ثقافة وفن

الفن التشكيلي مرتبط بالقضايا الوطنية والمحورية … الركوعي لـ«الوطن»: رسم الكثير من الفنانين عن العدوان الإسرائيلي في غزة وللمقاومة والصمود

| مصعب أيوب

لا يزال كثيرون إلى اليوم يعتقدون أنهم عند زيارة معرض فني سيجدون المناظر الطبيعية والحياة البسيطة أو الريفية والأطفال الذين يمرحون والأشجار والأنهار، وبالرغم من أن هناك الكثير من الموضوعات التي تتمحور حول ذلك، إلا أن الفن يجب عليه الارتباط بقضاياه الوطنية والتبدلات السياسية والاجتماعية، ولاسيما إذا كان هناك انتهاكات وحروب ودمار وقتل ومقاومة باسلة لتلك الهجمات والوحشية، فإنه من الضروري التغني بهذه الانتصارات وتمجيدها وتجسيد مظاهر القتل والتجاوزات اللاإنسانية في الريشة واللون والقلم، ولا يمكن للفن التشكيلي اليوم في ظل ما تعيشه فلسطين خلال العقود الماضية وحتى اليوم من دمار وخراب وحرب شعواء أنهكت البشر والشجر وحتى الحجر أن يكون بعيداً عن المشهد ويتابع ما يحدث بصمت، وهو ما يمكننا معاينته بوضوح في لوحات عديدة قديماً وحديثاً سواء في ظل عملية طوفان الأقصى أم في غيرها من العمليات البطولية والمعارك التي خاضتها المقاومة الفلسطينية مع جيش الاحتلال، فكان أن قدم التشكيليون لوحات تبقى في الأذهان حتى أطول وقت ممكن على الرغم من بساطة تكوينها إلا أنها تحوي رموزاً معقدة وتحليلات عميقة.

متأهبون للمقاومة

الفنان الفلسطيني محمد الركوعي أكد في حديث لـ«الوطن» أن الفنان لا بد أن يكون متصلاً بوطنه ومجتمعه ومعبراً عن معاناته في كل حالاته ومجسداً صورته أينما حل، ولاسيما في الأحداث العظيمة والكوارث وما يفعله العدو في البلدان العربية وفي بلاد الشام ويجب علينا ألا نقف مكتوفي الأيدي، وقد استحوذ البعد السياسي والبعد الوطني على جزء لا يستهان به من لوحات الفنانين التشكيليين الفلسطينيين، وقد رسم الكثير من الفنانين عن العدوان الإسرائيلي في غزة وللمقاومة والصمود ودائماً كان الفن في خدمة المجتمع والمعركة والناس ونحن جاهزون للدفاع بأي طريقة ممكنة، ولأن الفن والأدب شيء روحي في المجتمعات فهو يسجل الموقف الحاسم حيال الأحداث المحورية ويسجل الوقائع للأجيال القادمة ولا بد من توثيق الإجرام والوقوف عند البطولات وتمجيدها وتخليدها.

وأشار إلى أن الفن دائماً ملتزم بالقضايا الوطنية وبما يحدث وهو تسجيل لأحداث الواقع ودفاع عن الإنسان والقيم الأخلاقية والمبادئ أمام أعتى عدو وحلف معادي وضخم ولاسيما أنهم يحاولون سرقة المتاحف والآثار والتاريخ وتهميش الأدب المقاوم والأغنية منوهاً بأن الفنان يستقي مواضيع أعماله من السياسة العامة ورحم المعاناة ومحاولات تهميش الإنسان العربي.

وختم بأن الفن التشكيلي يؤدي دوراً مهماً في النهضة لأنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالقضايا الوطنية والتي تهم المجتمع وتلامس الوجدان العربي ولاسيما أن الفنان التشكيلي الفلسطيني أصبح لديه قناعة تامة بأن كثيراً من الرسومات والأعمال الفنية والأدبية يعني مزيداً من الارتباط بالأرض والتشبث بها، وهو ما يمكننا أن نشاهده في معظم أعمال التشكيليين الفلسطينيين وحتى العرب الذين أخذوا على عاتقهم مهمة التعريف بالقضية ونصرتها من خلال إدراج رموز حية تمثل القضية والأرض والمقاومة ومنها شجر الليمون والصبار والعلم الفلسطيني والزيتون والكوفية وغير ذلك.

ارتباط وجداني

وقد أفاد الفنان التشكيلي محي الدين الحمصي إننا نحن السوريين معنيون بطبيعة الحال بما يحدث في غزة ولاسيما أن سورية بلد مقاوم، فلا بد من أن نكون يداً واحدة في ظل ما نعيشه اليوم، وأنا كفنان تشكيلي لا يمكنني أن أرتدي اللباس العسكري وأخرج إلى جبهات القتال ولكن سلاحي هو ريشتي وأستطيع أن أحارب بها من خلال تجسيد الرسومات التي تخلد النضال والمواجهة وتتغنى بالصمود والشهادة، وعلى الرغم من أننا لسنا في وسط المعركة والجبهات إلا أننا نتصل بهم بقلوبنا ووجداننا، وبين الحمصي أن الفنان التشكيلي لا بد أن يكون شكلاً من أشكال المقاومة والدعوة للسلام وبالفرح.

وتابع: «أنا لا أفضل كثيراً استخدام اللون الأحمر الذي يدل لونياً على الدماء والحروب والدمار والقتل ولكن أفضل الإكثار في أعمالي من ألوان الفرح والسعادة والتي منها الأبيض بالتأكيد»، راجياً أن تكون بعض أعماله توصل رسالتها التي تحث على اجتماع البلدان العربية وتآلفهم على قلب واحد، ولاسيما أن كل إنسان فينا يحمل بالفطرة بداخله خصال حميدة ونظيفة وفيه بذرة خير ويختلف تماماً عن العدو الصهيوني.

وفي الختام توجه الحمصي بالرحمة للشهداء والشفاء العاجل للجرحى متمنياً أن يتخذ الشعب العربي وحكامه موقفاً صارماً من الكيان الصهيوني ويقطع علاقاته معه بشكل نهائي وينهوا أي شكل من أشكال التطبيع.

قضية محورية

من جانبه الفنان التشكيلي موفق مخول نوه أنه عندما اختار الفن فإنه اتجه للسلام ولتجسيده وحمل رسالته مؤكداً ضرورة أن يحمل الفن التشكيلي في لوحاته معاني الحب والجمال ويبتعد عن الحروب والقتال، ولكن في عندما يسود الجهل والظلم والاحتلال واليوم في ظل ما تعيشه المنطقة عموماً وإخوتنا في فلسطين خصوصاً ستتحول الأفكار والسلام والزهور في الأذهان إلى بندقية تلبي نداء الواجب وهو ما يجب على كل فنان عربي في سبيل نضاله تجاه قضيتنا المحورية للوقوف ضد الظلم ومحاربة هذا العدوان الغاشم ورب قائل يقول ما الذي ستغيره هذه اللوحة أو تلك ولكن بالطبع ستغير شيء، فهي تشحذ الهمم وتقوم عزيمة الشعب والمقاتلين وتخبر العالم بالتعديات والانتهاكات التي يمارسها العدو على المدنيين، وبالطبع فإن كل فنان سيعبر عن القضية الفلسطينية حسب رؤيته وثقافته منطلقاً من مشاعره الحقيقية تجاه وطنه وأبناء جلده وتجاه القضايا الإنسانية عموماً وقضيتنا الفلسطينية ونضالنا ضد العدو الإسرائيلي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن