تعلم اللغة العربية لغير الناطقين بها في معرض الشارقة … الشغف وراء ازدهار اللغة العربية في الغرب … مستشرقون: أعداد دارسي اللغة العربية في أوروبا تشهد ارتفاعاً قياسياً
| الوطن- الشارقة
ثمّن عدد من الأكاديميين والباحثين العرب والأجانب الدور المهم الذي يؤديه المستشرقون في نشر اللغة العربية في أوروبا، وقدموا تجربة بولندا وإيطاليا نموذجين في الإقبال على تعلمها، مشيرين إلى أن عدد دارسي اللغة العربية فيهما ارتفع على مدى ثلاثين عاماً إلى أرقام قياسية، وكشفوا أن الشغف كان سر ازدهار اللغة العربية في الغرب.
جاء ذلك في ندوة بعنوان «واقع اللغة العربية في أوروبا تعليماً وإنتاجاً» أقيمت في معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي تستمر فعالياته حتى 12 تشرين الثاني/ الجاري، وشارك فيها الدكتورة باربارا ميكالاك أستاذة الأدب العربي في جامعة ياجيلونسكي في بولندا، والدكتورة فرانشيسكا كراو الأستاذة بجامعة لويس في روما، والدكتور وائل فاروق أستاذ اللغة العربية في جامعة «القلب المقدس» في ميلانو، وقدمها الدكتور أ. محمد صافي المستغانمي الأمين العام لمجمع اللغة العربية في الشارقة.
أجمل لغات العالم
روت الدكتورة باربارا ميكالاك قصتها مع اللغة العربية والتي بدأت قبل أربعين عاماً، عندما سافرت إلى إيطاليا وقابلت الدكتور صبري حافظ، الذي أخبرها أن اللغة العربية أجمل لغة في العالم، فشعرت بالفضول، وقررت تعلمها، تقول «بعد لجوئي إلى كركوف في بولندا وجدت معهد الاستشراق وقسم اللغة العربية، وبدأت رحلتي من هذا القسم».
وأضافت أنها زارت عدداً من الدول الخليجية، وألفت كتباً عديدة عن الأدب والشعر والنثر في الخليج العربي، منها كتاب عن الأدب الإماراتي، كما ترجمت بعض نصوص الأدب الخليجي ليتعرف عليها القارئ الأوروبي.
وعبرت ميكالاك عن سعادتها عندما قامت مع زملائها بترجمة مسرحيات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة إلى اللغة البولندية، وأشارت إلى حجم التعاون الكبير بين جامعة ياجيلونسكي ومجمع اللغة العربية في الشارقة.
واستعرضت بعض إصدارات مركز الاستشراق في بولندا، وسلسلة من كتب أساتذة قسم اللغة العربية فيه، والتي تناقش قضايا لغوية وأدبية.
ازدهار العربية في إيطاليا
بدورها أكدت الدكتورة فرانشيسكا كراو أن علاقة إيطاليا مع اللغة العربية بدأت منذ فترة طويلة، عندما فتح العرب صقلية، وبعد خروجهم استمر تدريس اللغة العربية، من خلال مدرسين في جامعة نابولي ترجموا نصوصاً مهمة، ومن صقلية انتشرت اللغة في البلاد.
وفي ذلك إشارة إلى قدم العلاقة مع اللغة العربية، ولم تتوقف العلاقة بخروج العرب من تلك البلاد.
وقالت: «إن شغفي باللغة العربية بدأ مع الكتب والمخطوطات التي لجأت إليها لمعرفة تراث أجدادي الذين استفادوا من الثقافة العربية، ووضعوا كتباً مثل (النظام في صقلية)، وفي هذه الرحلة اكتشفت أن بين أجدادي 140 شاعراً، فقمت بترجمة أشعارهم، بمساعدة عدد من الشعراء»، مشيرة إلى أنها تعِد كتاباً عن الأدب العربي من الإسلام إلى اليوم.
وأضافت كراو أنها كلّلت شغفها باللغة العربية بالدراسة في جامعتي القاهرة وعين شمس والجامعة الأميركية، وأعدّت الماجستير عن نوادر جحا.
وبيّنت أن اللغة العربية ازدهرت في إيطاليا، حيث يوجد فيها الآن 30 جامعة تدرس اللغة العربية، كما يوجد عشرات الأساتذة الذين يدرّسون اللغة العربية، ويقدمون دراسات معمقة، وكذلك عدد الطلاب، ودور النشر التي تنشر باللغة العربية».
تحديات اللغة العربية
من جانبه أكد الدكتور وائل فاروق أن اللغة العربية تنتشر في إيطاليا بصورة ملحوظة، وقال: «إن ميلانو بشكل عام ليس لها تاريخ عميق في تدريس اللغة العربية، كنابولي وروما، ولكنها تتحول إلى بيئة حاضنة لها، لأنها مركز اقتصادي مهم، وفيها العديد من السكان العرب».
وتناول التحديات التي تواجه اللغة العربية، قائلاً: «لكل لغة تخصص علمي إلا اللغة العربية، وهذا هو التحدي الأكبر، فلا توجد شهادة موحدة معترف بها من الجهات التي تدرس اللغة العربية»، مشيراً إلى أن العلم يقتضي وجود معايير يتفق عليها الجميع.
وأضاف إن: «التحدي الثاني يتعلق بالمنهج، فلا يوجد منهج موحد لتدريس اللغة لغير الناطقين بها»، وأشاد فاروق بالمعجم التاريخي للغة العربية الذي أصدرته الشارقة بإشراف مجمع اللغة العربية في الشارقة، ووصفه بأنه حدث فارق في تاريخ اللغة، قائلاً: «اللغة التي يتحدث بها الناس 15 قرناً من دون انقطاع كيف لا يوجد معجم يجمع تراثها؟».
ويمكن أن نستخلص من هذه الندوة الكثير حول اللغة العربية وجمالياتها، وآليات تعليمها، والاستفادة من تجربة تدريسها خلال السنوات السابقة والعقود، وهذه التجارب تخرج من الإطار التنظيري والنظري، فكل الذين تحدثوا لهم تجارب مهمة في ميدان اللغة وتعليمها وتعلمها وترجمتها.. وكذلك قدمت الندوة إجابات كثيرة لكل الذين يتحدثون عن اللغة من أبنائها وكل ما يقولونه ناتج عن عجزهم أمامها، ولأنهم لم يدخلوا في ملكوتها وعظمتها، بقيت دعواهم عاطفية بحتة.