سمعت عبارة النقطة صفر، أو المسافة صفر خلال متابعتي لما يجري في قطاع غزة، واستخدمت هذه العبارة لوصف نوع من العمليات القتالية التي يخوضها أبطال المقاومة الفلسطينية ضد الجيش الإسرائيلي المدجج بأحدث أنواع السلاح والذخائر المحرمة دولياً.
هل تعلمون معنى هذه العبارة «المسافة صفر»؟ وهل تتصورون أن المقاتل الفلسطيني يواجه بجسده وسلاحه الخفيف وعبواته المتفجرة آليات ومدرعات جيش الاحتلال بشكل مباشر، ومن مسافة قريبة جداً تعادل الصفر أو المتر أو نصف المتر؟
من أين ينبع المقاتلون ويلتحمون مع ذلك الجيش «العرمرم» بدباباته الأكثر تطوراً وتصفيحاً وتسليحاً في العالم»؟.
هل هذا تهور ومغامرة غير محسوبة النتائج؟ أم شجاعة لا يملكها إلا أبطال من نوع خاص قال فيهم الشاعر: سأحمل روحي على راحتي؟
هؤلاء رجال عاهدوا شعبهم وأمتهم والله على الدفاع عن الحقوق المغتصبة، والأرض السليبة، ومواجهة أبشع أنواع الإرهاب الذي عرفه العالم أجمع، وهو إرهاب الدولة المدعوم من دول اشتهرت بإرهابها للشعوب ونهبها لثرواتهم واحتلالها لأراضيهم.
الوصف السابق ينطبق مئة بالمئة على الولايات المتحدة التي نعتبرها شريكاً كامل الشراكة في كل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني المناضل اليوم، بل على مدى قرن من الزمن، وما يتعرض له العرب في كل دولهم.
وهذا الوصف ينطبق أيضاً على بريطانيا التي كانت الشيطان الذي سرق أرض فلسطين و«أهداها» لليهود الصهاينة من خلال وعد بلفور الخبيث.
اليوم تستباح غزة، وترتكب فيها إسرائيل أبشع المجازر والجرائم، في حين ينام الغرب الاستعماري قرير العين وكأن شيئاً لم يكن.
قالت ناشطة أوروبية عبر إحدى القنوات العربية: أنتم تشاهدون ما تقوم به إسرائيل من مذابح ومجازر، لكن الشعوب الغربية، وخاصة في أميركا لا يرون هذه المشاهد المروعة، فلا تصلهم سوى الروايات الإسرائيلية عبر إعلامها وإعلام أميركي أوروبي مركز يتعمد تسويق الروايات الإسرائيلية لاستدرار عطف الرأي العام العالمي.
مع ذلك، وعلى الرغم من كل التعتيم والتضليل تأتي مجلة أميركية رصينة وهي أهم المجلات الأميركية لتنشر تحقيقاً مطولاً عما يجري في غزة.
تقول مجلة «تايم»: الصورة في غزة قاتمة، لأن العيش هناك اليوم لا يعني فقط مواجهة الغارات الجوية التي تشنها إسرائيل بالآلاف، بل يعني أيضاً خطر سوء التغذية وعدم الوصول إلى الرعاية الطبية، فقد وصلت مستشفيات غزة إلى نقطة الانهيار.
التحقيق طويل قام بإعداده عدد من المراسلين وهو يتحدث بموضوعية نسبية عما يجري، لأن الموضوعية المطلقة ممنوعة في دول لها تاريخ استعماري. وسجل أجرامي ملطخ بدماء الشعوب.
عنوان زاويتي «النقطة صفر» التي تعني خروج مقاتلي المقاومة من تحت الأرض لمواجهة المحتلين الصهاينة، ومن هذه النقطة تبدأ حكاية جديدة.