افتتاح الدورة الـ42 لمعرض الكتاب الدولي في الشارقة … الشيخ القاسمي: المعجم التاريخي ليس معجماً لغوياً وإنما يأخذ التاريخ ويتعرض للقصص والشعر
| الشارقة - إسماعيل مروة
تحت شعار «نتحدث كتباً»، بدأت صباح أمس فعاليات الدورة الثانية والأربعين لمعرض الكتاب العربي الدولي في الشارقة بحضور حاكم الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي.
ويعد هذا المعرض من أهم ثلاثة معارض كتب على مستوى العالم، وقد استطاع أن يأخذ على دورات عديدة المرتبة الأولى على مستوى العالم في الأهمية والسعة واستضافة الناشرين وصانعي المحتوى والكتاب.
في هذا المعرض نجد مجموعة كبيرةً من دور النشر المشاركة فيه ومن مختلف اللغات ومن مختلف أنحاء العالم، ووصل عددها إلى ألفي ناشر وعارض ومهتم بالكتاب.
المعجم التاريخي
ألقى الشيخ سلطان بن محمد القاسمي كلمة الافتتاح، فتحدث عن مخطوطات في مكتبة بلغارية وهي بعيدة عن أنظار الباحثين، كما تحدث عن زيارته لها قبل ثلاثين عاماً واقتنائه ما يتعلق بتاريخ المنطقة في الخليج العربي، واهتمامه جعل هذه المكتبة تأتي لتعرض مخطوطاتها في معرض الشارقة للكتاب باستضافة ودعوة من المعرض.
وكشف أن الجامعة البولندية تشارك أيضاً وهي التي تهتم بتعليم اللغة العربية منذ مئة سنة، فقد مر قرن كامل على تعليم هذه الجامعة للغة العربية، لذلك كان لا بد من تكريم جامعة مر قرن كامل على اهتمامها باللغة العربية.
وأفرد الشيخ سلطان القاسمي جزءاً مهماً من كلمته للحديث عن المعجم التاريخي الذي يتولاه مجمع اللغة العربية في الشارقة والذي يعرض منه 67 مجلداً، وقد وعد بأن يكون العام القادم هو العام النهائي لصدور المجلدات كلها التي تبلغ مئة وعشرة مجلدات، وقد استمر العمل والإنجاز في هذه المجلدات لخمس سنوات بتفرغ 301 من العلماء، إضافة إلى خمسمئة من المشاركين.
وتقديراً للدور والجهد الكبيرين، تحدث الشيخ القاسمي عن تجربة قامت بها السويد لإنشاء المعجم بمجموعة كبيرة لكنها أخذت وقتاً أطول.
معالم المعجم
تحدث الدكتور القاسمي بكونه الرئيس الفخري لمجمع اللغة العربية في الشارقة عن دور العلماء، وعن جهود المجامع اللغوية العديدة، وشكر العلماء، مبيناً بعض معالم هذا المعجم، وأنه ليس معجماً لغوياً وإنما يأخذ التاريخ ويتعرض للقصص والشعر وغير ذلك، لذلك تحدث عن متعة العودة إلى هذا المعجم وضرب لذلك مثلاً من قريش، وهي جاءت من قرّشوا، وتعني تجمعوا، وقد سميت «قريش» لأنها تجمعت في مكان واحد، وزمزم ومعناها عرب إسماعيل، والعرب هو الماء، ومن هنا جاء إلى المعنى المعروف في اللغات الأخرى العرّاب هو الذي يغطس بالماء ومنها جاءت عربة الماء ومنها جاءت العربة في شكل عام.
لغة واحدة
واعتماداً على المعجم التاريخي والدراسات تحدث الدكتور القاسمي عن اللغات وعن مصادرها وأصولها، ورأى أن لغات العالم كلها لغة واحدة وإليها تنسب اللغات الأخرى، وبدأ من علم آدم «وأنبئوني»، ونزل آدم في الحبشة فانتقل منها الناس إلى المناطق الأخرى وأخذوا الألوان الأخرى ومنها كانت اللاتينية ويراها أنها أصيلة من المنطقة نفسها وكذلك الحبشية والبابلية وغير ذلك، وفي هذه الرؤية يرى أن ما يعرف باللغة السامية وأن نسبتها تعود إلى سام بن نوح ليس صحيحاً، وإنما الشيء الحقيقي يراه أن اللغات كلها ذات أصل واحد وبذلك تحدث عن اللغة القادمة وهي لغة العالم وبشّر بأن كتابه القادم يحمل لغة العالم التي تؤكد أن العالم كله يتحدث لغة واحدةً.
نصف العالم
بدوره، كشف رئيس الهيئة التنفيذية للكتاب في الشارقة أحمد بن ركاض العامري أن نصف بلدان العالم مشاركة في هذا المعرض، إذ تصل نسبة المشاركة إلى 109 دول ينتمي إليها ألفا ناشر وعارض، لينتقل بذلك من حاضنة إلى صانع.
وقال: إن هذا العام تمثل كورية الجنوبية ضيف شرف هذا المعرض إذ تقدم ما صدر عنهاـ وهي جاءت وكانت ضيف شرف في الشارقة حيث تلتقي الثقافات العالمية.
ضيف شرف
بدوره رئيس اتحاد الناشرين في كورية الجنوبية تحدث عن أهمية استضافة الشارقة لكورية الجنوبية ومنجزها الثقافي كضيف شرف لهذه الدورة وتحدث نائب وزير الثقافة الكوري الجنوبي عن الفعاليات التي ستكون ضمن وجود كورية الجنوبية ضيف شرف في المعرض.
شخصية العام
أعلن في حفل الافتتاح عن اختيار شخصية العام الثقافية فكانت من نصيب الروائي الكبير العربي الليبي إبراهيم الكوني تقديراً لمسيرته في الأدب الإنساني فكان شخصية العام الثقافي.
وقد ألقى إبراهيم الكوني كلمته فتساءل: هل نستسلم لأنانيتنا ونضحّي بالواجب لنحقق السعادة؟.
وعرج على دور الأدب ودور الحياة فاستشهد بعدد من الكتّاب بينهم إيمانويل كانت، وقال: من عرف الحقيقة في الصباح في المساء يستطيع أن يموت، متى يستطيع الإنسان أن يموت؟ يموت عندما يعرف الحقيقة.
وتحدث عن علاقته بالصحراء فقال: الحرية جنين يولد من الهجرة والهجرة صنيع الصحراء.
كما تحدث الكوني عن رحلته في الهجرة والاغتراب طويلاً، فتكلم عن الهجرة وأثرها في ذلك، فكانت كلمته مختصرةً تقدم فلسفته في الحياة والرواية.
وعاد ليتساءل: أي مريد حقيقة لم يعتنق الهجرة ديناً؟ أو في صيغة أخرى: أيّ نبي لم يهاجر؟ هل هو نوح أم إبراهيم أم يونس أم يوسف أم موسى أم عيسى أم خاتم النبيين والمرسلين محمد بن عبد الله صلوات الله عليه الذي أبى إلا أن يعتمد الهجرة دليلاً يسري في شرايين الزمن عندما نصبها معنى في التاريخ ليحاجج بحجتها الأمم ليستعير الوقت نزعة هجرية لا ميلادية كما في المسيحية أو نزعة دنيوية كما في الأمازيغية، مبرهناً بذلك على وجوب الاحتفاء بالهجرة بوصفها الترجمان في معراج خلاص هو الحرية؟
وسؤال الحقيقة هو نفسه سؤال سيلين الإغريقي، وهو سؤال الأسطوري لماذا يولد الإنسان؟ وهو في المفهوم نفسه سؤال الإسكندر المقدوني الموجه للحكيم الهندوسي متى على الإنسان أن يموت؟ لنؤمن بأن البطولة ليست في أن ننفق وجودنا في البحث عن الأجوبة ولكن في القبول بالمبدأ القائل إن السؤال هو نحن بدليل أن القيمة في الجواب دوماً رهينة الحكمة في السؤال، الحكمة التي إذا تكررت واستوت في منزلة المندلة صارت جواباً يختزل ذخيرة كل الأجوبة.
إبراهيم الكوني
روائي وصحفي ليبي من مواليد غدامس 1948، أنهى دراسته الإعدادية في الجنوب الليبي ودرس في معهد غوركي للآداب في موسكو، وحصل على ليسانس وماجستير في العلوم الأدبية والنقدية في موسكو 1977.
عمل في وظائف صحفية ودبلوماسية عديدة ومستشاراً دبلوماسياً للسفارات الليبية في عدد من دول الاتحاد الأوروبي، كما نال العديد من الجوائز المحلية والإقليمية والدولية التي زاد عددها على 15 جائزة عن أعماله ومؤلفاته ومنها: جائزة الدولة السويسرية وجائزة رواية الصحراء وجائزة محمد زفزاف للرواية العربية وجائزة الشيخ زايد للآداب في الآداب وجائزة ملتقى القاهرة الدولي للإبداع الروائي وعدد آخر من الجوائز.
من أعماله: جرعة من دم، شجرة الرتم، رباعية الخسوف «البئر، الواحة، أخبار الطوفان الثاني، نداء الوقواق»، التبر، نزيف الحجر، القفص، المجوس، النثر البري، وأعمال أخرى كبيرة.