ثقافة وفن

جلسة حوارية مفتوحة حول كتاب «غرب آسيا ما بعد واشنطن» … آندرسون: التاريخ يكتب اليوم على أيدي صحافة المقاومة.. وانكشفت الصورة الحقيقية لإسرائيل

| مصعب أيوب

أستاذ وباحث في كلية العلوم السياسية في جامعة سيدني الأسترالية استوقفته ضراوة التجاوزات الغربية والإسرائيلية ضد الشرق الأوسط ولم يترك أي فرصة لكشف وفضح التضليل والتشويه والمحاولات العديدة من أجل طمس الهوية والتاريخ العربي، وركز على ذلك في عدة مؤلفات سابقة كان منها «الحرب القذرة على سورية، ومحور المقاومة نحو شرق أوسط مستقل» ومؤخراً صدر له كتاب «غرب آسيا ما بعد واشنطن، تقويض الاستعمار في الشرق الأوسط» عن دار دلمون الجديدة، وقد استضاف اتحاد الكتّاب العرب بدمشق ظهر أمس جلسة حوارية مفتوحة للحديث عنه بعنوان: (فلسطين والمنطقة بعد انتفاضة المقاومة في غزة)، وأعقب الجلسة إهداء وتوقيع إصدار الكتاب الذي ترجمته د. إيزابيلا زيدان.

سياسي واقتصادي

افتتح الحوار رئيس اتحاد الكتّاب العرب د. محمد الحوراني مرحباً بالسفير البرازيلي والسفير الفنزويلي في سورية وبالسياسيين والأدباء والحضور الكريم، مؤكداً أن أهمية اللقاء تأتي اليوم من سعي الاتحاد إلى استضافة شخصيات عربية وسورية وعالمية لها حضورها البهي وتأييدها المطلق لقضايانا العادلة، ونحن إذ نتحدث عن المثقفين والأدباء الذين فضلوا الانحياز لعدالة قضايانا فإننا نستهل الكلام بالباحث والدكتور السياسي والاقتصادي الأسترالي تيم آندرسون، فهو مثقف متماه مع القضية السورية عندما تخلى عنها كثيرون، فوضع أحد أهم المؤلفات التي تكشف حقيقة المؤامرة على سورية ضمن كتاب (الحرب القذرة على سورية)، وهو كاتب له أهميته وحضوره في فنزويلا وكوبا وشمال أميركا وكثير من دول العالم والدول العربية، وأكد أننا اليوم نرى محاولات لتفريق وتشتيت جهود المقاومة الفلسطينية والدكتور آندرسون يطلعنا على أهمية هذا الموضوع وتبعاته.

وأكمل: هو باحث مدافع ومناصر للقضية الفلسطينية وبسبب ذلك تمت معاقبته وحرمانه من التدريس في الجامعة 2018 لكنه كان أكثر صلابة وتمسك بمواقفه بعد هذا الفعل.

كما منح الحوراني خلال اللقاء عضوية الشرف للدكتور آندرسون تقديراً لمواقفه في دعم قضايانا العادلة.

إعلام مغرض

من جانبه د. تيم آندرسون أكد أن التاريخ يُكتب اليوم على أيدي المقاومة الفلسطينية والصحافة المقاومة التي تقدم التضحيات لإيصال الحقيقة حول ما يحدث وهو فعلاً يكتب بالدم، ونحن علينا أن نظهر الحقيقة ونقدم صورة العدالة، ومن هنا أتقدم بالشكر الجزيل لدار دلمون التي كان لها الفضل الكبير في إعداد وصدور هذا الكتاب.

وأفاد بأنه جاء من خارج المنطقة ويحاول عرض وجهة نظر للخارج وهي حقائق لا بد من إظهارها حول الدول الغربية التي تتوغل في المنطقة العربية، وأوضح أنه حاول في هذا الكتاب أن يعرض بعض التوجهات حول الأمور المستقبلية في غرب آسيا، إضافة إلى بعض الاحتمالات من دون عرض تكهنات وتوقعات، كما تحدث في كتابه عن كيفية التعافي الاقتصادي وعن الصراع في فلسطين واليمن، وبمساعدة الأب زحلاوي استطاع أن يضيء على الضغوط التي يتعرض لها المسيحيون في المنطقة.

وتابع: يعلم الجميع النتائج المباشرة لعملية «طوفان الأقصى» التي هي تخفيف الضغوط عن قطاع غزة وإبرام صفقة تبادل أسرى وقد نجحت المقاومة في تحقيق ذلك، وبالتالي انكشفت الصورة الحقيقية لإسرائيل وعرف الكثير من الحقائق عن فلسطين.

وأشار آندرسون إلى الدور المهم الذي قام به الإعلام الغربي في تزوير الحقائق والمبالغ الطائلة التي دفعت من أجل تزييف وتشويه الحقيقة، مؤكداً أنه لا يمكن أن نرد على الإعلام المغرض إلا بالإعلام الصحيح، متوجهاً بالشكر لكل المؤسسات الإعلامية التي حملت على عاتقها مهمة الوقوف إلى جانب المقاومة الشعبية ونصرة المظلومين.

وبين آندرسون أن كل ما يحدث اليوم من تجاوز قرارات الأمم المتحدة هو ظاهر في ممارسات الاحتلال بقضم الأراضي السورية والفلسطينية واللبنانية، ونحن نعلم أن الواقع الاقتصادي اليوم ليس بأحسن حالاته في ظل الحصار المطبق على المنطقة وهو من ضمن الحصار الذي يفرض على كل الدول التي تقاوم مشروع واشنطن، ولعل مبادرة المقاومة في فلسطين خرقت جميع مسارات واشنطن في المنطقة، وأنا على دراية بعملية كان يحاول من خلالها الاحتلال تقسيم سورية وفصلها من الحسكة إلى درعا ولكن المقاومة الفلسطينية أفشلت ذلك، وهي تنجح في تشتيت خطط واشنطن ودليل ذلك هجمات المقاومة العراقية على مواقع أميركية عدة في العراق رداً على القصف والعدوان الوحشي الذي تبع عملية «طوفان الأقصى»، وهو تنسيق مهم جداً ويجب أن يتبلور إلى تسيق اقتصادي، ولعل مثالاً سابقاً حدث كهذا في فنزويلا أثناء الحصار الذي تعرضت له من الدول العظمى المهيمنة حينما قالت: لا يمكننا فك الحصار وحدنا ولا بد من أن نتوحد للخلاص منه، كما ختم قائلاً: المنطقة بحاجة للانتباه إلى التفاصيل الدقيقة المتعلقة بالمفاوضات.

موقع تقدير وحفاوة

السيدة عفراء حدبا صاحبة دار دلمون للنشر قالت: علاقتنا في دار دلمون الجديدة مع الباحث تيم آندرسون ليست مجرد علاقة دار نشر بكاتب فحسب، وإنما جمعتنا عدة أفكار وتطلعات وآراء مشتركة في كثير من المواقف حول الصراعات في المنطقة ومجريات الحرب الوحشية على سورية، فهو اعتمد على معاينة شخصية للحدث حتى اكتملت حلقة بحثه عن الحقيقة، فقدمها لنا في مؤلف كان ممتع التحضير وموقع التقدير وحفاوة من دارنا لأننا كنا نتطلع إلى نافذة نطل من خلالها على الرأي العام العالمي، وها نحن نعزز هذا التعاون في تبنينا مؤلفاً جديداً لتيم آندرسون آملين أن يستمر تعاوننا معاً بما يسهم في تحقيق أهدافنا المشتركة في تقديم القيم المضافة للثقافة الإنسانية عبر عناوين ناضجة وقادرة على إحداث الفرق.

وقع قوي للكلمة

وقد أفاد د. حسن أحمد حسن بأنه عندما يوجد صوت خارجي يتحدث عن حقيقة ما يحصل في المنطقة فإن هذا شيء مهم جداً ولابد أن نثمنه، وتيم آندرسون جاء من منطقة جغرافية ضمن السيطرة الإعلامية الأميركية، وبالتالي مجرد خروج هذا الصوت الذي يقول إن أميركا تمارس في السياسة عكس ما تعلن فهذا نقطة مهمة جداً، ومن أهم الكتب التي وثقت ما حدث في الدول السورية كتابه «الحرب القذرة على سورية» الذي فصل فيه بين الأسباب الحقيقية والعوامل الأساسية والفواعل في الحرب على الدولة السورية، والموقف الرسمي الوطني الإنساني والأخلاقي وقدرة الدولة السورية على الصمود رغم كل هذه الأعاصير.

وركز على أن الكلمة تقتل المئات إذا كانت الرصاصة تقتل فرداً واحداً وبالتالي فإن أهمية الكلمة الواعية الهادفة الموثقة في مثل هذه الظروف أمر يجب أن نوليه أهمية كبيرة وقول كلمة الحق في وجه سلطان جائر يعتبر في غاية الجرأة، فهو لا يجامل القوة التي تقتل كما لا يجامل الباطل الإسرائيلي في تحدثه عن الحق الفلسطيني والواقع والإجرام والإرهاب الذي يحكم سلوكيات الغرب بشكل عام وبالتالي فإن الاستماع إليه مفيد جداً.

نهج آندرسون في معظم أبحاثه إلى تعريف الغرب بالمعلومات الخاطئة التي انطلقت منها الحرب الإعلامية التي ترافق الحروب على الشرق الأوسط ليكشف الحقيقة ويضيء على الغلط، فاستقصى المعلومات وزار المواقع الساخنة واستعان بالوثائق والمقالات الصحفية وكان صاحب إرادة وعزيمة على الرغم من الكثير من الضغوط.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن