لا يختلف اثنان على أن بعض القرارات إذا كانت مقيدة أو ليست بالوقت المناسب، تكون معرقلة ومحبطة لسير الإنتاج، وقد تصل إلى تنصل بعض الجهات والتراجع عن دورها المعهود.
فما تضعه الحكومات من تعليمات وضوابط واشتراطات وأنظمة لعمل أي نشاط من الأنشطة، من تجارية وغيرها على درجة بالغة من الأهمية، حيث لا تستقيم حياة الناس وتجارتهم وأعمالهم دونها. لكنها ليست بلا ثمن على الاقتصاد بمختلف جوانبه من نمو ومنافسة وتكاليف وأسعار وغيرها. ومن ثم، فإن جودة القوانين والقرارات مطلب بالغ الأهمية. وحصلت مشكلات كثيرة في دول كثيرة نتيجة وجود عيوب كبيرة في سياسات وتنظيم مسير الأنشطة. وما يهم هنا موضوع القرارات التي اتخذتها الحكومة بوقت سابق وما سببته من إرباكات كبرى، وخاصة على مسألة التكاليف والأسعار التي تضاعفت مرات، فالقوانين في أي بلد في العالم مؤثرة بوضوح في إنتاج وتكاليف البيع، وفي أسعار السلع والخدمات من عقار وسكن وطعام وصحة ونشاط تجاري وغيرها من السلع والخدمات. إن العوامل المسببة للتضخم وارتفاع الأسعار بصورة مباشرة أو غير مباشرة كثيرة، ومنها بعض القرارات الخاطئة وبعض القوانين الحكومية الناظمة، التي تأتي بمكان ليس صحيحاً… كيف يتم ذلك؟ إذا كان القرار يحد أو يضيق أنشطة التاجر مثلاً أو المورد ويكبده دفع ضرائب وأموال ربما ينعكس أثره على حركة إمداداته وخروجه من دائرة العمل كلياً، وللأسف قد حصل ذلك، وهنا تأثيرات تتسبب في زيادة التكاليف على المنتجين والبائعين، وطبعا يترتب على زيادة التكاليف وزيادة الأسعار بصورة مباشرة وصورة غير مباشرة على المستهلكين.
اليوم قررت الحكومة إلغاء قرارها الخاطئ جملة وتفصيلاً بعد ما تسبب في حصول ويلات سعرية جهنمية، إضافة لجملة مسببات أخرى لعبت دوراً في الغلاء الفاحش في أسعار الأسواق، والقرار هو إلغاء نسبة الـ15 بالمئة التي تم فرضها على التجار والموردين، لقد ترك هامشاً كبيراً من عدم الثقة بين التاجر والحكومة، بوقت أن الثقة معدومة، وحسب لغة التجار، فالقرار أوجد حالة سلبية، وسبب ارتفاعات بالأسعار فبعض القرارات الحكومية لم تكن على درجة تسهل انسيابية دخول البضائع وليست كافية لتكون ذات تدخل إيجابي وتسهم في اعتدال أو خفض الأسعار، فبدلاً من تسهيل الاستيراد وضعت عقبة بوقتها، مما صعب من مسألة الاستيراد للبضائع وجعلها عملية مرهقة وشاقة وهنا لم تأت في مصلحة المواطن، بل لمصلحة الحكومة!
ليس فرض نسبة الـ15 بالمئة القرار الخاطئ الوحيد، بل كان هناك بعض المعوقات والقرارات الخاطئة التي لابد من إعادة النظر بها ومن المؤكد أنها ستسهم بانخفاض الأسعار في حال تم إلغاؤها… قد!!
المطلوب الآن جودة التعديل في القرارات والقوانين بما يسهم في خفض التكاليف فخفض الأسعار، وجودة التعديل يلزمها تحقق شرط جوهري، وهو النظر في طبيعة القوانين ومدى جودتها، وتحقيق الجودة له متطلبات أساسية، وعلى متخذ القرار التوقف ملياً عند الآثار المتوقع حدوثها في المستقبل نتيجة تطبيق قرارات جديدة.
وما القرارات والقوانين الأنسب للأنشطة حسب التوجهات الاقتصادية وكيف ستكون القرارات لو جرى تغييرها..!
صياغة قرارات داعمة ومنسجمة مع أهداف كل الأطراف من حكومة وتاجر ومستهلك هي القادرة على كبح جنون الأسعار، وكلما خففت الحكومة من أعباء تكاليف الأنشطة والإنتاج كانت الأسعار معتدلة، وذلك سيسهم في الحد من ارتفاع الأسعار، ويسهم في نمو الناتج الإجمالي ويعزز من ترتيبها في مؤشرات سهولة الأعمال، ويحسن من ترتيبها في مؤشرات مكافحة الفساد.