زيلينسكي – نتنياهو وجهان لعملة واحدة فكلاهما أدوات تنفيذ لمخططات أميركية خبيثة تعمل وفق مبدأ المصالح العليا للولايات المتحدة، والتي عملت على تهيئة بيئة صراع مستمر في أماكن مختلفة من العالم أبرزها إقليم دونباس والأراضي المحتلة في فلسطين عبر مماطلتها في إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، ودعم ممارسات لا إنسانية لسلطات الاحتلال وذلك لإيقاد نار الحرب متى استلزم الأمر، وتجارب العالم مع هذه الممارسات السياسية لواشنطن عديدة من أقصى شرق آسيا إلى الأميركيتين.
اللافت اليوم هو التنافس الوضيع بين الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي ورئيس حكومة كيان العدو بنيامين نتنياهو للفوز بقلب الرئيس الأميركي العجوز جو بايدن، والذي يرى بميزان مصالحه فقط للتضحية الفورية بإحدى هاتين الشخصيتين مقابل الفوز بقلب الناخب الأميركي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، وخاصة أن السياسة الخارجية لبلاده باتت في سباق مع الوقت لتحقيق إنجاز صوري، ينقذ إدارة واشنطن المأزومة.
زيلينسكي الذي بات عبئاً ثقيلاً على الغرب برمته، بات يخشى اليوم من تحويل الجزء الأكبر من مخصصات الدعم له إلى نتنياهو، منافسه النوعي في المكانة والوظيفة، والذي بدأ هو الآخر يتلمس رأسه وهو يسمع تلميحات مسربة صادرة عن لسان إعلاميين وسياسيين أميركيين وإسرائيليين تفيد بأن الإطاحة به هي عنوان الطريق الذي سينزل واشنطن من أعلى شجرة المغامرات السياسية، وخاصة أن الجبهة الداخلية لكيان الاحتلال باتت متصدعة يوازيها علاقات الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة العربية والعالم، جراء الانجرار وراء رفض رئيس وزراء الاحتلال لوقف إطلاق النار على غزة.
التصويب على رأس نتنياهو أصبح العادة المفضلة للسياسيين ووسائل الإعلام، حيث قال رئيس جهاز «الموساد» الإسرائيلي الأسبق، داني ياتوم، إن نتنياهو، تسبب بالكثير من الأضرار لإسرائيل، مؤكداً أنه مستمرٌ بذلك خلال الحرب على غزّة، ووفقاً لوسائل إعلام إسرائيلية، قال ياتوم إن «نتنياهو لا يزال يهتم أولاً بمصالحه وبعد ذلك بمصالح إسرائيل»، مشيراً إلى أنه يُعتبر كشخص «اعتباراته غير نقية»، وداعياً إلى استبداله، موضحاً أن إحدى المشاكل هي أن نتنياهو «يعتقد أنه الوحيد في العالم الذي يستطيع إدارة إسرائيل»، وأنّه إذا غادر فسوف تنهار، مضيفاً إن «بوجوده إسرائيل تنهار أو تقريباً انهارت»، فيما اعتبرت عائلات القتلى الإسرائيليين في معركة «طوفان الأقصى» أن «بنيامين نتنياهو قاد إسرائيل إلى الكارثة الكبرى في تاريخها».
أما زيلنسكي الذي بات محط سخرية الملياردير إيلون ماسك، في مواقف عديدة آخرها عندما وضع علامة تعجب خلال رده على منشور لرجل الأعمال ديفيد ساكس، الذي أعلن فيه عن نزاع مفتوح بين الرئيس الأوكراني وقائد جيشه فاليري زالوجني عندما كتب على شبكة التواصل الاجتماعي «إكس» أن «زيلينسكي وزالوجني ينتقدان بعضهما البعض علانية في الصحافة»، ما يدل على حجم تزعزع الداخل الأوكراني.
اليوم تغامر واشنطن بآخر بيادقها من خلال دعم لا يجدي نفعاً، سواء لكييف التي أرهقت المنظومات الغربية للوقوف في وجه موسكو، أو للكيان الصهيوني الذي أحرج تلك المنظومات وهو على طريق استنزافها سياسياً ومادياً، ولكن على ما يبدو أن على واشنطن أن تختار بين اثنين مأزومين، ممثل هزلي أو مجرم سفاح، فمن ستختار بمقتضى مصلحتها؟