قضايا وآراء

تحرك عسكري أطلسي مزدوج الهدف على الساحة اللبنانية!

| رزوق الغاوي

سيناريو أميركي عدواني جديد كُشِفَ النقاب عن بعض مقدماته المتمثلة بهبوط اثنتين وثلاثين طائرة نقل عسكرية بعضها من الطراز الضخم، في مطاري بيروت وحامات في لبنان خلال الفترة ما بين الثامن من الشهر الفائت والعاشر من الشهر الحالي، وهي حسب موقع «Intelligenceــsky» طائرات أميركيّة وبريطانية وهولنديّة وفرنسية وإسبانية وكندية وإيطالية، من دون التأكد من مهمات ومسوغات هذا السيناريو المشبوه، الذي يجري تنفيذه الآن تحت لافتة إخلاء السفارات من العاصمة اللبنانية أو دعم أمنها!

اللافت في هذا «السيناريو المشبوه» الذي بوشر بتنفيذه بعد يوم واحد من بدء عملية طوفان الأقصى، تزامنه مع وصول حاملتي الطائرات الأميركيتين «دوايت أيزنهاور» و«جيرالد فورد» والغواصة النووية الأميركية «أوهايو»، ومن ثم اشتداد المواجهات على الجبهتين الجنوبية والشمالية في فلسطين المحتلة، جراء تصعيد الكيان الصهيوني لحالة الهيستريا الإجرامية والجنون الوحشي في تلك الجبهتين.

وبعيداً عن الدخول في التفاصيل العملانية لهذا السيناريو، لابد من تفسيره على أنه يأتي في إطار الإجراءات والتحركات العسكرية الأميركية والأطلسية الراهنة ويندرج ضمن «إستراتيجية الناتو» المعتمدة لخدمة السياسة العامة للإمبريالية الأميركية والصهيونية العالمية والرأسمالية المتوحشة.

ولعل ما يحصل الآن من أحداث دراماتيكية في العديد من الأرجاء الدولية والإقليمية والعربية، إنما يندرج في خدمة تلك الإستراتيجية العسكرية والسياسية الأميركية، التي يعمل أصحابها على توسيع دائرة انتشار قوات حلف شمال الأطلسي «ناتو» في العالم عموماً وفي منطقتنا العربية تحديداً، حيث يعتقد البعض من دون دراية موضوعية بخفايا السياسة الأميركية ومراميها البعيدة، أن الهدف من حشد حاملات الطائرات والبوارج والغواصات النووية والصواريخ الباليستية الأميركية في مياه شرق البحر الأبيض المتوسط، لحماية الكيان الصهيوني الذي لا يستدعي أصلاً هذا الوجود الحربي النوعي، إنما تم لما هو أبعد من ذلك بكثير.

من هذه النقطة تحديداً، يمكننا القول إن الحشد العسكري الأميركي في شرق المتوسط يهدف لتوجيه رسالة تهديد لمن يمكن أن يتدخل لوضع حدٍ لإيقاف المجازر الصهيونية لفلسطينيي غزة والضفة الفلسطينية المحتلة، والعمل على حماية عملية الإبادة الممنهجة للشعب الفلسطيني ومنح جيش الحرب الإسرائيلي مزيداً من الوقت لتمكينه من الاستفراد بقطاع غزة ومواصلة جرائم ذبح شعبها والحيلولة دون أي تدخل دولي لوقف هذه الجرائم التي لا تهدف للقضاء على حركة حماس وحسب بل إلى تطهير غزة من الفلسطينيين.

ويندرج ذلك الحشد العسكري أيضاً في إطار السعي الأميركي الإستراتيجي الحثيث لتوسيع الانتشار الأطلسي ممهداً لذلك بافتعال مشكلاتٍ هنا وهناك من بلدان العالم واستغلالها تالياً لمزيد من هذا الانتشار بغية سد الثغرات التي حالت سابقاً وتحول الآن من دون تشديد الحصار على روسيا الاتحادية، والذي تأمل منه واشنطن إكمال حلقات الدرع الصاروخية الأميركية حول روسيا، والتي أخفقت في تحقيقها الآن وستخفق في المستقبل، على ضوء النهج السياسي الروسي المتوازن في التعاطي مع القضايا والمشكلات والمسائل الدولية الراهنة، وتطور القدرات العسكرية الروسية، وتنامي الاصطفافات الدولية حول التحالف الإستراتيجي بين روسيا الاتحادية والصين الشعبية.

كاتب سوري

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن