قضايا وآراء

هل تنجح محاولة دي ميستورا في حل عقدة «الأشباح»؟!

| باسمة حامد

في إطار التحضيرات الجارية لاجتماع جنيف المقرر عقده أواخر الشهر الجاري بين الحكومة والمعارضة.. من الملاحظ وجود ترتيبات دولية متسارعة لإنجاح محاولة دي ميستورا المتمثلة: «بتثبيت التوقيت والإطار للمحادثات».
لكن هل ستنجح تلك المحاولة في الوصول إلى هدفها في الخامس والعشرين من الشهر الحالي أي: إطلاق حوار سوري – سوري تحت إشراف الأمم المتحدة؟! السؤال يطرح نفسه بقوة في الواقع، غير أن عقدة «الأشباح» ما تزال قائمة حتى اللحظة إذ لا اتفاق نهائياً بين الجانبين الأميركي والروسي على قوائم مشتركة بأسماء المعارضة وهي العقدة الأكثر بروزاً في المسار السياسي.
مع ذلك قد يُفهم من القرار الدولي القاضي بتأجيل جنيف اليمني أن الجهود الراهنة (الروسية الأميركية الأممية) ستتركز أكثر على جنيف السوري لكون «الأزمة» تتصدر الأجندات الدولية من حيث الأهمية وبات حلها أولوية لكل الأطراف المعنية بهدف تطويق الأزمات الناجمة عنها على المستويين الإقليمي والدولي.
فالواقعية السياسية تقتضي التخلي عن الرهانات المتهورة والذهاب باتجاه الرؤية الروسية الداعية لتعزيز السلطات الشرعية في دول المنطقة والحفاظ على سيادتها واستقلالها وإحياء مؤسساتها النامية ودعم الظروف الاقتصادية والإصلاحات الدستورية فيها كأفضل السبل لإعادة الأمن والاستقرار ودحر الإرهاب والتطرف ودفع الناس للعيش في بلادها بدلاً من الهروب إلى أوروبا.
وثمة معطيات تعزز هذه الفرضية ومنها:
1- الحراك الدبلوماسي الجاري بين واشنطن وموسكو، ولقاء دي ميستورا مع سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.
2- رفض مصر القاطع للانتقادات الموجهة للغارات الروسية، وثقة القاهرة: «بقدرة روسيا على التفريق بين التنظيمات الإرهابية والأهداف الأخرى»، وحاجة الغربيين إلى التسوية على خلفية مخاوفهم المتزايدة من الإرهاب، وما يترجم هذه الحاجة اعتراف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بوجود متطرفين ضمن صفوف ما سماه «المعارضة المعتدلة»، ولذلك من المتوقع أن الاعتداء الإرهابي الذي طال عشرة سياح ألمان في اسطنبول قبل يومين سيدفع الأوروبيين للامتناع عن عرقلة قطار التسوية.
3- تجاهل واشنطن للرغبات السعودية المتمثلة باحتكار المعارضة السورية ومحاولاتها فرض جماعات إرهابية على طاولة التفاوض وامتناعها عن «تهدئة» حليفها السعودي في أزمته مع إيران، مقابل انفتاحها على المطلب الروسي «توسيع الوفد المعارض» وإصرار الحكومة السورية «لمعرفة أسماء وفد المعارضة» الذي ستحاوره في جنيف قبل الذهاب إلى هناك، وتجدر الإشارة في هذا السياق الى أن تصريحات وزير الخارجية وليد المعلم حول رفض الوفد الحكومي «التحاور مع أشباح» تزامن مع أخبار إعلامية تتحدث عن توجه المبعوث الأميركي إلى سورية /مايكل راتني/ إلى باريس وجنيف للقاء عدد من ممثلي التيارات السياسية المعارضة التي لم تشارك في مؤتمر الرياض (وبعضها يحظى بدعم روسيا ومصر).. والخطوة من شأنها دعم القرار 2254 الذي وضع خريطة الحل السياسي.
4- إطلاق إيران لسراح البحارة الأميركيين العشرة المحتجزين لديها بعد يوم واحد فقط على احتجازهم، واعتذار واشنطن من طهران عن الحادث الذي جاء في توقيت حساس، يؤكد أن عزم الجانبين تجنب أي اصطدام من شأنه إعاقة تطبيق الاتفاق النووي أو التشويش على الملف السوري بوصفه يمثل تحدياً مهماً في السياسة الخارجية لكلا البلدين.
5- ارتباك المعارضات التي تمثل مصالح الرياض وأنقرة والدوحة، واستياؤها من تراجع مواقف الولايات المتحدة الأميركية بشأن سورية «لاسترضاء روسيا».. واعترافها صراحة بأنها ستواجه «خيارات صعبة» في جنيف وخصوصاً أن الجيش العربي السوري وحلفاءه يوسع نطاق سيطرته على الأرض بوتيرة تصاعدية (بلغ عدد القرى والبلدات التي حررها منذ بدء الغارات الروسية أكثر من 150 بلدة وقرية).

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن