بعد أن أصبح زيت الزيتون حلما وبات في بلد الزيتون وحتى في مواقع إنتاجه مفقوداً وأصبح الاتجاه نحو تخزين زيتون المائدة أبعد ما يكون ومرهقاً للجيوب يأتي تسويق محصول الحمضيات والحاجة لإيجاد منافذ خارجية لها سواء على الصعيد المحلي أم الدولي والتخوف من تراكم المحصول وتدني سعره أسوة بباقي المحاصيل.
والأمر نفسه بطبيعة الحال يطرح موضوع الزراعة بشكل عام التي أصبحت مكلفة لجهة فلاحة الأرض ومتابعتها وأجور القطف والنقل لكن إشكالية تسويق محصول الحمضيات ليست جديدة وهي معاناة تتكرر كل موسم حيث يواجه المزارع خسارة كبيرة في حال لم يتم إنقاذه وتسويق ما ينتجه من زراعة يعتمد عليها في مصدر رزقه، وفي كل مرة تتوجه الأنظار إلى دور الحكومة في دعم منتج الحمضيات ومتابعة جميع الإجراءات التي تسهم في تسويق هذا المنتج وبالتالي مساندة المزارع وتحفيزه للاستمرار في الزراعة ولعل الدور الكبير المأمول في هذا السياق هو للمؤسسة السورية للتجارة.
وبالعودة إلى الزيتون أيضاً فإن واقع الحال قد تبدل بعد تراجع كمية الزيت الناتجة عن العصر وارتفاع أسعار زيت الزيتون لأكثر من 100 بالمئة بالأسواق.
ثمة أسئلة كثيرة تبحث عن إجابات واضحة حول الأسباب الحقيقية لتراجع إنتاج زيت الزيتون وهل فعلا هناك أسباب تتعلق بالفلاح أو المزارع ويتحمل مسؤوليتها وما آثار وتداعيات سوء الموسم على المنتجين من جهة وعلى المستهلك من جهة أخرى، إضافة إلى أن هناك من يرى أن تقدير الكلفة الحقيقية لهذا المنتج غير واضحة وغير مستقرة ولا تمثل الواقع وإن كانت أسباب تراجع الإنتاج متعددة بدءاً من الظروف الجوية السيئة مروراً بقلة عمليات الخدمة الزراعية (فلاحة، تسميد، وري ومكافحة).
إلا أن هناك شبه إجماع من الفلاحين ومنظمتهم الفلاحية على السبب الأساسي في زيادة أسعار الزيت وهو قرار السماح بتصدير زيت الزيتون دون النظر إلى حاجة السوق المحلية من الزيت. ويبقى التذكير بأن الحكاية لا تقتصر على منغصات في تسويق محصول أو زراعة غيره وإنما أصل الحكاية هو هل نحتاج إلى جهود وضوابط ومحفزات لتمكين الزراعة أكثر لأنها عماد الأمن الغذائي.