يبدو أن التوجه الأميركي للإطاحة برئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتخذ طريقا للتنفيذ في أروقة البيت الأبيض وخاصة بعد الانعطافة اللافتة للمواقف السياسية الغربية بقيادة واشنطن إزاء ما يحدث في الضفة الغربية من عربدة صهيونية وقحة تتزامن مع الهدنة المؤقتة في غزة والتي ما كانت لتحصل لولا أمور عدة أبرزها صمود الشعب العربي الفلسطيني ومقاومته البطلة إضافة إلى تناغم العمليات التكتيكية لبقية ركائز محور المقاومة ميدانياً أولاً وسياسياً ثانياً من طهران إلى صنعاء الأبعد جغرافياً ومنها أيضاً ضغط واشنطن على حكومة الاحتلال بعد عجزها الواضح عن صنع انتصار يعزز الجبهة الداخلية الإسرائيلية ويحفظ ماء وجهها.
العدو الصهيوني يحاول بشتى الوسائل تفشيل الهدنة التي فرضت عليه سواء من خلال عدم الالتزام بالبنود المتعلقة بإدخال الشاحنات التي تحمل المساعدات لقطاع غزة، أو بعدم الالتزام بالمعايير التي تم الاتفاق عليها فيما يتعلق بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين إضافة إلى ما يجري في الضفة الغربية من اعتداءات أسفرت عن ارتفاع عدد الشهداء فيها إلى نحو 238 شهيداً منذ بدء معركة طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في 7 تشرين الأول الماضي، إضافة إلى قرابة 3 آلاف جريح.
المشهد الآن يتجه نحو الحسم لتؤكد الدول الغربية ومن ورائها واشنطن على موقف سياسي موحد منطلقه الاعتداءات الصهيونية على الضفة الغربية كرسالة مبطنة إلى نتنياهو مفادها أن الغطاء السياسي على جرائم الإبادة بحق الفلسطينيين لم يعد ينفع وخاصة مع تبدل الرأي العام العالمي وتصاعد الاحتجاجات الداخلية في الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية التي تدور في فلكها ضد الممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.
رغم كل الأكاذيب الغربية وخاصة حول القضية الفلسطينية إلا أن هذه المواقف لافتة من جهة التوقيت والمصدر حيث طالبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بوضع حد لعنف المتطرفين في المستوطنات غير القانونية بالضفة الغربية، بينما اعتبرت الخارجية الفرنسية ما تشهده مدن الضفة من سياسة إرهاب تهدف إلى تهجير الفلسطينيين، وقبلهم الرئيس الأميركي جو بايدن الذي كان قد وجه كبار المسؤولين في إدارته، بإعداد عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين والعمل على اتخاذ خيارات سياسية وإجراءات سريعة ضد المسؤولين عن العنف.
الاختبار الحقيقي لنتنياهو أمام الديمقراطيين في واشنطن يكمن في تثبيت الهدنة وإيقاف استفزاز الجانب الفلسطيني الهادف لإعادة التصعيد حتى يقطف بايدن ثمار الوصول إلى هدنة ليستثمرها في معركته الانتخابية هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فحسابات الغرب تتجه نحو شرق القارة الأوروبية حيث رحى المعارك لم تتوقف ولسان الرئيس الأوكراني فلادمير زيلنسكي ازداد طولاً في طلب المساعدات العسكرية والاقتصادية والمعيشية ولا قدرة مباشرة للغرب على المضي قدماً في دعم كييف وإسرائيل معاً، فلابد من كبش فداء ينهي العبث السياسي الحاصل الذي يستنزف مفتعليه من دون أي نتيجة على الرغم أن لغة المصالح الغربية تلهج نحو الاستثمار في الأزمة الأوكرانية، ليكون الحسم عنوان المشهد القادم بين أوكرانيا والكيان الصهيوني.