بعد أكثر من خمسين يوماً على عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين اول بدأت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية تسرب للصحافة الأجنبية صوراً عن فضائح الضعف والهلع الذي دب في صفوف قيادة جيش الاحتلال وجنوده في الأيام الأولى للعملية وخاصة حين وصل ما يزيد على ثلاثة آلاف من الفدائيين المسلحين من قطاع غزة إلى داخل مستوطنات غلاف قطاع غزة وفاجؤوا بنيرانهم جنود المستوطنات والمستوطنين المسلحين.
كشف موقع المجلة الأجنبية الإلكترونية «غري زون» في 27 تشرين الثاني الجاري في مقال بقلم ماكس بلومنتال وويات ريد، أن عدداً من الإسرائيليين قتلوا بنيران جيشهم في السابع من تشرين الأول وخاصة في الكيبوتس «حوليت» وهذا ما أكده تقرير عرضته «القناة 12» العبرية حين استشهد «ضابط إسرائيلي من الإناث برتبة نقيب وتدعى كارني في العشرين من العمر كانت ضمن طاقم دبابة وسألها زميلها: هل ترين مدنيين أمامك فقالت لا أدري ومن شدة خوفه طلب منها إطلاق النيران فوراً على كل من يتحرك أمامها إلى أن أدركت أن من قتلتهم كانوا من المستوطنين»، وهكذا جرى قتل الإسرائيليين من مستوطنة «حوليت» في تلك المنطقة حين كان الفلسطينيون الذين اخترقوا الجدار يتحركون داخل بعض المستوطنات وهم يرتدون ملابس مدنية وليس عسكرية ولم تتمكن هذه القوات الإسرائيلية من التمييز بين الذين تشاهدهم من حولها.
وقبل أيام من نشر هذه الأحداث، ذكرت صحيفة «هآريتس» أن الطائرات المروحية الإسرائيلية التي كان مسرح عملياتها في تلك المنطقة في الأيام الأولى لعملية «طوفان الأقصى» أثناء ملاحقة تحركات الفدائيين بين وداخل المستوطنات، كانت هي أيضاً قد قتلت بنيرانها عدداً من الشبان الإسرائيليين والأجانب الذين شاركوا في مهرجان الحفل الموسيقي في الهواء الطلق في السابع من تشرين الأول الماضي حين كانوا يتراكضون هاربين بعد سماعهم أصوات التفجيرات قرب ساحة المهرجان في وضح النهار، وكانت المروحيات الحربية تظنهم من الفلسطينيين، بل وتركت جثثهم لعدة أيام إلى أن أدركت السلطات أنهم قتلوا بقذائف ونيران من مروحيات جيش الاحتلال وليس من نيران بنادق الفدائيين.
ويعترف أحد المحللين الإسرائيليين أن الفلسطينيين الذين اعتقلهم الجيش بمسرح عملياته في مستوطنات غلاف قطاع غزة بعد إصابتهم بجراح أنهم نفوا أثناء استجوابهم أي صلة لهم بما وقع قرب ساحة المهرجان من تفجيرات للسيارات وإطلاق القذائف لأنهم اعتقلوا وبحوزتهم بنادق فقط.
العميد رافيف ماحميا اعترف في مقابلة مع «القناة 12» العبرية أن «الضباط الجدد في سلاح الدبابات والدروع واجهوا صعوبات معقدة في مهامهم داخل وبين المستوطنات ولم يتمكنوا من استكمال التدريب القتالي وأخطأ بعضهم بإطلاق النيران أثناء تحركهم بالمدرعات بين الطرق على المستوطنين»، وكشف تقرير مجلة «غري زون» الإنكليزية أن «جثثاً كثيرة تفحمت من الاحتراق من قذائف الدبابات في حين لم يكن لدى المسلحين الفلسطينيين قدرة على حمل واستخدام مثل هذه القذائف، وهكذا قتل إسرائيليون بنيران جيشهم»، وأضافت «غري وزن» الإلكترونية إن مراسلها وثق بتقرير نشرته في 26 تشرين ثاني، كيف أطلقت دبابة نيرانها على منزل في كيبوتس، مستوطنة تعاونية صغيرة، تدعى باعيري، في 7 تشرين أول وقتلت 12 مستوطناً وكان من بينهم الطفلة لييل حيتصروني، التي تظهر صورتها في ملصق في حملة إعلامية تحريضية على الفلسطينيين لاتهامهم بقتل هذه الطفلة».
يبدو من الواضح أن الفدائيين الذين تحركوا داخل المستوطنات، كانوا يعطون الأهمية لأسر جنود أو مستوطنين ونقلهم إلى داخل قطاع غزة، وليس لقصف بيوت أو سيارات، لأن معظمهم اخترق الجدار الفاصل ببندقيته وربما بقنابله اليدوية، وواحدهم ليس لديه وقت طويل يقضيه، بعد أن حقق المفاجأة وحمل معه أسرى وغادر إلى القطاع لتأمينهم في المواقع المعدة للاحتفاظ بهم.