من دفتر الوطن

أنا…. كافر!!

| عصام داري

يغني زياد رحباني: أنا مش كافر.. بس الفقر كافر… ومع أني أوافقه من حيث المبدأ، إلا أنني اختلف معه من ناحية أخرى، وأعلن على الملأ أنني كافر!

بدأت فعلاً بالتخلي عن قوانين بني البشر، ومبادئ وأعراف المواثيق الدولية، وكل ما له علاقة بالإنسانية وحقوق الإنسان!

لماذا نتمسك دون غيرنا بهذه المثل البالية، والمعتقدات التي صارت من مفردات فارغة لا معنى لها في ظل النظام العالمي الذي يرسم صورة بشعة وقبيحة للإنسان في هذا العصر المنحل أخلاقياً.

عندما تصبح الجرائم دفاعاً عن النفس والقيم الإنسانية، ويصبح الدفاع عن الحقوق والأرض المغتصبة والحرية والكرامة، عندما يصبح كل ذلك إرهاباً يجب استئصاله ولو أدى ذلك إلى إبادة شعب كامل، نكون قد وصلنا إلى عصر عنوانه الأول الكذب والرياء وتزييف وتزوير الحقائق.

سأدافع بدءاً من اليوم عن الكذب والجريمة والقتل والإرهاب وحرب الإبادة الجماعية، فهذا كله يمنحني جواز سفر يجعلني واحداً من أبناء هذا العصر، عصر النفاق والقوانين التي تعطي المجرم تصريحاً بالقتل والتنكيل.

كفرت بمبادئ حقوق الإنسان بعد أن صار الإنسان عرضة للموت الجماعي عبر استهدافه بأحدث الأسلحة وأكثرها فتكاً بالبشر.

كفرت بكل ما يأتي من الولايات المتحدة ودول الغرب الاستعماري، بعد اقتناعي بأن هذه المنظومة الدولية التي كانت طوال عقود سبب معاناة شعوب الأرض الفقيرة التي أطلقوا عليها شعوب العالم الثالث.

لا أؤمن بأن ساسة هذه المنظومة هم فقط أصحاب هذه المواقف الإجرامية والإرهابية، فأنا أحمل الشعوب الغربية المسؤولية الكاملة لهذه السياسات، لأن هذه الشعوب هي التي أوصلت ساستها إلى المناصب وفوضتهم بالقيام بأي شيء ما دام يحافظ على مكاسبهم التي حصلوا عليها على مر التاريخ من خلال الاستعمار ونهب ثروات ومقدرات الشعوب.

الشعب الأميركي مسؤول عن قتل أطفال غزة وفلسطين وسورية ومصر وكل العرب، فهم من انتخب الرؤساء والمسؤولين الأميركيين وأعطاهم «الكارت الأخضر» للقيام بغزو الدول الحرة المستقلة وقتل الشعوب من أفغانستان إلى العراق وسورية والصومال، بل بدءاً من إبادة سكان القارة الأميركية الأصليين.

الشعب البريطاني كذلك والفرنسي وبقية الدول الاستعمارية، فهذه الدول سبب معاناة البشرية جمعاء، وكي لا أعمم، فإن أعداداً قليلة من هذه الشعوب تشعر بالعار مما يفعله ساستها، ومن هذه القلة خرجت مسيرات تندد بالإجرام الإسرائيلي والدعم المطلق من دول الغرب الاستعماري.

كفرت بكل هذه الدول وساستها وشعوبها، وبالمقدار نفسه كفرت بما يسمى هيئة الأمم المتحدة، فماذا تفعل هذه المنظمة الدولية تجاه كل الجرائم المرتكبة ضد الشعوب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم؟

هذه المنظمة لاذت بالصمت عندما دُمِّرت أفغانستان حجراً على حجر، ودمّرت العراق، وساهمت بصمتها في كل ما تعرضت له سورية من انتهاك لسيادتها والتعرض للعدوان من الجنوب والشمال والشرق، فهل لنا أن نعرف ما طبيعة دور الأمم المتحدة؟ المعروف أن مهمتها صيانة السلم والأمن الدوليين، فهل نجحت في ذلك؟!

هل عرفتم أسباب كفري بكل ما ذكرته؟ والقائمة تطول.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن