المرضى لا يستطيعون تحمل الأعباء المالية في المشافي «المجانية» … مدير صحة اللاذقية لـ«الوطن»: المشافي العامة غير قادرة على إجراء تحاليل نوعية
| اللاذقية– عبير محمود
يعاني العديد من مرضى القلب من تراجع الخدمات الطبية والصحية في المشافي العامة في اللاذقية التي وصلت إلى حد الانعدام في كثير منها خاصة فيما يتعلق بالخدمات المخبرية وتصوير الرنين في عدد من المشافي الحكومية، إضافة إلى شبه توقف العمليات الجراحية في مشفى الباسل سواء عمليات قسطرة أم تركيب شبكات وصولاً إلى القلب المفتوح.
وطالبَ مرضى قلب، الجهات المعنية بإيجاد حلول لتخفيف الأعباء المادية عنهم بعد فقدان معظم خدمات الأجهزة الطبية المعطلة والمستلزمات الخاصة بإجراءات العمليات القلبية من مؤكسجات وصمامات وحتى شبكات، متسائلين عن آلية توفرها في المشافي الخاصة بأسعار خيالية مقابل عدم توفرها في المشافي العامة، وكيف يستطيع القطاع الخاص تأمين ما يلزم من مواد طبية مقابل عجز الجهات العامة عنها؟!
وذكر أحد المرضى أن الأعباء المادية التي لا يستطيع المرضى من ذوي الدخل المحدود تحملها نتيجة اضطرار بعض مرضى القلب التوجّه للعلاج في المشافي الخاصة تزيد الأعراض المرضية مع ارتفاع أجور الخدمات أضعافاً مضاعفة عن سنوات سابقة، تجاوز بعضها عشرات الملايين لبعض العمليات القلبية وما تتضمنه من شراء مستلزمات على نفقة المريض ومنها التحاليل المخبرية، معتبرين أن ما كانت تتغنى به الحكومة عن مجانية العلاج في المشافي العامة بات من الماضي.
كما تساءل مواطنون عن سبب غياب أدوية الأمراض عن معظم المراكز الصحية والمستوصفات، سواء للسكري أم الأمراض القلبية وغيرها، محذرين من انعكاسات سلبية على صحة المرضى بسبب عدم قدرتهم على شراء الأدوية من الصيدليات بأسعار باهظة جداً.
مدير الصحة في اللاذقية هوازن مخلوف أكد لـ«الوطن»، أن المشافي العامة بالمحافظة قدمت 4 ملايين خدمة طبية منذ بداية العام الجاري حتى نهاية شهر تشرين الأول الفائت، كما تم إجراء أكثر من 900 ألف تحليل خلال المدة ذاتها.
وأضاف مخلوف: إن المديرية تعمل وفق أولويات منها تأمين أجهزة القسطرة القلبية وأجهزة غسيل الكلى، موضحاً أن الهيئة العامة لمشفى الباسل لأمراض وجراحة القلب هيئة مستقلة ولا يتبع المشفى للمديرية إنما لوزارة الصحة، والمشكلة فيه أن التجهيزات قديمة ومنها جهاز القسطرة وتجاوز عمره 14 سنة ومن الصعب أن يقدم الخدمة المطلوبة، وتم تأمين قطع تبديل له بصعوبة ليعود للخدمة منذ نحو شهر، مضيفاً: إن هناك كلف مالية هائلة للقثطرة وحوائجها وتسعى الوزارة إلى تأمين المواد الخاصة بهذه العمليات ومعظمها مستورد من الخارج ويصعب تأمينها في ظل الحصار و«قانون قيصر» وتعمل العديد من الشركات على تأمينها ولو بكميات قليلة للاستمرارية بالحالات الإسعافية.
وذكر أن المديرية قامت بالتعاون مع الهلال الأحمر الإماراتي بمبادرة لمرضى القلب وتركيب أكثر من 50 شبكة للمرضى في مشفى الباسل باللاذقية، وأشار إلى تطلعات نحو خطط وزارية واتفاقيات مقبلة لتطوير جميع المشافي في اللاذقية ورفدها بأجهزة جديدة.
ولفت مخلوف إلى أن أجهزة الطبقي المحوري كانت خلال الفترة الماضية خارج الخدمة في جميع المشافي العامة، وحالياً عادت إلى الخدمة من جديد وتم تركيب جهازين جديدين في مشفيي جبلة وحمزة نوفل الوطني، وهذا المشفى تم التوسع فيه بـ9 غرف عمليات بعد أن كانت 4 غرف فقط، وذلك خلال أشهر قليلة، وفيما يتعلق بجهاز الرنين فإنه دخل الخدمة في مشفى التوليد والأطفال، أما أجهزة الإيكو فجميعها في الخدمة ومنها إيكو نقال وإيكو دوبلر جديدة.
وحول نقص الأدوية المزمنة في المشافي والمراكز الصحية، بيّن مخلوف أن توفر الأدوية المزمنة حسب مناقصات الوزارة وتسليمها للمشافي وفقاً للاستجرار المركزي، وفي حال نقص مادة تكون أيضاً مفقودة في السوق وبالصيدليات لعدم إنتاجها من المعمل أساساً، والوضع حالياً أفضل من السابق.
وأردف مدير الصحة بأن مادة الأنسولين دخلت حالياً إلى المراكز الصحية في مدينة اللاذقية، لتكون متوفرة لمرضى السكري الذين تسعى المديرية لإحصائهم ومنع التلاعب بتوزيع المادة إضافة لمراجعة المريض طبيب السكري والتأكد من حجم الجرعة المناسبة له.
كما أن كلف التحاليل الطبية باتت كبيرة جداً في المشافي الحكومية فالقيمة المالية كمستهلكات عالية وهناك تحاليل نوعية غير قادرة المشافي العامة على إجرائها حالياً.
وأشار إلى العمل على خطوة جديدة على مستوى المشافي العامة، بتحويل مشفيي جبلة الوطني وحمزة نوفل الوطني في اللاذقية إلى هيئات مستقلة ما يعطي صلاحيات أكبر للمديرين بمنزلة مدير عام، إضافة للمساهمة في دعم الكوادر الطبية من الناحيتين المالية والإدارية، وخطوة جيدة لتشجيع الأطباء على التعاقد مع الصحة خاصة في ظل التوجه نحو نظام الحوافز الجديد للتنمية الإدارية.
استثمارياً، ذكر أن المديرية أنجزت في عام 2023 كل المشروعات التي كانت مطروحة عام 2022 بنسبة 90 بالمئة، وتتم إعادة تأهيل 13 مركزاً صحياً، ونسب الإنجاز فيها كبيرة، منوهاً بدخول بعض المراكز إلى الخدمة ومنها مركز رعاية القرداحة ومستوصف الحفة، على حين أن مستوصف بسنادا تم إنجاز 70 بالمئة من أعمال التأهيل وهي مستمرة في باقي المراكز بوتيرة جيدة بالتعاون مع المنظمات الدولية.
وقال مخلوف: إن القطاع الصحي يعاني كغيره من القطاعات من جراء الحصار والظروف الحالية والتكاليف الطبية العالية باتت كبيرة حتى على المواطنين الذين كانوا قادرين على دخول المشافي الخاصة، ما جعل الضغط كبيراً جداً على المشافي الحكومية، منوهاً بأن هذا العام بالنسبة للقطاع الصحي هو أفضل من العام الماضي بكل المقاييس.