ثمة شعور في كثير من الأحيان إن لم يكن في معظمها برغبة كبيرة بالصمت، ونكتفي بأن نسمع ونشاهد عن بعد فقط، وغالباً ما يكون ذلك وفقاً لبعض من يعبرون عن حرصهم عليك بالقول (ريح راسك) واختار الجلوس في مقعد المتفرج والاكتفاء بحديث داخلي بين النفس والنفس، وأحياناً أخرى بين النفس والضمير وذلك في حوار شيق وصادق ليس له مثيل ودون خوف أو خطوط حمراء وبالتالي هو حوار لا يشترط مكاناً محدداً ولا زماناً وقد يجوز اعتباره أنه حوار بلا حدود.
ولا داعي للقلق لأن الصمت لا يعني الموافقة أو الرضى التام، لكنه يوفر لنا البوح الداخلي بلا خوف ولا محددات ويبعدنا عن الخوض في نقاشات بلا جدوى وعن وسط ملوث بأفكار سلبية يستمدها البعض من وسائل التواصل الاجتماعي التي تعكس بشكل سلبي التفاعل مع ترويج الرداءة والتفاهة أكثر فأكثر.
إن مثل هذا المناخ الموبوء يجبرك أحياناً على الصمت وعدم التعبير خوفاً من الإصابة بداء السفاهة حيث يتكلف الآخرون بنشر أمراضهم الفكرية ومحاولة إدخالك في دائرتهم الضيقة. الأمر الآخر هو البحث عن بديل للصمت كي لا تصبح منعزلاً عن المجتمع ويكون لك حضورك وتأثيرك وهذا يحتاج إلى قرار صائب، وهنا أصل الحكاية عندما ندرك أن القرار الصائب لا يحتاج إلى كثير من التفكير إلا إذا كانت قراراتنا لا تمر بعملية صنع القرار وكانت قرارات روتينية نتخذها بطريقة تلقائية وقمنا باتخاذها بطريقة متسرعة من دون دراسة.
من هنا يبدو الأمر مشروعاً عندما نتحدث عن قرارات غير صائبة تتسبب بالضرر أكثر بكثير من الفائدة للناس كما هو الحال بالنسبة للكلمة يمكن أن تسهم في البناء، ويمكن أن تكون هدامة. القرار الصائب يحتاج إلى القدرة على اتخاذ القرار وإلى مهارة وحكمة. ويبنى على ممارسات وتجارب متعددة ومتنوعة ولعل الشواهد كثيرة على قرارات البناء كما هي كثيرة عن قرارات هدم لأنها ارتجالية وغير مدروسة وربما بنيت على منفعة شخصية. خلاصة القول أن النظر إلى الصمت والقرار الصائب بالنسبة للأفراد ينطبق لأيضاً على بعض المؤسسات والقرارات التي تصدر عنها حيث يسهم بعضها في تعزيز البناء والتنمية والتطوير وثمة قرارات أخرى تكون هدامة وتتسبب باللغط الكبير بدءاً من قرارات هدم المخالفات مروراً بقرارات المسار الوظيفي وصولاً إلى قرارات زيادة الأسعار.