وزير الكهرباء يجيب «الوطن» … الزامل: وضع المحطات ليس مثالياً لكنه جيد ومحطات جديدة قيد التأهيل لزيادة الإنتاج
| فراس القاضي- جلنار العلي
قامت وزارة الكهرباء مؤخراً بجملة من الإصلاحات والإجراءات لزيادة القدرة التوليدية، منها رفع حمولة المجموعة البخارية الأولى في محطة توليد كهرباء الزارة من 110 ميغا واط إلى 190 ميغا، وكان قد سبق ذلك إعادة تأهيل المجموعة الأولى في المحطة الحرارية بحلب وإعادتها للخدمة بطاقة إنتاجية تصل إلى 200 ميغا واط، فكان هناك جملة من التساؤلات توجهت بها «الوطن» إلى وزير الكهرباء غسان الزامل، حول انعكاس هذه الإصلاحات على واقع الشبكة الكهربائية في سورية، إضافة إلى واقع التوليد الكهربائي، والخطوات التي تنوي وزارة الكهرباء القيام بها مستقبلاً في هذا المجال، والعديد من القضايا الأخرى التي تهم المواطن.
بدايةً، أكد الوزير أن محطة حلب الحرارية من أحدث المحطات التي كانت موجودة في سورية، ولكنها تعرضت للتدمير بفعل الإرهاب، فوضعت الوزارة ضمن أهدافها الأساسية إعادة تأهيلها لأنها من المحطات المميزة في سورية، مشيراً إلى أنه نتيجة للتحديات وصعوبات التمويل تم العمل على إعادة تأهيل مجموعتي توليد وهما الأولى والخامسة، وقد تم اختيارهما لاعتبارات فنية، وقد أضافت المجموعتان 404 ميغا واط للشبكة السورية، وتعتبر هذه الكمية مهمة لأنها تشكل نحو 20 بالمئة من مجمل كميات التوليد في سورية التي تبلغ 2000 ميغا واط.
ماذا عن معمل الأسمدة
وتابع: «على الرغم من الكميات التي أضافتها المجموعتان للشبكة إلا أنه عندما يتم تشغيل معمل السماد ينخفض إنتاج الكهرباء لأن المعمل يحتاج 1.2 مليون متر مكعب من الغاز لتصنيع السماد من خلال مادة الأمونيا الموجودة فيه وليس لاستهلاك الكهرباء، علماً أن هذه الكمية تكفي الوزارة لإنتاج 300 ميغا واط من الكهرباء، وأن المعمل يأخذ من الوزارة 30 ميغا واط لتشغيله فقط، وقد تم الاتفاق ليتم تشغيله حتى بداية شهر كانون الأول القادم، أي إن مدة تشغيله شهران فقط».
وأشار الزامل إلى أن الوزارة في طور التعاقد حالياً لتأهيل المجموعات الثانية والثالثة والرابعة، علماً أن هذه المجموعات تضيف للشبكة الكهربائية 606 ميغا واط، وهذا يعتبر الهدف الأول للوزارة، كاشفاً عن وجود مفاوضات مع عدة شركات للوصول إلى السعر الأنسب، مع الأخذ بالحسبان خبرة الشركة، مبيناً أن وضع محطات التوليد ليس مثالياً وإنما هو بخير وخاصة بعد سلسلة الأعمال التي قامت بها وزارة الكهرباء، وهي قادرة على توليد 5000-6000 ميغا واط في حال توفر حوامل الطاقة، علماً أن هذا الأمر غير مرتبط بوزارة النفط ولا بالحكومة، فالبلاد تمر اليوم في ظروف خاصة تتمثل بوجود المحتل الأميركي في منابع النفط والغاز، مشيراً إلى أن سورية تحتاج 5000 ميغا واط على الأقل، ولكن للأسباب الآنفة الذكر فإن موضوع تحسن الكهرباء غير مرتبط بوزارة الكهرباء فقط، فمنطقياً مهمة الوزارة هي التحويل من حوامل الطاقة إلى طاقة كهربائية، أي أن تحسن الكهرباء يرتبط بتوفر حوامل الطاقة وجاهزية محطات التوليد معاً، إضافة إلى جاهزية شبكات النقل.
وفي سياق متصل، أشار وزير الكهرباء إلى أن محطات التوليد الجديدة تحتاج إلى شهر صيانة كل عام وذلك وفقاً لتعليمات تشغيلها، أي إنها بالحالة المثالية تعمل 8000 ساعة عمل في العام، وتتوقف 760 ساعة لإجراء أعمال الصيانة، مشيراً إلى أن المحطات المميزة في سورية هما محطتا الزارة وحلب، كاشفاً أنه يوم الخميس الماضي تم فصل المجموعة البخارية الثانية في محطة الزارة لإجراء أعمال الصيانة علماً أن استطاعتها 110 ميغا واط من المتوقع رفع حمولتها لتصل إلى 195 ميغا، وتم الطلب لإنجاز العمل خلال 15 يوماً.
شركة جديدة
وحول جديد وزارة الكهرباء في مجال صيانة محطات التوليد، كشف الوزير عن اتفاق شراكة ما بين وزارة الكهرباء وإحدى الجهات العامة البحثية السورية المهمة للبدء بإنشاء منظومة عمل قادرة على إعادة تأهيل كل محطات التوليد، وذلك للتخلص من الحاجة للشركات الغربية، من خلال الاستفادة من الخبرات الموجودة في وزارة الكهرباء والخبرات العلمية الموجودة في الجامعات وغيرها، لتكون نواة لتأسيس شركة صغيرة مهمتها البدء بإعادة تأهيل وصيانة محطات التوليد وتصنيع بعض القطع من دون الاعتماد على خبرات خارجية، نظراً للحاجة الكبيرة لقطع التبديل وبعض التجهيزات المهمة لمحطات التوليد، وخاصة تلك التي تهتلك بشكل سريع وتحتاج إلى تبديل سنوي، لافتاً إلى أن هذه المنظومة من شأنها القيام ببعض الأعمال النوعية التي لا يمكن القيام بها إلا من خلال استخدام تقنيات علمية خاصة يتم إحضارها من الخارج، مشيراً إلى وجود 11 محطة توليد، كل محطة فيها نحو أربع عنفات على الأقل، أي إن مجموع عدد العنفات يصل إلى 56 عنفة، وكل منها تحتاج إلى شهر صيانة سنوياً، أي يوجد هناك 56 شهراً للصيانة، معتبراً أن هذه النواة غير قادرة على صيانة كل محطات التوليد لذا فإنها قابلة للتوسع.
حل مساعد
وحول خطة الحكومة للتوجه مستقبلاً نحو مشاريع الطاقة البديلة، اعتبر الوزير الزامل أن هذه الطاقات تعد حلاً مساعداً في دول العالم كافة، ومن المخطط أن تصل قيمة القدرة الإنتاجية من الطاقات المتجددة إلى 50 بالمئة من الاحتياجات في عام 2050، وذلك لسببين أولهما أن وسطي تكلفة إنتاج الكيلو واط ساعي في الطاقة الأحفورية هو 10-12 (سنت دولار)، أما الطاقات المتجددة فإن التكلفة تقارب الصفر، أما عن إنشاء المحطات فإن التكلفة هي نفسها تقريباً، حيث أن إنشاء 100 ميغا واط بالطاقات المتجددة يعادل إنشاء 100 ميغا واط بالوقود الأحفوري، لكن الفرق أنه في الحالة الأخيرة دائماً هناك حاجة إلى وقود على عكس التوليد بالطاقات المتجددة، لافتاً إلى أن تكاليف التشغيل في محطات الطاقات المتجددة تساوي 2 بالمئة من تكلفة الكيلو، أما التكاليف في المحطات الأحفورية (عدا سعر الوقود) تساوي 4- 4.5 بالمئة من تكلفة الكيلو، أما الهدف الثاني هو خفض الانبعاثات الغازية الذي أصبح مطلباً لكل المنظمات.
أما بالنسبة للواقع السوري، فلم ينفِ الوزير وجود صعوبات كبيرة تواجه العمل في هذا المجال، أولها: التمويل غير المتوفر نتيجة الصعوبات التي سببها الحصار الاقتصادي المفروض على سورية والمتمثلة في تحويل رؤوس الأموال، ناهيك عن خوف المستثمرين، فوزارة الكهرباء تقوم بتسهيل كل الإجراءات أمام المستثمر لكن يصطدم بالصعوبات الخارجة عن السيطرة، كالصعوبات الموجودة في الاستيراد، وتأمين القطع الأجنبي وإخراجه إلى الخارج.
1000 ميغا
وفي السياق ذاته، كشف الزامل أن الوزارة أجرت دراسة في نهاية عام 2022، قدرت من خلالها كمية إنتاج ألواح الطاقة الشمسية المنتشرة في سورية بأكثر من 1000 ميغا واط وهي غير محسوبة من مجمل الاستطاعة في سورية، وقد تم الوصول إلى هذا الرقم من خلال رصد الألواح التي دخلت إلى سورية بشكل نظامي وغير نظامي، وحجم الاستطاعات المركبة وحاجتها للبطاريات والأنفيرتات، لافتاً إلى أنها لم تنعكس على الشبكة الكهربائية كلها، فنتيجتها أن المواطن قام بحل مشكلته بالإنارة والشحن وبعض الأمور البسيطة، كما أنها لم تخفف عبئاً لأن المواطن يقوم بتشغيل كل الأجهزة الكهربائية في ساعات وصل الكهرباء، بل على العكس فإن هذه الألواح زادت العبء بسبب حاجة المواطن إلى شحن البطاريات، معتبراً أن هذه المشاريع تكون مجدية عندما تكون على مستوى أكبر من حل مشكلة، أي عندما يتم توليد 1000 ميغا واط ويتم ضخها على الشبكة لذا فإن الوزارة تسعى لذلك رغم كل الصعوبات وهناك بعض المشاريع التي تسير بتعثّر.
وحول عدم التوجه نحو إقامة مشاريع بالطاقة الريحية، بيّن الوزير أنه لا يوجد سوى مشروع واحد لتوليد الكهرباء بالطاقة الريحية بطاقة إنتاجية تصل إلى 5 ميغا واط في حمص، إضافة إلى أنه تم ترخيص 10 ميغا واط في السويداء، وهناك مشروع حكومي يتم العمل عليه حالياً لتوليد 102 ميغا واط، ويجري حالياً التفاوض على 100 ميغا واط جديدة بين درعا ودمشق، معيداً عدم التوجه إلى هذه المشاريع إلى أن تكلفة الكيلو واط تفوق الـ20 سنتاً، إضافة إلى أنه لا يمكن إقامتها إلا بمناطق محددة حيث تتوفر الرياح على عكس الطاقة الشمسية، علماً أن المناطق الريحية الواعدة غير آمنة، فالمنطقة الأفضل في سورية للاستثمار من حيث شدة الرياح تقع بعد مدينة تدمر باتجاه السخنة وهي غير آمنة على الإطلاق، ومن الممكن توليد نحو 1000 ميغا واط في هذه المنطقة، مشيراً إلى أن تكاليف التجهيزات عالية جداً من حيث أسعار المراوح، كما أن تكلفة توليد ميغا واط واحد تصل إلى نحو مليون دولار.
ولفت الوزير الزامل إلى أن الوزارة تشتري كيلو الكهرباء من الطاقات المتجددة بـ850 ليرة، وتبيعه للمواطن بسعر 6- 8 ليرات، ومع المناطق الصناعية والإعفاءات فإن وسطي البيع في سورية يصل إلى 37 ليرة للكيلو الواحد.
وبالانتقال إلى منحى آخر يتعلق بعمل وزارة الكهرباء وهو مشكلة تأشيرات العدادات التي يعاني منها الكثير من المواطنين نتيجة عدم وجود موظفي تأشير، فيتم تقدير الفواتير بشكل مرتفع في بعض الأحيان وخاصة في الريف، أشار وزير الكهرباء إلى أن هذا الأمر يرتبط بنقص الكوادر، إضافة إلى أنه في عام 2006 اتخذت وزارة الكهرباء قراراً بتبديل كل العدادات إلى عدادات إلكترونية لا تعمل في ساعات قطع التيار الكهربائي، لذا فإن العمال يؤشرون خلال ساعات وصل الكهرباء ما يمكن تأشيره خلال الشهر الأول، وكذلك الأمر بالنسبة للشهر الثاني، ليتم فيما بعد تقدير الاستهلاك للعدادات التي لم يتم تأشيرها وفقاً لما هو مؤشر، ونتيجة لذلك فقد سبق أن أصدرت الوزارة توجيهاً أنه في حال وجود تراكم يتم تشريح الفواتير، مشيراً إلى عدم وجود إمكانية لزيادة الكوادر نظراً إلى أن الوزارة تعمل على مشروع القراءة الذكية للعدادات من الوزارة مباشرة، علماً أن تكلفة هذا المشروع عالية وسيتم البدء فيه من المناطق الصناعية ثم مراكز التحويل الكبرى فالعامة، كما سيكون هناك خطة أخرى لطرح مناطق استثمارية للجباية، مشيراً إلى أن هذا المشروع يحتاج نحو 10 سنوات ليكتمل في كل سورية، وهناك صعوبات في التمويل لأن ذلك يحتاج إلى تغيير كل العدادات في سورية.
عدادات سورية
وأضاف: «يجري العمل حالياً مع أكثر من وزارة لتصنيع هذا العداد في سورية، كي لا يتم استهلاك قطع أجنبي، وقد تم إجراء تجارب مع وزارة الصناعة وجامعة دمشق ومركز البحوث العلمية وهناك جاهزية لدى هذه الجهات لاختبار العداد الذي صنع بكوادر سورية، وسيتم البدء بتصنيع 100 ألف عداد سنوياً بشكل مبدئي»، معتبراً أن القراءة الآلية للعدادات ستؤدي إلى أريحية للوزارة وللمواطن، مشيراً إلى وجود تطبيق موجود على موقع الشركة العامة للكهرباء يمكّن المواطن من تصوير عداده خلال ساعات وصل الكهرباء وإرسال الصورة إلى الوزارة لتسجيل التأشيرة.
من جهة أخرى، أفاد وزير الكهرباء بأن صندوق دعم الطاقات المتجددة قد نفّذ مشاريع لـ1450 إحالة إلى البنوك من أصل 30 ألف إحالة وصلت إلى المصارف، بقيمة إجمالية وصلت إلى 43 مليار ليرة تم منحها من البنوك على شكل قروض، كما أنه نفذ 150 مشروعاً من أموال المشروع بقيمة 3 مليارات ليرة، معتبراً أن هذا الرقم ليس بقليل إذا ما قيس بالفترة القصيرة منذ تأسيس الصندوق، مشيراً إلى أن البعض ينظر إلى أن عدد المشاريع المنفذة قليل بالنظر إلى مجمل الإحالات، ولكن هذا يعود إلى تعقيدات مصرفية، وهناك لقاءات دائمة مع المصارف في هذا المجال لتسهيل الإجراءات.
بانتظار جامعة دمشق
وفيما يخص توقف مخابر فحص الطاقات المتجددة، ذكر الزامل أن الوزارة أعلنت منذ البداية 6 مرات للقطاع العام ولم يتقدم أحد، علماً أن التجهيزات من الوزارة والمخبر خاص بمركز بحوث الطاقة، ثم تم إعلانها للاستثمار فتقدمت شركتان وأنشأتا مخبرين، ولكن حدثت بعض الإشكالات المتمثلة بوجود بعض التأخير، وإشكالات في بعض الاختبارات، فأكدت جامعة دمشق جاهزيتها لإنشاء مخبر، وتوقف عمل المخبرين، ولكن لم تقم الجامعة بذلك حتى الآن والوزارة تنتظر، مقترحاً أن تنشئ وزارة الصناعة مخبراً لتعود الإيرادات إلى خزينة الدولة.
وإلى ذلك، نفى الوزير وجود أي خطوط ذهبية للمواطنين، إضافة إلى أن هذه الخطوط وضعت لتشجيع الصناعة والزراعة والتجارة والسياحة لزيادة حركة الإنتاج وليست منزلية وهذه الآلية معمول بها منذ البداية، لافتاً إلى أن الخطوط التي كانت موجودة في بعض المنازل مسروقة، وقد تم وضع عقوبات شديدة وفقاً للتعليمات الأخيرة على من يبيع المنازل كهرباء من خط ذهبي مخصص لمنشأته، مؤكداً أن بعض التجاوزات لا تزال موجودة ولكن الوزارة حاولت الحد منها بقدر الإمكان.