شؤون محلية

تطبيقات «غير مؤدبة» تبلغ عائداتها الشهرية من 200 إلى 1000 دولار شهرياً … قطيفاني لـ«الوطن»: الدعارة الإلكترونية خطر رهيب على المجتمع وعلى الأسرة الانتباه

| الوطن

انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة «تجارة التشات» عبر تطبيقات الدردشة والبث المباشر مثل (بيغو لايف- ميكو لايف- party star- لايكي- الآيمو.. وغيرها)، وهي منصات بث حواري مباشر متواصل، تمكن المستخدمين من مشاركة لحظاتهم الحيّة مع المتابعين الذين بإمكانهم دعم المستخدمين المفضلين «بهدايا» داخل التطبيق عبر ميزات الذكاء الاصطناعي، محققةً أرباحاً كبيرة أسبوعياً وشهرياً للمستخدمين ووكلائهم، مثيرةً جدلاً واسعاً حول طبيعة العمل الذي قد يخفي وجهاً غير أخلاقي أبداً!

يتطلب امتهان العمل في هذه التطبيقات وجود وكيل يرسل له المستخدم الراغب بالعمل كصانع/ة محتوى أو مذيع/ة طلباً يتضمن بياناته الشخصية، وبعد موافقة الوكيل يحدد له ساعات العمل (ساعات بث يومية) يعتمد خلالها على جمع نقاط الربح «Target» التي يتم منحها منذ لحظة دخول التطبيق وتتجمع مع الوقت لتتحول إلى هدايا، على سبيل المثال( كل 150 نقطة تتحوّل إلى هدية، وكل 500 تتحوّل لرموز بعدّة مسميات مثل «ماسة» و«دراغون») وكل رمز يصرف مالياً وفق ثمنه، عدا «التحديات» و«الهدايا المدفوعة» التي يشحنها المتابعون لحسابات المستخدمين بعدة رموز لكل منها سعره، فتكون مهمة الوكيل تحويل النقاط إلى أموال مقابل عمولة 20بالمئة، ويتم إرسال الأموال عبر شركات الحوالات المحلية حيث تتراوح معظم الأرباح بين 200$ و1000$ شهرياً.

إيجابيات وسلبيات

الأستاذة في قسم علم الاجتماع بجامعة دمشق الدكتورة ولاء يوسف رأت أن تطبيقات البث المباشر كغيرها من تطبيقات الواقع الافتراضي لها إيجابياتها وسلبياتها، وقد لاقت رواجاً واسعاً في البلدان العربية مؤخراً ولاسيما في ظل الأزمات الاقتصادية والحروب وتطور ميزات الذكاء الاصطناعي الذي يطرح هذه التطبيقات بكثرة أمام مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي لاستخدامها كجزء من الحياة اليومية، حيث يستخدمها أفراد للتسلية والترفيه أو للتجارة وتحقيق الربح، وآخرون للنصب والاحتيال أيضاً.

وأبدت يوسف تخوفها من تأثير هذه التطبيقات في قيم وتقاليد المجتمعات من خلال كيفية الاستجابة الإدراكية للأفراد في أرض الواقع، وخاصة أنها تقوم على التلاعب العاطفي بعقول البشر عبر استخدام تقنيات الإيحاء ورسم صور ذهنية وهمية وربطها بالأشخاص المستخدمين والمتابعين معاً، وربط الشخصية الفردية بواقع افتراضي عبر تطبيق ذكي من جانب آخر، الأمر الذي قد يؤثر سلباً في المجتمع ويؤدي إلى انهيار العلاقات الاجتماعية وضعف التماسك والقيم الأخلاقية وتدمير ثقافة وهوية الأفراد.

وتمنت يوسف أن تقوم جميع الجهات المعنية بفرض رقابة صارمة تضبط عمل هذه التطبيقات والمنصات محلياً، مشيرةً إلى أنه تم حظر هذه التطبيقات في العديد من البلدان العربية، مؤكدة أهمية الاستخدام الرشيد والأمثل لكل تطبيقات العالم الافتراضي والمحافظة على القيم الإيجابية.

هروب من الواقع

بدورها ترى الاختصاصية النفسية روان قطيفاني «أن اتجاه الشباب كفئة خاصة نحو هذه التطبيقات هروب إلى عالم افتراضي يختلف عن واقعهم، إضافة للدافع المادي بشكل أساسي لأنها تحقق الكسب السريع الذي لا توفره الوظائف العادية».

وأشارت قطيفاني في حديثها لـ«الوطن» إلى تعدد الدوافع النفسية والاجتماعية ومنها الحصول على التقدير الذاتي والإشباع العاطفي المفقود ربما في الأسرة في ظل انشغال الأبوين الدائم أو لأخطاء في التربية والتنشئة التي تتمثل في قمع الرأي وعدم الإصغاء، أو لغياب مفهوم القدوة لدى الشاب أو المراهق بالتالي تحول اليوتيوبر والمشاهير إلى قدوة له في تحقيق أهدافه وغيرها من أساليب خاطئة تجعل المراهق يبحث عن القبول الاجتماعي لدى فئات المجتمع عبر تقليدهم.

وأكدت قطيفاني انعكاس استخدام هذه التطبيقات على الفرد نفسياً وجسدياً واجتماعياً، كتقليد المشاهير والانغماس في الألعاب الخطيرة وتنفيذ أوامر اللاعبين في ألعاب الرعب كأحد الظواهر المنتشرة حالياً أيضاً، عدا المشاكل الدراسية وضعف التحصيل العلمي نتيجة عدم التركيز وشرود الذهن إضافة إلى الشعور بعدم الرضا والإحباط والاكتئاب.

ولفتت إلى استخدام بعض الشباب والفتيات بشكل خاص لهذه التطبيقات كنوع من الدعارة الإلكترونية بصورة جديدة من صور الدعارة الحقيقة المعروفة منذ زمن طويل، وذلك عبر ظهور بعض الفتيات عاريات أحياناً أثناء البث المباشر أو دعوة شاب لممارسة العلاقة الجنسية عبر الكاميرا أو الكتابة عبر مواقع الانترنت، ولم تستبعد إمكانية تحولهن من الدعارة الإلكترونية إلى الواقع بشكل فعلي لأسباب تتعلق بالدافع المادي وغياب التربية السليمة والرقابة، ما قد يشكل خطراً رهيباً على المجتمع والجيل بأكمله ما لم يتم التصدي له من جميع الجوانب قانونياً ونفسياً واجتماعياً، مؤكدةً دور الأسرة في الانتباه لسلوك أبنائهم على مواقع الإنترنت كافة وعلى محيطهم الاجتماعي من الأصدقاء خاصة.

تراخيص

من جانبه نفى معاون مدير الشركات في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أنس ناعسة لـ«الوطن» وجود أي ترخيص لتطبيقات التجارة الإلكترونية في سورية حتى الآن.

وأوضح أن ترخيص شركات التطبيقات البرمجية يتم وفق القوانين الناظمة حيث يتقدم صاحب الشركة بطلب ترخيص إلى الهيئة الناظمة للاتصالات وبعد الموافقة يتم الحصول على ترخيص من مديرية الشركات في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك كتطبيقات النقل أو البرمجة أو التسويق الالكتروني، ويتم تسجيل النشاط في السجل التجاري للشركة.

وأشار إلى أن ترخيص الوكلاء للتطبيقات التي تعمل خارج البلاد يتم عبر تسجيلهم لدى وزارة الاقتصاد والتجارة والخارجية في دائرة فروع الشركات الأجنبية والوكالات الأجنبية.

لينفى مصدر في وزارة الاتصالات والتقانة لـ«الوطن» وجود ترخيص لهذه التطبيقات، الأمر الذي أكده مصدر في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية حول عدم الترخيص لأي وكيل.

بعين القانون

وعن نظرة القانون للعمل عبر هذه التطبيقات أكد المحامي رامي الخيّر أن أي تطبيق يعمل في سورية بحاجة إلى ترخيص وتنظيم من الهيئة الناظمة للاتصالات والمؤسسات ذات الصلة، بالتالي فإن استخدام التطبيقات غير المرخص لها في سورية هو «مخالفة قانونية»، وهناك عقوبات شديدة لما ينتج عن أخطاء أثناء الاستخدام، أما عمل وكلاء التطبيقات غير المرخص لها فيعتبر دخولاً غير مشروع للشبكة السورية وتتراوح العقوبة بين الغرامة والحبس أو الاثنين معاً.

وأوضح أنه إذا كان القصد من العمل عبر التطبيقات غير المرخصة هو صناعة محتوى علمي أو ثقافي أو اجتماعي فلا مسؤولية جزائية ولا عقوبة على مستخدميها من حيث المبدأ، إنما تترتب المسؤولية عليهم فقط من ناحية العمل عبر تطبيق غير مرخص.

أما ما يخص الأعمال المخلة بالآداب فهي تستوجب عقوبة جزائية رادعة تتحقق من خلال ارتكاب عدة جرائم عبر هذه التطبيقات، موضحاً أن الأفعال المنافية للأخلاق والآداب كالتعري مثلاً ينطبق عليها جرم التعرض للأخلاق العامة التي تصل عقوبتها حتى ثلاث سنوات حبس.

وفي حال حصول عملية احتيال عبر هذه التطبيقات فقد شدد المشرع عقوبة الاحتيال المرتكب عبر الإنترنت ليتحول من جنحة إلى جناية وتصل العقوبة إلى خمس سنوات حبس إضافة إلى الغرامات المالية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن