رياضة

صناعة الغد

| مالك حمود

بعيداً عن التعتيم الإعلامي (المقصود أو العفوي) من اتحاد اللعبة على منتخب سلة الأشبال الذي انطلق منذ عدة أسابيع في بعض المحافظات، فإن ذلك لن يقلل من أهمية ذلك المشروع الرائد على المستوى الوطني فيما لو أراد المعنيون ذلك.

من الأهمية بمكان دعوة ذلك العدد الكبير من اللاعبين واللاعبات إلى التجمعات الجغرافية لأعمار مادون 23 عاما.

ولعل الأكثر أهمية تزامن انطلاقة المشروع مع بدء العام الدراسي، ما يعني أن العمل فيه ليس موسمياً، وغير محصور بعطلة صيفية خارج نطاق الحالة المدرسية والدراسية، مما ينبئ بحالة من الاستمرار والاستقرار.

الاستقرار على كوادر تدريبية مؤهلة وكفوءة وقادرة على التعامل الفني والتربوي مع هذه الشريحة العمرية، ولديها إمكانية ونزعة تعليمها وتطويرها مهارياً وبدنياً وذهنياً واجتماعياً.

والاستمرار بذلك المشروع وإعطاؤه الديمومة الطويلة كمن يزرع شجرة وبقدر ما يسقيها ويعتني بها ويرعاها، ويصبر عليها، بقدر ما تنمو وتزهر وتثمر ويكون عطاؤها ملبياً، في مسألة تتطلب النفس الطويل.

بوجود ذلك العدد الواسع من خامات ومواهب الأندية والأكاديميات في مختلف المحافظات تكون كرة السلة السورية أمام فرصة تاريخية لصنع مستقبلها، وكلما اتسعت الرقعة الجغرافية للمشروع وازداد عدد الكوادر الفنية العاملة فيه كبرت فرص نجاحه لكن شريطة أن يكون العمل منظماً ومنتظماً، ويسير ضمن خطة واضحة وثابتة ومبرمجة، ووفق منهاج تدريبي واحد وموحد يضعه مدرب كبير وقدير بعلمية وخبرة ورؤية لتطوير الخامات والمواهب الواعدة والصاعدة، ولا مانع هنا أن تتم الاستعانة بالخبرات الأجنبية، فالمدرب الأجنبي مطلوب لسلتنا في هذا المكان والعمر أكثر من بقية الأماكن والأعمار، ووجوده كمدير فني لهذا المشروع يناط به وضع الخطة العامة للتدريب وبرامج التنمية والتطوير، مع المتابعة الميدانية لتنفيذ المطلوب، والتقييم المرحلي لسلامة خطوات العمل، وبث روح المنافسة بين التجمعات، ودعمها بالحوافز التطويرية، في مشروع الحلم الكبير والمديد.

فالحلم الأولي تحقق للاعب بدعوته إلى تجمع المنتخب ضمن محافظته، وبالتالي سوف يعمل بجد وحماسة لبلوغ حلمه الثاني بارتداء قميص المنتخب، ومن ثم تمثيل وطنه دولياً.

هي خطوات متدرجة وأساسية للنهوض بسلتنا التي دفعت ومازالت تنفق المال الكثير على الكبار ولكن دون جدوى ملموسة، حيث العمل مع أعمار متقدمة تجاوزت سقف التطور، لتكون الفرصة الوحيدة في العمل على بناء جيل جديد.

جيل يمثل الغد المشرق لكرة السلة السورية.

ورحلة الألف ميل تبدأ بخطوة.

وها نحن قد انطلقنا وبدأنا العد، وبحب وجد أقلعت ورشة صناعة الغد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن