قضايا وآراء

مبدأ بايدن في الشرق الأوسط إلى أين؟

| دينا دخل الله

على الرغم من أن الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة انتقد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عندما كان في البيت الأبيض على قراره سحب الجنود الأميركيين من الشرق الأوسط، واعتبر آنذاك أن تقليل الوجود الأميركي في الشرق الأوسط خطأ إستراتيجي ترتكبه الإدارة الجمهورية، إلا أن إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن على ما يبدو وقعت في خطأ الإدارة السابقة نفسه وعملت على إبقاء الوضع في الشرق الأوسط على حاله انطلاقاً من مبدأ أن الوضع هناك مستقر على ما هو عليه ولا حاجة إلى تغييره.

هذا ما أكده مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جيك سوليفان الذي قال في خطاب ألقاه في 29 أيلول الماضي: إن «منطقة الشرق الأوسط أكثر هدوءاً اليوم مما كانت عليه منذ عقدين من الزِمن»، وكان ذلك قبل عمليات المقاومة في غزة بأيام.

بنى الأميركيون رأيهم على اعتقاد إسرائيلي يقول: إن «حماس تركز على الحفاظ على سيطرتها على غزة وفقدت اهتمامها بالدخول في مواجهة واسعة النطاق مع إسرائيل»، وهو اعتقاد أثبتت حماس خطأه بعد عملية السابع من تشرين الأول الماضي.

ويرى مراقبون أن الشرق الأوسط هو منطقة غارقة في المصائب فهي لا تبدو هادئة إلا إذا تجاهلها المرء وهذا بالضبط ما حاولت إدارة بايدن القيام به، وكتبت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية تقول: إن «المسؤولين الأميركيين حاولوا توضيح مبدأ بايدن» في المنطقة، لكن سوليفان كان الأقرب في شرحه عندما قال: «إن الإدارة الأميركية تريد خفض الضغط وتخفيف التصعيد ودمج منطقة الشرق الأوسط في نهاية المطاف».

اعتمدت الإدارة الأميركية في سياساتها الشرق الأوسطية على ثلاثة مسارات أساسية هي:

أولاً: تعزيز التطبيع العربي الإسرائيلي.

ثانياً: مواصلة الدبلوماسية مع إيران.

ثالثاً: دفع الجهود نحو التكامل الاقتصادي.

وترى إدارة الرئيس بايدن أنها بهذه الطريقة ستنجح من تخفيف التوتر الذي سببته سياسات الرئيس الأميركي السابق ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تشكيل تحالف أمني جديد في المنطقة يضع جميع الأطراف في دائرة من الاستقرار والنمو.

يرى مراقبون أن إدارة بايدن تجاهلت عن قصد القضايا الحيوية في الشرق الأوسط وعلى رأسها القضية الفلسطينية والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وقد اعتقدت الإدارة الأميركية أن توسيع ما يسمى «اتفاقيات إبراهيم» والتوصل إلى هدنة مع إيران سيسمح لها بفك الارتباط مع الشرق الأوسط، لذلك ركز بايدن بشكل أساسي على التطبيع العربي الإسرائيلي، وهي الفكرة التي ورثها عن إدارة دونالد ترامب وتبناها بحماسة، وقد أمضى فريقه ساعات طويلة في التحدث مع المسؤولين السعوديين والإسرائيليين حول صفقة ثلاثية من شأنها أن تجعل السعوديين يعترفون بإسرائيل وينضمون إلى «اتفاقيات إبراهيم» أو ما يسمى «بصفقة القرن».

قال مؤيدو هذه الفكرة: إن الصفقة يمكن أن تساعد الفلسطينيين من خلال منح الدول العربية نفوذاً أكبر في الضغط على عملية صنع القرار في إسرائيل، لكن يبدو أن الواقع أثبت إخفاق ذلك، وربما تكون الحجة الأكثر منطقية للصفقة هي أن «التطبيع من شأنه أن يساعد في ترسيخ بنية أمنية جديدة في المنطقة».

حاولت الولايات المتحدة منذ إدارة ترامب تعزيز شعور الدول الخليجية بالتهديد من إيران، وكانت تأمل أن هذا الشعور المتبادل بين الدول الخليجية وإسرائيل سيولد تحالفاً أمنياً وعسكرياً يساعد هذه الدول على حماية نفسها من دون الاعتماد على المساعدة الأميركية المباشرة، ما قد يؤدي إلى تشكيل تحالف «الناتو العربي».

أتت أحداث 7 تشرين الأول الماضي لتعيد ملف الشرق الأوسط إلى طاولة الرئيس الأميركي، وبسبب دعمها المطلق لإسرائيل عادت الولايات المتحدة لتكون شريكة في حرب مدمرة ليس لها نهاية واضحة.

كاتبة سورية مقيمة في الولايات المتحدة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن