بكين استضافت لقاء لإعلاميين وموظفي أوقاف من 14 دولة عربية في إطار مبادرة «الحزام والطريق» … الخارجية الصينية: سنعمل ما في وسعنا لإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية وفق مبدأ الدولتين
| بكين - جانبلات شكاي
أكد السفير في وزارة الخارجية الصينية جييان ليو أن حكومة بلاده ستعمل ما في وسعها خلال ترؤسها مجلس الأمن الشهر القادم، بهدف إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية عبر الحوار والمفاوضات السياسية، رافضاً مبدأ العنف مقابل العنف، بخلاف السياسة الأميركية القائمة على التصعيد وصب الزيت على النار، وموضحاً أن بكين لن تقدم دعماً عسكرياً لأي من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لأن ذلك سيؤدي إلى زيادة الأزمة وارتفاع حدة الصراع.
وعقد ليو أمس في مبنى وزارة الخارجية الصينية في بكين، جلسة نقاش مع 20 مشاركاً من 14 دولة عربية، يمثلون وسائل إعلام مختلفة، وموظفين رسميين من وزارات الأوقاف، بهدف تقديم بكين صورة واضحة من على أرض الواقع عن طبيعة الحياة التي يعيشها المسلمون في الصين وخصوصاً في مقاطعة شين جيانغ ذات الأغلبية من الإيغور، من دون التعرض لأي تمييز عن باقي المواطنين الصينيين كما تدعي العديد من وسائل الإعلام الغربية.
وأكد ليو الأهمية الكبيرة التي توليها وزارة الخارجية الصينية لزيارة الوفد وتبادل وجهات النظر، وذلك على خلفية الاهتمام البالغ بالعلاقات الصينية- العربية لصنع وتشكيل مستقبل مشترك، وخصوصاً عبر ما استخلصه الرئيس الصيني شي جين بينغ عن روح الصداقة المبنية على التسامح والتعاون المتبادل عبر إستراتيجية طويلة الأمد، ليس لتحقيق هيمنة الصين على المنطقة العربية وإنما لبناء علاقات ثقة متبادلة وشراكة تنموية قائمة على القيم المشتركة عوضاً عن التحالفات وتشكيل الدوائر الضيقة والمواجهات وتكريس التنافس، بما يؤثر سلباً في التجارة الحرة العالمية.
وبين السفير ليو أن بكين وقعت على وثائق في إطار مبادرة «الحزام والطريق» مع 21 دولة عربية، لتحتل بذلك المجموعة العربية ضمن المبادرة المركز المتقدم على باقي الدول، الأمر الذي انعكس إيجاباً على حجم التبادل التجاري المشترك ليصل إلى 430 مليار دولار العام الماضي.
واعتبر المسؤول الصيني أن أهم عوامل نجاح العلاقات الثنائية هي أن تقوم على التشاور والتعاون والمصلحة المتبادلة من دون فرض أي طرف شروطاً سياسية على الطرف الآخر، كما سعت إليه الولايات المتحدة الأميركية صراحة عندما أعلنت أنها بصدد تغيير الشرق الأوسط وشرعت بتنفيذ ذلك عبر ما بات يعرف بـ«الربيع العربي» الذي أساء للكثير من الدول العربية بل دمرها.
وقال ليو: إن لدى الصين والدول العربية حضارة عريقة ولابد من عقد ندوات منتظمة لتكريس روح الاستفادة المتبادلة ورفض نظرية صراع الحضارات أو «الإسلامفوبيا»، مشيراً إلى أن «السياسة العرقية» في الصين ناجحة فلدينا 56 قومية داخل البلاد، ونطبق الحكم الذاتي على جميع المواطنين المتساويين في الحقوق والواجبات، وبالتالي فإن النسبة متدنية للمتطرفين الذين يشكلون خطراً على استقرار البلاد، ولمحاربة هؤلاء نهدف إلى التعاون مع الدول العربية والإسلامية.
وعن موقف الصين تجاه قضايا المنطقة وخصوصاً ما يتعلق بالملف الفلسطيني، قال ليو: إن مواقفنا تجاه قضايا المنطقة واضحة، فنحن ندعو الجميع لتسوية خلافاتهم عن طريق الحوار والتشاور، واستطعنا تيسير التوصل لاتفاق بين السعودية وإيران وتحقيق تسوية جيدة انعكست إيجاباً على كامل المنطقة وأسفرت أيضاً عن عودة سورية إلى الجامعة العربية.
