اقتصاد

التحول الإلكتروني.. ومقومات فقيرة!

| هني الحمدان

تطرح الحكومة بين فترة وأخرى توجهات جديدة للارتقاء بالأعمال وتغيير نمطيتها عن طريق خيارها نحو الأتمتة والعمل الإلكتروني، وإنجاز كل ما يلزم عن طريق العمل الإلكتروني المتكامل، حتى الضرائب وفواتير الهاتف وكل ما هو مطلوب من جيب المواطن سيتحقق تحصيله عبر التحصيل الالكتروني.

في هذا المسعى تعمل كل الوزارات والمؤسسات ذات الخدمة لترتيب أوراقها وتجهيز ما يلزم بشأن دخول وسائط خدمات لا شك تختلف عن المتبعة والمعهودة لدى العموم.. وهنا الرهان هل ستتمكن المؤسسات من تحقيق ما تطمح إليه الحكومة يا ترى..؟ أم إن المسألة لمجرد طرح رؤى وتوجهات تقلد ما سبقت فيه دول وحكومات أخرى قبلنا؟ الجميع ينشد السرعة والتغيير الإيجابي وإنجاز كل ما يحتاجه المواطن بالسرعة من دون مضايقات أو ازدحام يسيء إلى جوهر العمل!

هو رهان لا شك ليس بالسهل، تلزمه تجهيزات ووسائط واعتمادات، وفوق كل ذلك قناعة مطلقة وتقنية واحترافية لأشخاص قادة يقودون تلك التحولات القادمة لا محالة حيث تحتاج المؤسسات لإدارة التغيير إلى النهج المنظم والسليم لنقل المؤسسات من الحالة الحالية إلى الأخرى المستقبلية المرغوبة المتناسبة مع المساعي الجديدة.. وهذا يبدأ عادة بفعل التخطيط الاستراتيجي الطموح ذي السقف العالي، والذي يتطلب تحولات عميقة في مفاهيم العمل وأدواته، ويتضمن اندماجاً بين كيانات مختلفة، ومناطق عمل متفرقة، أو ضمن تقنيات معقدة وإجراءات عمل جديدة، فالركن الأساس في التحول، التخطيط الواضح المعالم، فهو الذي يحدد الموقف الحالي الذي يتم الانتقال إليه، وبغير هذا الوضوح والتجلي من الصعب القيام بإدارته، أو تسخير الأدوات لدعم التحول الالكتروني الشامل، لكن أيضاً من الصعب للغاية الوصول إلى الأهداف الجديدة دونما دعم قوي من الإدارة الرئيسة، فالإدارة الحكومية وقراراتها ودعمها وإرادة التغيير لدى جميع العاملين في أي مؤسسة وجهان لعملة واحدة في تحقيق التطوير والوصول إلى إتقان كامل للعمل الإلكتروني بجزئياته وبمعناه الأشمل.

الحكومة عليها البحث جدياً عن مدى تطبيق مشروعات العمل الإلكتروني التي طرحتها، وهل مؤسساتها بواقعها الراهن قادرة على النجاح..؟! فإذا رأت الحكومة واقتنعت بالسير الحتمي تجاه الأعمال الإلكترونية، واقتصرت بفكرها وخطتها على أن العملية تتضمن تطوير الأجهزة والتقنيات، ودمج بيانات كيانات وإدارات وإعادة هيكلة لبعض الإدارات تعد الجانب الأسهل من عملية التحول، هنا تكون مخطئة ورؤيتها قاصرة، ولن يكون المصير مكللاً بالورود، فهي نسيت أو تناست أن الجانب الأصعب يكمن في تحقيق التحول في الجانب الناعم من التغيير، فإذا لم يقم الأفراد بإجراء تغييرات على عملهم اليومي، فإن جهود التحول والتوجه الجديدة لن تحقق نتائج تذكر تريح المواطن والحكومة، وتجاهل الجانب البشري منه -كما كان يحدث في كثير من جهود العمل والخيارات السابقة في العديد من المؤسسات- أمر مكلف، فإشراك الأشخاص والمشاركة في عملية التحول الإلكتروني وتدريبهم وتحفيزهم وغيره من المسائل يمكن أن يحدثا فرقاً بين النجاح والفشل!

فالتحول نحو التغيير مثل أي مشروع يتطلب سياسات ولوائح وإجراءات رسمية، وقد يحتاج إلى المعلومات وتحليلها، وكل ذلك يتطلب إطاراً نظامياً، فإدارته في النهاية سيكون لها أثر في النتائج ومؤشرات الأداء، سواء كانت إدارة جيدة أم سيئة، وانعكاس ذلك على المواطن وهل يتحقق كل ذلك بسهولة وزمن قصير؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن