ما الجهة التي ستحكم قطاع غزة في اليوم التالي من انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة؟ سؤال تحاول الكثير من المواقع البحثية والمراكز الإستراتيجية الإجابة عنه، وخاصة في ظل تطورات الحرب والأهم وجود رغبة إسرائيلية ودولية في عدم قيام حركة حماس في غزة بالاستمرار في الحكم هناك.
الموقف الدولي والأوروبي كان واضحاً، رغم انفصاله عن الواقع، حيث أعلنت الدول الأوروبية والولايات المتحدة ومن قبلهما إسرائيل عن نيتها عدم استمرار حركة حماس في الحكم، على حين لا يوجد موقف عربي موحد وصارم للرد على هذا الموقف الغربي الإسرائيلي.
عموما فإن الحديث عن إنهاء حكم حركة حماس في غزة يجانبه الصواب لعدة أسباب ومنها:
1-إن حماس في النهاية كحركة سياسية وعسكرية تمثل فكره إستراتيجية يؤمن بها الكثير من العرب الآن
2- الفكرة الإستراتيجية للجماعات لا يمكن وبأي حال من الأحوال أن تنهيها السياسة أو القرارات الإستراتيجية، كمثل حالة الإخوان المسلمين في كثير من الدول العربية التي ترفض حكمهم ووجودهم في المكون السياسي للبلاد، ولكن لا يزال فكرهم موجوداً لأن الفكرة مهما كانت تداعياتها فإنها ستظل حية بين جنبات الواقع السياسي.
3- بات واضحاً أن أفرع حماس ونتيجة للواقع الإستراتيجي العربي، ستظل موجودة، ويمكن التخلص الوقتي فقط من حكم حركة حماس في غزة، ولكن تظل حماس وفروعها المنتشرة في تركيا وقطر ولبنان.
الملاحظ هنا أن بعضاً من التقارير الغربية ناقشت مستقبل القطاع، من دون حديث عربي واضح ومباشر، وتوضح هذه التقارير أن الحل يشمل فرض وتدشين نظام حكم سياسي جديد في غزة عنوانه «لا عباس ولا حماس».
وفي هذا الصدد يتحدث بعض من التقارير عن إمكانية أن يتولى رئيس ما يعرف بالتيار الإصلاحي في «حركة فتح» محمد دحلان، المسؤولية في قطاع غزة، الأمر الذي يزيد من دقة المشهد السياسي بصورة كلية الآن.
اللافت أن بعضاً من تقديرات المواقف التي اطلعت عليها في بعض من الجامعات تكشف أن هناك سفراء عرباً وشخصيات عامة وأشخاصاً أصحاب نفوذ يروجون أيضاً لهذه الأفكار السابقة في واشنطن وخاصة في ظل دقه الموقف والوضع الجاري الآن.
عموما بات واضحاً من هذا التقرير بعض من الاستنتاجات وهي:
1- إن الدول العربية لا تجتمع على رأي محدد إزاء مستقبل قطاع غزة.
2- الدول الغربية مقتنعة بأن وجود حركة حماس على أرض الواقع في غزة بات مستحيلاً لأسباب سياسية ودولية وإقليمية.
3- لا توجد مصادر دخل مالية لحركة حماس، وبات واضحاً أن الممولين الرئيسيين العرب وبناء على توجهات الولايات المتحدة والدول الأوروبية، يرغبون في وقف تدفق الأموال إلى القطاع ما دام رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار موجوداً في السلطة، وعناصر الحركة موجودين في غزة.
4- تتنوع أفرع حركة حماس، فهناك «حماس قطر» و«حماس غزة» و«حماس تركيا» وحتى «حماس أميركا»، ولكن تظل «حماس غزة» هي الأخطر والأصعب في التعامل السياسي والعسكري مع العالم، وبالتالي فإن المقصود هنا والمتفق عليه حالياً هو التخلص من حماس في قطاع غزة، بحسب التقديرات الغربية.
5- من الواضح أن قطر كانت تعرف بأن هناك أمراً ما، ومن الواضح أنها توجهت بالسؤال لحركة حماس قبل هجمات السابع من تشرين الأول الماضي عما إن كانت الحركة ستقوم بعملية عسكرية ما ضد إسرائيل؟ ويبدو أن حركة حماس في غزة كانت مراوغه في هذا الصدد، وهذا يفسر بعضاً من السلوك القطري إزاء فرع الحركة في غزة حالياً.
أتذكر في هذا الصدد الحوار الذي أجراه الرئيس بشار الأسد مع قناة «سكاي نيوز عربية»، وهو حوار أعتقد أن الجوانب الإنسانية للرئيس كانت متميزة به، واستطاع المحاور بالفعل اكتشافها مستغلاً صراحة الرئيس وشفافيته، غير أن الرئيس الأسد قال جمله مهمة، بما معناه أن بعضاً من الدول تريد أن تحدد مصير ومستقبل بعض من المواقع والمناطق في سورية بلا أي مشاركة من الشعب السوري صاحب الأرض والتاريخ، وهذا بالضبط ما يتم حالياً في غزة وحذر منه الرئيس الأسد، حيث تتحدث الولايات المتحدة وإسرائيل والغرب والدول العربية عن مستقبل القطاع من دون الإنصات للشعب الفلسطيني، وهذا في حد ذاته هو التحدي الأمثل والأهم في ذروة تواصل التطورات الحاصلة في القطاع.
كاتب مصري مقيم في لندن