصحيح أو تصويب أو مراجعة للمقدمات التي أدت إلى نتائج مهينة بحق السلة السورية وجمهورها، وما صرف عليها، فبعد إنفاق المليارات لتحضير المنتخب والمعسكرات الخارجية بين هنا وهناك، وسقطت الوعود والعهود التي سوّقها اتحاد كرة السلة للجمهور منذ توليه مهامه بأن عهد الهزائم قد ولّى، وبأن شخصية جديدة ستعيشها المنتخبات الوطنية، وفعلاً شهدنا شخصية جديدة بفضل إستراتيجيات التنظير والتبرير والتفرد بالقرار، وظهر المنتخب في عهد هذا الاتحاد خانعاً مستسلماً متخاذلاً غير مكترثٍ لجمهوره الذي خرج عن طوره وانضباطه نتيجة الاستهتار والتهاون وخاصة في مشاركته الأخيرة في صالة الفيحاء بدمشق التي كان من المفترض أن تكون موقعة للذكرى والتاريخ بفوز متوقع على البحرين، وآخر مأمول على كازاخستان ليصفع خد أحلامنا الأول منتخب الهند الذي تؤكد مواجهاتنا السابقة معه تفوق منتخبنا، ونتلقى الصفعات المتلاحقة أمام منتخب البحرين وكازاخستان وإندونيسيا ويحقق منتخبنا فوزاً وحيداً على المنتخب السعودي الذي لعب من دون لاعبين مجنسين فخرج منتخبنا بفوز وحيد وأربع هزائم أضيفت لسجله في عهد هذا الاتحاد، حيث منيت منتخباتنا بعهده بسلسلة من الخسارات المؤلمة والقاسية ومن الطبيعي أن يكون لها أسبابها ومسبباتها.
الدوري الضعيف
نسي اتحاد كرة السلة أهمية الاستحقاقات التي تنتظره والتي تحتاج لتحضيرات مثالية وجهود مضنية، وغرق مع اللاعبين في منافسات طاحنة ضمن مباريات دوري البلي أوف الذي لم يكن توقيته متناسباً مع جدول تحضير المنتخب وخاصة الموسم الماضي، أو مع قدرات اللاعبين المنهكين الساعين لإرضاء جماهير أنديتهم المشحونة، وفات اتحاد كرة السلة أن أي إصابة طفيفة قد يتعرض لها أي لاعب لن يتمكن من علاجها،.. فاشترى الاتحاد الهدف الثانوي بهدر الهدف الأهم، وصفق مدرب المنتخب المنتفع لهذا البرنامج المتعارض مع ضرورات التحضير في حالة مستغربة تعكس مقدار استهتاره بتحضير اللاعبين وتجاهله متطلبات التأهل الذي تعامل معه وكأنه مضمون في الجيب، وفات المدرب الإسباني بأنه لم يحقق أي فوز رسمي خلال توليه مهامه، وحصل على محصلة صفرية في عدد مرات الفوز، ولأن اتحاد كرة السلة مليء بالأساطير والنجوم والفنيين والخبراء والحكماء والفقهاء فلم يجد المدرب أي شخص يعيده إلى رشده، ويذكره بالهدف الأساسي لتكليفه تدريب المنتخب، وبدا واضحاً أن الجهاز الوطني المساعد في جميع المشاركات كان لا حول له ولا قوة ولا رأي.
وما بين ضغط منافسات الدوري الضعيف الذي لم يسهم في منح اللاعبين ذلك المستوى الفني الجيد الذي يؤهلهم لخوض مباريات قوية وعالية المستوى وضيق فترة تحضير المنتخب تكررت حالات إصابات اللاعبين، والأمر لا يخرج عن أحد احتمالين: الأول عدم تناسب برنامج التحضير مع الحالة البدينة للاعبين، والحمل الزائد خلال التدريبات الذي أدى إلى تكرار الإصابات، وحالة الإنهاك الظاهرة على اللاعبين خلال المباريات.
أما الاحتمال الآخر والأقل ترجيحاً وهو ضعف الرعاية الطبية للاعبين وفقدان مستلزمات التغذية والعلاج لتعويض الجهد والإرهاق، فسافر المنتخب إلى الدورة الودية بإندونيسيا من دون طبيب معالج في سابقة خطيرة تؤكد ضيق رؤية الاتحاد المبذولة من طرفه.
وظن البعض أن قائمة اللاعبين المدعوين للمنتخب تعكس فلسفة عميقة للمدرب الإسباني، ورؤية ثاقبة تسبق قدرات المحيطين به، وبأنه يرى ما لا نراه.
أما البعض الآخر فقد شخَّص القائمة على أنها أجندة لمصالح البعض بإقصاء هذا واستدعاء ذاك.
والبعض الآخر صنف القائمة على أنها تصفية حسابات على خلفية نتائج البلي أوف ومعاركه ليثبت لاحقاً أن هذه القائمة هي خلاصة عمل مدرب غائب عن اللاعبين اكتفى بالتنزه وحضور بعض المنافسات، وأمضى وقته مع المنتخب كضيف لا تعنيه طموحاتنا ولا أحلامنا، وبأن أولوياته هي لدولاراتنا، وبأن الدوري السوري ومنافساته ومتابعة اللاعبين لا تهمه ما دام الطقس مشمساً في إسبانيا، والدولارات تحول إلى حسابه حضر أم لم يحضر، فجاءت الانتقاءات بصدمات عبثية، فلاعب لا يشارك أساسياً في ناديه، أو يلعب دقائق محدودة يستدعى على حساب آخر كان نجماً بحيويته وجديته وفاعليته، وتم إخلاء المنتخب من العامل الأساسي الذي يميزنا على منتخب البحرين باللاعبين طوال القامة، والاكتفاء بعدد محدود جداً من اللاعبين في المراكز 4-5.
والسؤال هنا: هل تابع المدرب وطبيب المنتخب إصابات اللاعبين خلال منافسات البلي أوف تجنباً لمفاجآت غير سارة خوفاً من أي مفاجآت قد تربك حساباته؟
تغيير النهج والمدرب الوطني
مشكور اتحاد السلة الذي أعاد ثقافة المدرب الأجنبي لمنتخباتنا لكن هذه الإعادة بات يطبق عليها المثل الشعبي القائل (ياريتك يابو زيد ما غزيت) بعد أن أثبت هؤلاء المدربون عدم قدرتهم على تطوير مستوى منتخباتنا لا لعدم كفاءتهم وإنما لظروف التعاقد معهم والتي تركت الكثير من إشارات الاستفهام.
فإذا كان الاتحاد مصراً على صحة وجهة نظره بعدم التعاقد مع مدرب المنتخب بعقد سنوي والاكتفاء بنظام الحساب بالقطعة والجود بالموجود، فإن مسؤولية تناوب المدربين خلال الفترات المتتابعة يتحملها اتحاد كرة السلة وحده من دون غيره، ويتحمل مسؤولية اضطراب التحضيرات والانتقاء والقراءة للمباريات والمنافسة، فلا يكاد اللاعبون يتعرفون على مدرب حتى يغادر لسبب أو لآخر، ولا يكاد المدرب يتفهم ظروف سورية وإمكانيات لاعبيها حتى نفاجأ برحيله في ملف عنوانه الفشل الإداري الكامل.
وإذا كانت ميزانيتنا لا تتحمل عقداً سنوياً لمدرب المنتخب فالأفضل عدم هدر المال على منظومة القطعة، والاعتماد على أفضل خيارات المدربين الوطنيين ودعمهم لأنهم في أسوأ حالتهم لن يقدموا منتخباً مهزوزاً وضعيفاً بمستوى ما شاهدناه مع صاحب الاسم الإسباني.
للحديث تتمة وبقية، ويجب الاعتذار للجمهور الذي خذله اتحاد كرة السلة بعدما تسوق له بضائع كاسدة بغلافات جديدة، وساق الوعود بكرة سلة عصرية.. فجاء المنتخب بأداء يشبه كل شيء إلا كرة السلة.