وتابع: نتمسك بموقفنا الداعي لإيجاد الحلول عبر المفاوضات السياسية، ونرفض مبدأ العنف ضد العنف، ونؤيد مبدأ الدولتين وقيام دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي إشارة منه إلى الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية قال ليو: هناك دول أخرى تتجاهل الخلفية التاريخية في المنطقة وتدعم طرفاً على حساب طرف آخر بما يؤدي إلى عدم الاستقرار في المنطقة، والسياسة الخارجية الصينية مختلفة تماماً عن السياسة الأميركية، فنحن ندعو إلى بناء مستقبل وتنمية مشتركة وندعم تقديم المساعدات ونرفض التدخل في شؤون الآخرين، وواثقون إننا نقف في الجانب الصحيح لتحقيق التنمية المستدامة، على خلاف المنطق الغربي عموماً والأميركي خصوصاً القائم على تحقيق المصلحة الذاتية والنظر للآخرين كخصوم.
وأشار ليو إلى سرعة انتشار المعلومة عبر الإنترنت وقال: نشهد اليوم تطوراً سريعاً للإنترنت الأمر الذي يسهل كثيراً من عمليات التواصل ونقل الأخبار، لكن في ذات الوقت يتم نشر أخبار مزيفة من البعض ما يؤدي إلى صعوبة التعرف إلى الحقيقة مع تعمد بعض وسائل الإعلام الغربية تضليل الرأي العام، وهنا فنحن نحتاجكم لنقل الصورة الحقيقية إلى الناس.
وأشار السفير الصيني إلى أن بلاده ستترأس مجلس الأمن الشهر القادم وستبذل ما في وسعها وستعمل مع العرب ودول البريكس وباقي دول العالم لإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وقال: قدمنا مساعدات إنسانية عاجلة عبر قنوات مختلفة، عندما كان البعض يطرح علينا مطالب غير عقلانية لمصلحة إسرائيل، من قبيل الطلب منا بداية التوتر، التنديد بحركة حماس وتحميلها مسؤولية قتل المدنيين، لكننا أكدنا أن الصين ترفض جميع الأعمال التي تستهدف المدنيين، وقد طلبت إسرائيل ودول غربية منا إدانة حماس، ولكن وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش فإن ما قامت به حماس كان نتيجة للظلم التاريخي الذي يتعرض له الفلسطينيون، وإسرائيل قامت بقصف واسع النطاق أدى إلى كارثة إنسانية، وبالتالي فإننا نرفض التنديد بحماس بشكل خاص، ونحن مع إدانة جميع الأعمال التي تستهدف المدنيين وذلك يمثل العدالة والإنصاف، ولابد من الحوار لتحقيق حل الدولتين.
وأشار ليو إلى أن أميركا والغرب قدما الدعم العسكري الشامل لإسرائيل، وواشنطن لم تسعَ لوقف التصعيد في المنطقة وإنما عمدت إلى صب الزيت على النار، ونحن من جهتنا لن نقدّم بالمقابل الدعم العسكري لحماس لأن ذلك سيؤدي إلى زيادة حدة الأزمة والصراع في المنطقة.
المستشار في وزارة الخارجية الصينية جييان شين تحدث بدوره عن الأوضاع في مقاطعة شين جيانغ وقال: إن هذه المقاطعة تشكل تقريباً ثلث مساحة الصين وتصل إلى 1.66 مليون كيلومتر مربع، وتبعد عن العاصمة الصينية بكين نحو 1400 كيلو متر، وفيها اليوم 24 مطاراً إضافة إلى 7 مطارات قيد الإنشاء، وتعيش فيها 56 قومية مختلفة، الرئيسية منها 13 قومية، ويشكل الإيغور 45 بالمئة من سكان المقاطعة وهم يديرونها ويتبوؤون المناصب الرئيسة فيها.
وبين شين أن عدد سكان المقاطعة زاد كثيراً في العقود الأربعة الأخيرة بعد أن تم استثناء المسلمين من قرار تحديد النسل فباتت الأسرة قادرة على إنجاب طفلين على خلاف القرار المطبق على باقي مقاطعات الصين الأخرى ولا يعطي الأسر إلا حق إنجاب طفل واحد.
وبين شين أن الإسلام وصل إلى إقليم شين جيانغ قبل 1100 سنة ويوجد فيها حالياً 24 ألف مسجد يستفيد منها 12 مليون مسلم، متمنياً على المشاركين في الجلسة نقل صورة عما سيشاهدونه بأم أعيننهم خلال زيارتهم لمدينتي أورومتشي وكاشغر ولقاءاتهم مع المجتمعات المحلية والتعرف إلى الحياة السياسية والاجتماعية هناك.
وفي إطار الزيارة التي تنظمها الخارجية الصينية، زار الإعلاميون وموظفو الأوقاف أمس مسجد «نيوجياه» في بكين الذي يعود تاريخ بنائه إلى نحو ألف سنة، وهو واحد من المساجد السبعين المبنية في بكين حيث يعيش في أحد أحيائها نحو 200 ألف مسلم.
كما زار الوفد شركة الذكاء الصناعي «باي دو» التي تشغل في بكين سيارات الأجرة الكهربائية من غير سائق وتحمل اسم «أبولو».