لعل ما يحدث اليوم على مستوى العالم أجمع، يعتبر من أكبر الإنجازات التي حققتها المقاومة الفلسطينية منذ بدء معركة «طوفان الأقصى» حتى الآن، حيث استطاعت تغيير اتجاهات الرأي العام العالمي والتأثير فيه لمصلحة القضية الفلسطينية، وأظهرت وحشية الكيان الصهيوني، وفرقت بين الظالم والمظلوم الذي انتفض في وجه جلاده الذي لا يعترف بالقوانين والأعراف الدولية ولا بأي هيئة أو منظمة إنسانية.
شعوب العالم قالت كلمتها في الساحات وعبرت عن تضامنها مع الشعب العربي الفلسطيني الذي صمد وقدم ملحمة بطولية وطنية من خلال تشبثه بأرضه ورفضه التهجير القسري، الأمر الذي أكدته صحيفة «برافدا رو» الروسية حول موقف مستخدمي وسائط التواصل الاجتماعي في العالم من الكيان والفلسطينيين بقولها: «إن إسرائيل، على الأقل، خسرت حرب المعلومات ضد حماس في فلسطين، إذا حكمنا من خلال التغيرات في لهجة الآراء حول هذا الصراع على الشبكات الاجتماعية».
اللافت في الأمر، أن التظاهرات الشعبية الداعمة للشعب الفلسطيني اجتاحت الدول الغربية بخلاف موقف حكوماتها التي عبرت عن دعمها المطلق للكيان الصهيوني، لتشهد العاصمة البريطانية لندن أكبر هذه التظاهرات حيث وصل عدد المتظاهرين إلى ١٠٠ ألف وفي برشلونة الإسبانية إلى ٧٠ ألفاً، وخرجت تظاهرات تضامنية في كل من فرنسا، أستراليا، كندا والولايات المتحدة الأميركية نفسها، والعديد من دول العالم من آسيا إلى أوروبا وصولاً إلى الأميركيتين.
بات واضحاً أن تداعيات «طوفان الأقصى» لن تتوقف عند هذه الحدود، وخاصة أن أحاديث الغرف السرية في واشنطن ظهر للعلن وهواجس الكيان أصبحت واقعاً، فمن كان يقول إن «إسرائيل» عبء على الغرب برمته بصوت منخفض أعلن ذلك صراحة وذهب إلى أبعد من هذا الأمر ليحدد موعداً زمانياً لزوالها.
لقد استطاعت المقاومة الفلسطينية بدعم شعبي منقطع النظير كسر الصورة التي عمل عليها الإعلام الغربي على مدى عقود والتي تفيد أن «إسرائيل» ضحية وأن الفلسطيني المقاوم ما هو إلا «إرهابي» يعكر صفو الحياة الجميلة في المستوطنات الصهيونية.
إن إدارة المعلومات ضمن منظومة إدارة المعركة الشاملة وتوجيهها في إطارها الصحيح يعد عاملاً حاسماً في الانتصار ومفتاحاً مهماً لإثبات زيف الدعاية الغربية الصهيونية التي تُسخر لترويجها إمبراطوريات إعلامية ضخمة وتكنولوجيا متقدمة وفكر خبيث.
نستطيع القول بكل ثقة إن المقاومة الفلسطينية حققت انتصاراً إعلامياً باهراً على الكيان الصهيوني على المستويين الداخلي والخارجي، حيث أبقت على حالة الهلع والاستنفار والتخبط في الجبهة الداخلية لكيان الاحتلال، على حين استطاعت أن تكشف التضليل الإعلامي الغربي الصهيوني لحقيقة ما يجري في الأراضي المحتلة أمام الرأي العام العالمي من قتل وانتهاكات واستيطان واعتقال وممارسات لا إنسانية تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته.