يبدو أن مشكلة الرئيس الأميركي جو بايدن في هذه السنة الانتخابية ليست فقط هزيمة منافسه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بل مواجهة مشكلات أخرى قد تكلفه خسارة الانتخابات الرئاسية القادمة بغض النظر من سيكون منافسه الجمهوري، فقد أظهرت استطلاعات الرأي الجديدة تراجع شعبية بايدن بشكل ملحوظ بين جيل الشباب الذي يعتبر أكبر قاعدة داعمة للحزب الديمقراطي.
تنطلق الأصوات المنتقدة للرئيس الأميركي من داخل حزبه الديمقراطي، من النائب دين فيليبس وهو وسطي، إلى النائبة رشيدة طليب التي تعتبر في يسار الحزب، ويرجع الكثير من المراقبين مشكلة بايدن إلى عدة محاور، لعل أكثر الانتقادات ظهوراً الآن هي موقفه من الحرب على غزة والدعم المطلق الذي منحته إدارته لإسرائيل.
انتقدت النائبة طليب، عن ولاية ميشيغن الديمقراطية وهي من أصول فلسطينية، بلغة لاذعة بايدن لدعمه إسرائيل واتهمته في مقطع فيديو بأنه يدعم الإبادة الجماعية للفلسطينيين، وقالت إن مثل هذا الموقف من شأنه أن يضعف موقف بايدن بين الأميركيين من أصول عربية ومسلمة الذين يشكلون كتلة حاسمة في الولايات المتأرجحة مثل ولاية ميشيغان.
وأظهر استطلاع جديد للرأي أجراه المعهد العربي الأميركي، انخفاض الدعم لإعادة انتخاب بايدن في الانتخابات القادمة بنسبة 42 بالمئة بين الأميركيين العرب الذين عادة يصوتون للديمقراطيين في ولاية ميشيغان، وعلى الصعيد الوطني يؤيد 68 بالمئة من العرب الأميركيين وقف إطلاق النار في غزة، ويعتقدون أن الولايات المتحدة يجب أن تتوقف عن إرسال الامتدادات العسكرية إلى إسرائيل، ويقول العديد من الأميركيين العرب في ولاية ميشيغان المتأرجحة الذين صوتوا بأغلبية ساحقة لمصلحة بايدن في عام 2020، إنهم يفكرون في مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة.
تقول مستشارة الصحة العقلية تكوين دويك البالغة من العمر 53 عاماً التي نشأت في مخيم الشاطئ للاجئين في شمال غزة: «لم نشهـــد شيئـــاً كهذا من قبــــل»! وأضافـــت: «الأمر المؤلم للغاية هو أن ثمن الأسلحة يُدفع من أموال الضرائب التي ندفعها، إنهم يستخدمون أموال ضرائبنا لقتل أحبائنا».
وتقول مديرة الشبكة الوطنية للمجتمعات العربية الأميركية ريما مروة إن «الإحصاء السكاني الأميركي يصنف الأميركيين العرب ضمن السكان البيض وهو ما «يمحو» التحديات العديدة التي تواجهها هذه الجالية»، وبسبب انحدار العرب من 22 دولة مختلفة فإن السكان العرب والناطقين بالعربية في ميشيغان لا يشكلون كتلة واحدة، إذ تختلف تجاربهم ومعتقداتهم ومشكلاتهم حسب الجنس والعمر والأصل القومي والعديد من العوامل الأخرى، وفي العام 2000 شكّل الأميركيون العرب دائرة انتخابية جمهورية يمكن الاعتماد عليها، لكنهم في الفترة ما بعد أحداث 11 أيلول 2001 تحولوا وأصبحوا يصوتون للديمقراطيين، وفي عام 2020 كان لدى 74 بالمئة من الأميركيين العرب وجهة نظر إيجابية تجاه بايدن، وطابقت ديربورن في ميشيغان تلك الحصة إذ أدلى 74 بالمئة من الناخبين المذكورين بأصواتهم لمصلحة بايدن في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
ولعل أفضل ميزة كان يتمتع بها بايدن في انتخابات عام 2020 هي قدرته على إنشاء تحالف يجمع جميع الأطراف المناهضة لترامب في حملة واحدة، ولقد نجح في كسب تأييد الوسطيين في الضواحي مثل فيليبس، بطريقة لم يكن بوسع السيناتور بيرني ساندرز أو إليزابيث وارين أن يفعلاها، كما حصل على دعم من اليساريين الذين ربما لن يصوتوا أبداً لمايكل بلومبرج أو بيت بوتيجيج.
أما اليوم فقد خسر جو بايدن داعميه في المناطق الفقيرة وضمن القاعدة الشبابية وبين الناخبين الملونين والنساء والأميركيين العرب، فهل سينجح في الفوز على منافسه الجمهوري في الانتخابات القادمة مع وجود تصدع واضح داخل الائتلاف الذي اعتمد عليه سابقاً؟
كاتبة سورية مقيمة في الولايات المتحدة الأميركية