الرئيس الأسد: فلسطين هي قضيتنا.. المزيد من الوداعة العربية تساوي المزيد من الشراسة الصهيونية
| الوطن
بالمطالبة بوقف العدوان وكسر الحصار على قطاع غزة وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية إلى سكان القطاع، إلى جانب الرفض الكامل لأي محاولات للتهجير القسري بحق الشعب الفلسطيني، والإعلان عن بدء تحرك دولي فوري لوقف الحرب على غزة، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية لتحقيق السلام الدائم والشامل وفق المرجعيات الدولية المعتمدة، انتهت أمس القمة العربية- الإسلامية الاستثنائية التي استضافتها العاصمة السعودية الرياض بمشاركة الرئيس بشار الأسد لبحث تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
الرئيس الأسد أكد أنه لا يمكن البحث في العدوان على غزة بمعزل عن سياق المجازر الصهيونية بحق الفلسطينيين سابقاً واستمرار هذا السياق لاحقاً.
وأشار خلال كلمته في القمة العربية- الإسلامية الاستثنائية إلى أن الطارئ في هذه القمة ليس العدوان ولا القتل، فكلاهما مستمر وكلاهما ملازم للكيان وسِمَة له، لكن الطارئ هو تفوّق الصهيونية على نفسها في الهمجية.
وقال: «غزة لم تكن يوماً قضية، فلسطين هي القضية وغزة تجسيد لجوهرها وتعبير صارخ عن معاناة شعبها، والحديث عنها بشكل منفرد يضيع البوصلة، فهي جزء من كل وهي محطة في سياق، والعدوان الأخير عليها هو مجرد حدث في سياق طويل يعود إلى خمسة وسبعين عاماً من الإجرام الصهيوني، مع اثنين وثلاثين عاماً من سلام فاشل، نتيجته الوحيدة المطلقة غير القابلة للنقض أو التفنيد هي أن الكيان ازداد عدوانية والوضع الفلسطيني ازداد ظلماً وقهراً وبؤساً، فلا الأرض عادت ولا الحق رجع لا في فلسطين ولا في الجولان، هذه الحالة أنتجت معادلة سياسية مفادها بأن المزيد من الوداعة العربية معهم تساوي المزيد من الشراسة الصهيونية تجاهنا وأن المزيد من اليد الممدودة من قِبَلنا تعادل المزيد من المجازر بحقنا».
واعتبر أن الحد الأدنى الذي يمتلكه المجتمعون هو الأدوات السياسية الفعلية لا البيانية، وفي مقدمتها إيقاف أي مسار سياسي مع الكيان الصهيوني بكل ما يشمله المسار السياسي من عناوين اقتصادية أو غيرها لتكون عودته مشروطة بالتزام الكيان بالوقف الفوري المديد لا المؤقت للإجرام بحق كل الفلسطينيين في كل فلسطين، مع السماح بإدخال المساعدات الفورية إلى غزة.
وأضاف: «أما الحديث عن الدولتين وإطلاق عملية السلام وغيرها من التفاصيل والحقوق فهو على أهميته، ليس الأولوية في هذه اللحظة الطارئة، مع معرفتنا أن الحديث فيها وعنها لن يثمر ولن يجدي، لأنه لا وجود لشريك ولا لراعٍ ولا لمرجعية، ولا لقانون، ولأنه لا يمكن استعادة حق، والمجرم أصبح قاضياً، واللص حَكَمَاً وهذا هو حال الغرب اليوم».
وتابع الرئيس الأسد: «بعيداً عن مطالباتنا للدول الغربية وللمؤسسات الدولية وغيرها بتحمُّل مسؤولياتها فهي لا تحمل سوى مسؤوليات استعمارية تاريخية قائمة على قمع ونهب الشعوب، بإرادتنا فقط، بالرأي العام الشعبي الجارف في بلداننا بما فرضته المقاومة الفلسطينية من واقع جديد في منطقتنا امتلكنا تلك الأدوات، فلنستخدمها، ولنستغل التحول العالمي الذي فتح لنا أبواباً سياسية أُغلقت لعقود لندخل منها ونغيّر المعادلات، ولتكن الأرواح الغالية التي ارتقت في فلسطين ثمناً مجزياً لتحقيق ما عجزنا عنه ماضياً وما علينا إنجازه حاضراً ومستقبلاً».
الرئيس الأسد أجرى على هامش انعقاد القمة عدة لقاءات رسمية مع عدد من نظرائه، حيث أكد خلال لقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن العدوان على غزة هو محاولة إسرائيلية جديدة لتصفية القضية الفلسطينية.
من جهته أكد الرئيس السيسي رفض بلاده محاولات التهجير التي تطول أهلنا في غزة، كما جدد تأكيده وقوف مصر مع سورية في حربها ضد الإرهاب وتمسكها بوحدة سورية وسيادتها على كامل أراضيها.
وخلال لقائه نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي أكد الرئيس الأسد ضرورة الوقف الفوري للهجمات الصهيونية على غزة والبدء في عمليات الإغاثة للشعب الفلسطيني المظلوم هناك.
الرئيس الأسد شدد كذلك خلال لقائه الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد في مقر إقامته في العاصمة السعودية الرياض على أن ما يشجع آلة القتل الإسرائيلية هو التواطؤ الغربي الذي يبرر كل أشكال الإجرام والتدمير في قطاع غزة، فالولايات المتحدة والغرب يقدمون أدوات الدعم التي تساعد على ارتكاب المجازر، كما يقدمون الغطاء السياسي لهذه المجازر التي تطول يومياً النساء والأطفال والشيوخ، والتي ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.
كما التقى الرئيس الأسد نظيره الموريتاني ولد الشيخ الغزواني وشدد خلال اللقاء على ضرورة العمل لتأمين الحماية للشعب الفلسطيني ووقف الإجرام والمجازر بحق كل الفلسطينيين.
وفي ختام القمة التي حضرتها 57 دولة عربية وإسلامية، أدان المجتمعون في بيانهم الختامي العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وجرائم الحرب والمجازر الهمجية، مطالبين بضرورة وقفه فوراً، كما أدانوا تهجير نحو مليون ونصف المليون فلسطيني من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، باعتبارها جريمة حرب وفق اتفاقية جنيف الرابعة وملحقاتها.
كما دعا البيان إلى كسر الحصار على غزة وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية، مطالبين جميع الدول بوقف تصدير الأسلحة والذخائر إلى سلطات الاحتلال التي يستخدمها جيشها والمستوطنون الإرهابيون في قتل الشعب الفلسطيني وتدمير بيوته ومستشفياته ومدارسه ومساجده وكنائسه وكل مقدراته.
كما طالب البيان مجلس الأمن اتخاذ قرار فوري يدين تدمير إسرائيل الهمجي للمستشفيات في قطاع غزة ومنع إدخال الدواء والغذاء والوقود إليه، والطلب من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بدء تحقيق فوري في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.
ووفق البيان فقد جرى تكليف وزراء خارجية السعودية وكل من الأردن ومصر وقطر وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا وفلسطين وأي دولة أخرى مهتمة، والأمينين العامين للمنظمتين لبدء تحرك دولي فوري باسم جميع الدول الأعضاء في المنظمة والجامعة لبلورة تحرك دولي لوقف الحرب على غزة، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية لتحقيق السلام الدائم والشامل وفق المرجعيات الدولية المعتمدة.
كما رفض البيان بشكل كامل ومطلق محاولات النقل الجبري الفردي أو الجماعي أو التهجير القسري أو النفي وأكد ضرورة إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين والمدنيين.
ووفق البيان فقد جرى إعادة التأكيد على التمسك بالسلام كخيار استراتيجي، لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وحل الصراع العربي- الإسرائيلي وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، والتأكيد على ضرورة تحرك المجتمع الدولي فورياً لإطلاق عملية سلمية جادة وحقيقية لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين الذي يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام، في أقرب وقت ممكن، تنطلق من خلاله عملية سلام ذات مصداقية على أساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام.