رياضة

حكام الكرة يعيشون بين دوامة الرضا والغضب! … الأخطاء ملح كرة القدم والحكم الركن الأضعف في الدوري

| ناصر النجار

التحكيم الكروي ركن ركين من أركان لعبة كرة القدم وأحد أسباب نجاحها أو فشلها، ودوماً كان التحكيم السوري موضع فخر بين أقرانه العرب أو في آسيا أو في العالم وما زلنا نتذكر حكامنا كيف جابوا العالم وكيف كانوا مطلوبين لأهم البطولات العالمية والآسيوية، فسجلنا التحكيمي زاخر بالأسماء التي وصلت للنهائيات العالمية للرجال والشباب والناشئين وغيرها من البطولات القارية سواء في أوروبا أو إفريقيا وبالطبع في آسيا، وهذا التاريخ الثر بحاجة إلى مجلدات لنتكلم عنه بالاسم والتاريخ والحدث.

بعد الفترة الذهبية لحكامنا بدأ تحكيمنا بالتراجع مع اعتزال قامات التحكيم واحداً بعد الآخر، وبدأ تحكيمنا يفقد هيبته على أرض الملعب، وبدأت لجان التحكيم المختلفة بالمحاولات لصناعة تحكيم جديد جيد، البذور التي زرعت بدأت اليوم بالنضوج وبدأت قاعدة التحكيم بالاتساع وبدأت بوادر هذا التحسن بالظهور، ولكن؟ من المستحيل أن نقضي على الأخطاء التحكيمية، فالأخطاء ملح كرة القدم، وكما المدرب واللاعب يخطئ في المباريات ونتحمل أخطاءهم، لماذا نضع الحكام دوماً في قفص الاتهام؟

الاتحاد الدولي لكرة القدم من أجل التخفيف من حدة الأخطاء القاتلة أو المؤثرة نشر تقنية الـ var في الملاعب، لأن الحكم بشر ومن الممكن ألا يلاحظ بعض الحالات أو يتسرع بالحكم عليها، وهذه وسيلة من وسائل تخفيف الأخطاء المؤثرة كإلغاء هدف أو العكس وكذلك في حالات البطاقات الحمر وركلات الجزاء.

كرتنا موعودة بهذه التقنية الحديثة وقد نستطيع استعمالها قريباً بعد أن يتدرب حكامنا عليها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل سيتقبل جمهورنا قرار الفار أم إنه لن يعترف به إذا كان القرار ضد مصلحة فريقه؟

القضية هنا قضية قناعة فنحن متعصبون جداً لفرقنا والمشكلة أننا لا نتقبل أي قرار لا يروق لنا، والمفترض أن يتقبل الجمهور قرار الحكم مهما كان نوعه، ولأن الحكم بشر فهو كغيره من أطراف اللعبة ينتظر التشجيع من الجمهور لا الشتائم ورمي الحجارة والزجاجات الفارغة، ولو أننا شجعنا الحكم لدخل المباراة بصفاء أكبر وتركيز ذهني أفضل وهو ما نتمنى حدوثه في المباريات كلها.

وعلينا أن نتذكر على الدوام أن الشغب الحاصل في المباريات لا يغير من الأمر شيئاً على صعيد النتيجة، لكنه يجر الويلات على الفريق فيكبده الكثير من الغرامات المالية وغيرها من العقوبات لأسباب لا طائل منها.

«الوطن» حاورت الحكم الدولي خضر حاج خضر مدير قسم التحكيم ورئيس قسم تعيينات الحكام وسألته عن قضايا التحكيم المحلي ومستقبله وأهم المعوقات والعثرات، وهاكم الإجابات بالتفصيل.

أداء متصاعد

• كيف تقيم الأداء التحكيمي بعد خمس جولات من الدوري الكروي الممتاز وما تخلله من مباريات في بقية الدوريات؟

من خلال لجنة الحكام ودائرته يتم تقييم الأداء التحكيمي، وبعد مرور خمس جولات من الدوري نصف الأداء التحكيمي بالجيد ولدينا رضا تام عن أداء حكامنا خلال الفترة السابقة، والمستوى التحكيمي في تطور متصاعد، وما علينا إلا الصبر على حكامنا، ونحن واثقون بأن حكامنا عائدون ليكونوا نجوم المباريات المحلية والخارجية.

• يقال إن هناك مشكلة في التحكيم المحلي، قد تكون في القاعدة الضعيفة أو في هوامش الاختيار القليلة، أين تحدد المشكلة؟

من الطبيعي أن أي عمل لا يخلو من المشاكل وخاصة في ظل الظروف الصعبة والأزمات التي تعيشها رياضتنا، ففي السنوات الماضية عندما استلمنا ملف إدارة التحكيم في سورية تمت دراسة نقاط الضعف في منظومة التحكيم وتم تحديدها بدقة من قبل لجنة الحكام ومن بين هذه المشاكل ضيق القاعدة التحكيمية والذي يؤدي إلى خيارات ضئيلة في الاختيار، وعلى أساسها تم وضع إستراتيجية لتلافي هذه المشاكل بجهود الجميع ونجحنا كلجنة ودائرة في حل بعض المشاكل واليوم نحن أمام خيارات أوسع من السابق في الاختيار.

جهد مشترك

• مسألة تطوير الحكام تعتمد بالدرجة الأولى على الجهد الذاتي للحكم، هل لدى لجنة الحكام رؤية لتأهيل الحكام خارج دورات الصقل والترقية؟

هناك مسؤوليات وواجبات على الحكم وهناك أيضاً واجبات على لجنة الحكام، هذه الواجبات هي مكملة لبعضها بعضاً فيجب على الحكم أن يتابع ويطور اعتماداً على ذاته أيضاً، فاللجنة مهما قدمت من خطط ودورات صقل وترقية فإذا لم يكن لدى الحكم الموهبة والرغبة للتطور والمفهوم الحقيقي لكرة القدم والمتابعة المستمرة فلن يتطور الحكم، واللجنة بدورها تتابع مستوى الحكام، وأيضاً من خلال تقارير المباريات يتم تحديد النقاط الإيجابية والنقاط التطويرية، وسوف تتم مناقشتها في ندوة خاصة مع الحكام.

• قيل إن لجان التحكيم الفرعية مقصرة في متابعة حكامها، ما وجهة نظركم في هذا الكلام؟

قد تكون بعض اللجان مقصرة في متابعة حكامها ولكن أيضاً هناك لجان تعمل على تطوير حكامها وتتابعهم بشكل مستمر وذلك من خلال التمارين الأسبوعية والمحاضرات، كما قمنا بتوجيه لجان الحكام الفرعية بإرسال تقارير كاملة عن التزام الحكام، ونحن أيضاً بدورنا نقوم بمتابعة جميع الحكام في جميع المحافظات.

العودة المظفرة

• بدأت بوادر العودة إلى الساحة الآسيوية لعدد قليل من الحكام، هل هي بادرة خير أم طفرة، وهل هناك حكام آخرون قادرون على تجاوز عتبة التحكيم المحلي؟

صحيح حكامنا يظهرون من خلال البطولات الآسيوية وآخرها تم اعتماد طاقم سوري لقيادة مباريات كأس آسيا في قطر، وهذا يعتبر بشرى خير لحكامنا، كما أنه أصبح في كل جولة من جولات ابطال آسيا وكأس الاتحاد الآسيوي يتم تكليف عدد من حكامنا والاعتماد عليهم في قيادة المباريات، كما أنه تم الاعتماد على أكثر من طاقم تحكيمي سوري لقيادة مباريات تصفيات كأس العالم 2026، ونحن نسعى لوصول طاقم سوري ليكون ممثلنا في كأس العالم ولدينا الثقة بوصول طاقم تحكيم سوري لكأس العالم.

• تبادل الحكام يزيد من خبرة الحكام، هل هناك مشروع في الأفق لعملية التبادل مع الدول الشقيقة والصديقة؟

هذا صحيح خبرة الحكم تزداد من خلال التحكيم في الدول المجاورة والصديقة، فهذا المشروع بدأ من السنة الماضية حيث قمنا بتبادل الحكام مع الأردن، وقام طاقم سوري بتحكيم مباريات في الدوري الأردني، كما نسعى لزيادة التبادل مع دول أخرى من خلال الاتفاقيات التي قام بها الاتحاد السوري لكرة القدم.

• هل موضوع التعايش مع الحكام الآخرين في الدول المحيطة مجدٍ لحكامنا الشباب من أجل تطوير موهبتهم؟

أكيد، وإن كان صعب التحقيق خارجياً في الوقت الحالي ولم نشهد أن هناك حكاماً عاشوا فترة تعايش خارجية، نحن نحاول أن نحقق ذلك داخلياً، ونجد أن الحكام الجدد والشباب مقبلون بحماس على التحكيم ويسعون دائماً لتطوير ذاتهم مع متابعة مستمرة من قبل لجنة الحكام والدليل على ذلك أن دائرة الحكام ساهمت ببناء قاعدة تحكيمية منذ أكثر من تسعة أشهر وبدأنا الآن نقطف ثمار الجهد الذي بذل خلال الفترة الماضية.

اهتمام ودعم

• هل من الممكن إجراء معسكرات خارجية للحكام أسوة بالمنتخبات وخصوصاً أن اتحاد كرة القدم ما زال يوقع اتفاقيات التعاون مع الدول العربية والصديقة؟

نعم وقمنا بإجراء معسكرين في لبنان للحكام تخلله دورة صقل بإشراف محاضرين دوليين كما أنه تم إجراء الاختبارات البدنية والمعرفية للوقوف على جاهزية الحكام للموسم الكروي، ونسعى أيضاً لإجراء معسكرات خارجية من خلال الاستفادة من اتفاقيات التعاون مع الدول العربية.

• الأخطاء ملح كرة القدم، ما السبيل لتخفيف الأخطاء في المباريات؟

نعم، دائماً نسعى للتخفيف من الأخطاء التحكيمية وذلك برفع جاهزية الحكم البدنية والمعرفية والمتابعة المستمرة لمستوى حكامنا، وخاصة في ظل عدم وجود الأدوات المساعدة للحكم في إدارة المباريات مثل (VAR) والذي يعمل على تقليل الأخطاء المؤثرة في المباريات، واتحادنا جاد لتوفير VAR.

• كيف تتعاملون مع الأخطاء التي تؤثر على المباريات ونتائجها؟

لا أخفيك سراً أن الأخطاء المؤثرة على المباريات تشكل ضغطاً على لجنة الحكام وعلى الحكام، فالحكم الناجح هو الحكم الأقل أخطاء في المباريات، وبدورنا نقوم بدراسة هذه الأخطاء وما العوامل التي أدت إلى حدوث هذا الخطأ هل هو المستوى البدني للحكم هل هو المستوى المعرفي هل قلة التركيز لدى الحكم وعلى أساسها نحدد الأسباب حتى نقوم بتلافيها في المباريات القادمة.

محاسبة ومتابعة

• يقال في الكواليس إنكم غير قادرين على معاقبة الحكام المخطئين بسبب قلة عددهم وحتى لا تتأثر المباريات بغيابهم؟

هذا الكلام غير دقيق، فبمجرد استلام لجنة الحكام قامت بإجراء عدة تغيرات إدارية على مستوى اللجنة، حيث تم إحداث دائرة الحكام وتشكيل لجان مختصة، كما قمنا بوضع لائحة انضباطية للحكام وعلى أساس أداء الحكم في المباريات يتم تطبيق اللائحة عليه، وقمنا بمعاقبة بعض الحكام لارتكابهم أخطاء تحكيمية، كما قمنا بنشر هذه اللائحة في بداية العام الفائت على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتم الاطلاع عليها من قبل الجميع.

• هل هناك بالفعل حكم مدعوم وحكم مظلوم؟

بل أقول هناك حكم مجتهد وهناك حكم يظلم نفسه ونحن بدورنا نقوم بدعم الحكم الذي يقدم مستوى جيداً في المباريات ويطور من نفسه دائماً، في حين الحكم الذي يرتكب أخطاء دائماً ومستواه ينخفض ولا يتطور فهذا الحكم هو من يظلم نفسه وليس نحن من نظلمه.

• نصيحة توجهها للحكام وخصوصاً الشباب الموهوب؟

الصبر والاجتهاد والعمل على تطوير مستواه من جميع النواحي، ونحن بدورنا نقوم بتقديم الدعم للشباب الموهوب تحكيمياً فهؤلاء سيكونون مستقبل التحكيم السوري وأمله.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن