ثقافة وفن

الفن وممثلوه من أبرز ضحايا القصف الإسرائيلي الوحشي … شعراء وفنانون وكتّاب استشهدوا إثر العدوان الجائر على غزة

| مصعب أيوب

من جملة شهداء الإجرام الإسرائيلي على غزة شعراء وفنانون وموسيقيون، قاوموا بحروفهم وألوانهم وألحانهم، حتى باتوا أيقونات تزهر بالحرية يثبتون للعالم أن يد الإجرام يمكن أن تغتال الجسد لكن الفن يبقى ويتمدد ويتوارث ويوثق الظلم وينقل للعالم المعاناة ويروي قصص أعظم المجازر للأجيال القادمة.

شاعرة وكاتبة

«معتم ليل المدينة إلا من وهج الصواريخ، صامت إلا من صوت القصف، مخيف إلا من طمأنينة الدعاء، أسود إلا من نور الشهداء، تصبحين على خير يا غزة».

هذا آخر ما كتبته الشاعرة الفلسطينية هبة أبو ندى، التي فارقت الدنيا بعد هجمات وغارات العدو الإسرائيلي على مدينة غزة، التي حوّلت حسابها الشخصي على فيسبوك إلى «بيت عزاء» لكل من قضى في القصف الإسرائيلي مع بداية عملية طوفان الأقصى.

وكانت أبو ندى قد ودعت صديقتها الكاتبة الشهيدة مريم سمير عبر منشور على فيسبوك متوقعةً أن تلحق بها في وقت قريب وهو ما قد حصل فعلاً، وقد قالت «نحنُ في غزة عند اللـه بين شهيد وشاهد على التحرير وكلنا ننتظر أين سنكون، كلنا ننتظر اللهم وعدك الحق.

وكانت قد نعتها وزارة الثقافة الفلسطينية في وقت سابق من خلال بيان رسمي عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

والشهيدة من مواليد 1991 حائزة على درجة الكيمياء الحيوية ولكن شغفها بالكتابة والقصة هو ما جعلها تهتم بالأجناس الأدبية، وقد صدر لها في وقت سابق عدة مجموعات شعرية مشتركة ومنها «العصف المأكول، وشاعر غزة، وأبجدية القيد الأخير»، وقد تمحورت جميعها حول الهم الفلسطيني والمواطن المتشبث بأرضه ووطنه، لتنسج بحروفها الكثير الكثير من المقاربات عن الحب والحرب وحياة الفلسطينيين، كما تجسد في روايتها «الأكسجين ليس للموتى» صورة الإنسان العربي في زمن الثورات العربية، وتجسد معاناة الفلسطينيين تحت العدوان، وقد حصدت المركز الثاني عن فئة الرواية في الدورة العشرين لمسابقة الجائزة للإبداع.

خطوة خارج منطقة الراحة

ضمن مخيم جباليا في أحد المراكز الثقافية خلال الصيف المنصرم أقيم معرض «شظايا المدينة» الذي شاركت فيه الفنانة التشكيلية حليمة الكحلوت، ولكن يد الإجرام وآلة الحرب الوحشية أبت أن تترك مجالاً حتى للفن في غزة، فقتلت بأذرعها حليمة مع عشرة من أفراد أسرتها لتكشف للعالم أجمع مدى وحشية هذا العدو.

ولدت حليمة الكحلوت في غزة عام ١٩٩٤ وحصلت على إجازة الفنون الجميلة في جامعة الأقصى، كما أنها قدمت مشروع (خطوة خارج منطقة الراحة) جسدت من خلاله استخدام العنف المكثف ضد المدنيين، مستخدمةً أسلوباً فنياً بحيث كانت تعتبر أن الفن أحد أهم طرق المقاومة ومن الممكن أن يضع حداً للعنف والوحشية الإسرائيلية.

كما كانت الشهيدة إحدى المشاركات في رسم صورة عملاقة على جدار (جامعة دار الحكمة) في غزة برفقة عدد من الفنانين.

ومن أهم أعمالها الفنية أيضاً لوحة عرضتها العام المنصرم ضمن معرض جماعي تحت عنوان «مبني للمعزول» رسمت فيه مكنسة يدوية واستبدلت شعيراتها برموز مصغرة لوصفات طبية توحي بأن أهالي غزة يحاولون ترميم جراحهم برغم الألم ويسعون جاهدين للحصول على العلاج رغم ما تعانيه البلاد من حصار ومرارة، في العيش.

شجرة الزيتون

كما استشهدت الفنانة والأكاديمية بجامعة الأقصى نسمة أبو شعيرة، نتيجة القصف الإسرائيلي المستمر على غزة في ٢٨ تشرين الأول، وهي حائزة على شهادة الفنون التشكيلية وهي من الأوائل في دفعتها، وقد أصدرت أثناء المرحلة الدراسية الأولى في جامعة الأقصى مجلة ساخرة بالتعاون مع عدد من أصدقائها جسدت من خلالها الحياة اليومية في قطاع غزة.

وقد عملت مساعد رئيس قسم الفنون التشكيلية في جامعة الأقصى بعد أن أنهت دراستها الجامعية فيها، كما أنها شاركت في يوم الأرض بذكراه الـ٣٤ من خلال لوحة فنية لشجرة زيتون تمتد جذورها إلى أنحاء الأرض، إضافة إلى أنها حائزة على المركز الثالث في مهرجان غزة للفن التشكيلي للعام ٢٠١١.

معاناة المرأة الفلسطينية

غادرتنا الفنانة الفلسطينية هبة زقوت تاركة وراءها لوحات فلسطينية الهوية، لطالما حلمت بأن يصل صوتها وصورتها للعالم الخارجي، وكذلك صوت بنات جلدتها وصورة فلسطين التي لم تعرف أغلب مدنها جراء الاحتلال، لتكون فنانة عاشت ورحلت وهي تنثر الأمل وتصور الفرح رغم الألم، وقد وثقت هبة قصة المعاناة الفلسطينية بلوحاتها التي لن يستطيع الاحتلال أن ينسفها، كما كان لها معرض فردي بعنوان /أطفالي في الحجر الصحي / جسدت من خلاله الحصار الإسرائيلي لغزة وسعت للدفاع عن حق الفلسطينيين في أرضهم، وكذلك لم تخلُ لوحاتها من بعض رموز المقاومة الفلسطينية /الزيتون، الكوفية، البرتقال/، إضافة إلى اهتمامها بنقل صورة المرأة الفلسطينية ومعاناتها وآلامها وبعض صور عطفها على أطفالها.

وإذا أمعنت النظر في لوحاتها فلن تجد شيئاً من السلبية بل على العكس تماماً ستدهشك الألوان التي نسجت منها لوحاتها لتوحي بأن عدداً كبيراً منها يعج بالأهازيج الوطنية، ولعل لوحاتها تثبت يوماً بعد يوم أن الفن قادر على أن يفعل المستحيل وحتماً سيكون جوهرياً إذ أبدعته يداً عاشت الحصار والمعاناة بكل أشكالها فعمدت إلى توثيق ونقل صورة الظلم للعالم كله.

ناشطة اجتماعية

وقد أعلنت وزارة الثقافة الفلسطينية استشهاد الفنانة إيناس السقا نتيجة القصف الإسرائيلي في يوم 31 تشرين الأول برفقة عدد من أفراد عائلتها، وذلك بعد أن لجؤوا للاحتماء في المركز الثقافي الأرثوذكسي، وقد قدمت الراحلة عدداً من الأنشطة الاجتماعية وكان لها دور مهم في ورشات الدراما والمسرح، علاوة على مشاركتها في تدريب مهارات التواصل، وعلى الرغم من أنها حازت على إجازة البكالوريوس في الديكور إلا أنها فنانة بارعة، ولاسيما أنها من أوائل الفنانين الذين عملوا في المسرح، ومن بين المسرحيات التي شاركت فيها «كل شي تمام، نساء غزة وصبر أيوب، ومسرحية كلهم أبنائي» وهي أبرز الذين تعاونوا مع مسرح عشتار، وكانت أحد أبطال الفيلم السينمائي «عصفور الوطن» الذي يروي قصة نضال الشعب الفلسطيني منذ النكبة عام 1948 واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، وكذلك في بطولة فيلم «سارة» للمخرج خليل المزين.

بث مباشر

وأفادت عدة مصادر إعلامية استشهاد الفنان والناشط الفلسطيني علي نسمان إثر غارة جوية لكيان الاحتلال، وهو أحد أبرز الوجوه التي لمعت في عملية طوفان الأقصى، وكان قد رصد عدة مناطق في غزة منذ بداية العملية من دون كلل أو ملل واصلاً الليل بالنهار وتحت غارات العدوان الإسرائيلي، بحيث لم يتوقف أبداً عن بث مقاطع الفيديو المباشرة من بين الركام والضحايا ليخبر العالم بكل ما تبطش به يد الاحتلال في غزة ويريهم صمود أهلها.

ومن أهم المسلسلات التي شارك فيها «الروح، بوابة السماء، شارة نصر جلبوع»، إضافة إلى أنه قدم الكثير من مقاطع الفيديو والمحتوى الكوميدي والترفيهي فكان لساناً يتحدث بصوت المواطنين وهمومهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن