الأزمة تشعل سوق العقارات.. وقيم الإيجارات غير واقعية
محمود الصالح:
شكلت الأزمة التي تتعرض لها البلاد حافزاً جشعاً لتجار العقارات لاستغلال حاجة المهجرين لوجود مسكن يؤويهم وعائلاتهم بالرغم من ضيق الحال ومحدودية الموارد.
وتفنن التجار بشكل عام وفي دمشق وريفها بشكل خاص في استغلال حاجة الناس ورفعوا أسعار الإيجار بشكل جنوني لا يتناسب مع المنطق ولا مع أحوال طالبي العقار. مصطفى صاحب مكتب عقاري في دمشق سألناه عن سبب ذلك فقال: نحن المكاتب العقارية ليس لنا علاقة برفع قيمة الإيجار لأننا نلتزم بما يطلب مالك البيت ونسعى للتقريب بين المؤجر والمستأجر حتى تتم الصفقة لأن لنا مصلحة في قبض (الكمسيون) وارتفاع الأسعار يختلف من منطقة إلى أخرى وحسب العرض والطلب. اليوم في دمشق هناك طلب ولا توجد عروض كثيرة خصوصاً أن كثيراً من أصحاب البيوت الفارغة يفضلون إغلاقها على تأجيرها خوفاً من تعرض البيت للتخريب من المستأجر ومن يقوم بتأجير بيته يفعل ذلك بدافع الحاجة المادية وخلال رصدنا لسوق العقارات في دمشق وريفها وجدنا أن إيجار الشقة في أتوستراد المزة ومحيطه يصل إلى 200 ألف ليرة سورية شهرياً وهناك شرط دفعة واحدة لمدة ستة أشهر أما في منطقة مزة 86 وهي منطقة مخالفات شعبية فيبلغ إيجار الشقة بالحد الأدنى 15 ألف ليرة سورية وهي عبارة عن غرفة ومنافعها ودون فرش وإذا كان البيت مفروشاً تزداد الأجرة بمقدار الثلث تقريباً أما في منطقة البرامكة وسط مدينة دمشق فيصل إيجار الشقة المكونة من غرفتين إلى مئة ألف ليرة سورية مفروشة وفي ريف المحافظة مثل صحنايا وأشرفية صحنايا وجديدة عرطوز فيتراوح الإيجار بحسب مساحة الشقة من 25 ألفاً إلى 40 ألفاً ليرة إذا كانت فارغة أما إذا كانت مفروشة فيمكن أن يصل إلى 75 ألف ليرة سورية.
عبد الكريم مهجر من مدينة حلب يسكن في جديدة عرطوز قال: هناك استغلال كبير لحاجة الناس للسكن وأنا مضطر للسكن هنا لأن هذه المنطقة آمنة أكثر من مدينة حلب ولكن لا يجوز أن يتم استغلال حاجة الناس بهذا الشكل وأنا أدفع نصف دخلي الشهري بدل إيجار وأنا مضطر للعمل لساعات طويلة حتى أستطيع تغطية نفقات أسرتي.
ربا موظفة قالت: أنا وزوجي دخلنا الشهري لا يزيد على 60 ألف ليرة ندفع أكثر من نصف راتبنا قيمة إيجار لبيت بسيط في أشرفية صحنايا ونحاول أن نعيش بنصف الراتب الآخر وذلك نتيجة جشع التجار وأصحاب المكاتب العقارية.
هذا عن الإيجارات أما أسعار العقارات فحدث ولا حرج لأن قيمة المتر المربع في مناطق المخالفات ارتفع من 7 آلاف ليرة إلى 50 ألف ليرة في منطقة المزة 86 وهذه الأسعار جنونية ومبالغ فيها لأن التكاليف مهما ارتفعت قيمة مواد البناء لا تصل إلى أكثر من 15 ألف ليرة للمتر المربع الواحد وعن هذه التكاليف سألت المهندس محمد أحد أصحاب المكاتب الهندسية ولديه خبرة في تكاليف البناء فقال يمكن أن تكون التكاليف مرتفعة في حال كانت الأرض مرخصة أصولاً ويوجد مخططات ولكنها لا يمكن أن تتجاوز 25 ألف ليرة للمتر المربع الواحد دون إكساء ومع الإكساء يمكن أن تصل كلفة المتر المربع الواحد إلى خمسين ألف ليرة سورية أما في مناطق المخالفات فلا توجد تكاليف بناء كبيرة ويحقق تجار البناء أرباحاً فاحشة دون أي ضابط أو رادع وبشكل عام هناك جمود كبير في بيع العقارات ولكن الطلب شديد على الإيجار نتيجة قدوم أعداد كبيرة من المهجرين.